لتجاوز الرتابة والإزعاج الذي يمكن أن يسببهما إدخال كلمات السر في كل مرة تريد فيها فتح هاتفك الذكي، تحوي العديد من الهواتف الذكية ميزات مثل مسح البصمات والتعرف على الوجه وغيرها من الأنظمة البيومترية الأخرى (biometric systems).

المشكلة في هذه الميزات سهلة الاستخدام أنه بجرد اختراقها -نعم يمكن اختراقها- فلا يمكن إعادة ضبطها.

يقول وينياو شيو (Wenyao Xu)، الأستاذ المساعد لعلوم الكمبيوتر والهندسة في كلية الهندسة والعلوم التطبيقية جامعة بافالو (University at Buffalo): «لا يمكنك أن تحصل على بصمة أو قزحية جديدة إذا تم الكشف عن هذه المعلومات ولذلك نحن نطور نوعًا جديدًا من أنظمة الحماية التي تعتمد على قياس الأمواج الدماغية استجابةً لسلسلةٍ من الصور، وككلمات السر، هذه الأنظمة قابلة لإعادة الضبط، إضافةً إلى أنها سهلة الاستخدام كالمستشعرات البيومترية».

نظام كلمة السر الدماغية، والذي يتطلب أن يرتدي المستخدم أداةً على رأسه، قد يكون له تأثيرات على أنظمة البنوك والشرطة وأمن المطارات وغيرها من المجالات.

يقول بروفيسور علوم الحاسب في جامعة بوفالو، زانبينغ جين (Zhanpeng Jin): «هذه أول دراسة بحثية معمقة حول نظام بيولوجي دماغي قابل للإلغاء».

عُرضت الدراسة في 11/6/2018 في مؤتمر MobiSys للهواتف الذكية الرائدة (flagship mobile conference).

لماذا صور المشاهير والحيوانات؟

بدأ شيو العمل على أنظمة قفل بيومترية قابلة للإلغاء بعد أن قام قراصنة بسرقة بصمات 5.6 مليون عامل في مكتب إدارة شؤون الموظفين في أمريكا.

وتعتبر أكثر الطرق سهولة لقياس النشاط الكهربائي للدماغ هي تخطيط كهربائية الدماغ (electroencephalography) والتي يتم فيها استخدام أقطاب كهربائية (electrodes) لتسجيل أنماط النشاط الكهربائي الفريدة للدماغ.

ومن أجل هذا النظام، قام شيو والمشاركون بتعديل نظارة واقع افتراضي لتقليص عدد الأقطاب الكهربائية إلى 6 بدلًا من ال 32 أو 64 قطب المعتادين.

ثلاثة لتسجيل النشاط الكهربائي، اثنان يعملان كأرضي كهربائي وواحد يعمل كنقطة مرجعية.

تقيس الأقطاب التي تسجل النشاط الدماغي ثلاثة مناطق من الدماغ هي: التلم داخل الفص الجداري (intraparietal sulcus) والذي يتحكم في الذاكرة التقريرية (declarative memory)، والفصيص الجداري السفلي (inferior parietal lobule) والذي تتم فيه عمليات التعرف على الوجوه، والموصل الجداري الصدغي (temporal parietal junction) والتي لها علاقة بالقراءة والفهم.

اختار الباحثون أنواعًا معينةً من الصور لتحفيز كل منطقة من الدماغ.

اختاروا صور الحيوانات لتحفيز التلم داخل الفص الجداري لأن الذاكرة المتعلقة بحيوانٍ معين مميزةٌ لكل فرد.

على سبيل المثال فإن ردة فعل شخصٍ تعرض لعضة عنكبوت تختلف عن شخص لم يتعرض لها.

أما للفصيص الجداري السفلي، فقد استخدموا صور مشاهير معروفين كـ ليوناردو دي كابريو، وللموصل الجداري الصدغي استخدموا عبارات محفزة مثل اطمح كي تُلهِم (aspire to inspire).

كيف تعمل أنظمة الحماية الدماغية؟

تُعرض الصور للمستخدمين الثلاثة في تتابع سريع (1.2 ثانية تحديدًا). ثم تكرر العملية ثلاث مرات أخرى.

في نهاية المرة الرابعة، بعد 4,8 ثانية، تكون كلمة المرور الدماغية جاهزة.

قام الباحثون بتجريب النظام على 179 راشدًا (93 رجلًا و86 امرأة) وكان العمر المتوسط للمشاركين 30 سنة.

جمع الباحثون البيانات من ثلاث جلسات، إحداها كانت بعد 5 أشهر من الاختبار الأول (الغرض من الاختبار معرفة كيف تتأثر “كلمة السر الدماغية” عبر الزمن).

بشكل عام، كانت “كلمات السر الدماغية” فعالة بنسبة أعلى من 95% مع انخفاض طفيف بنسبة 1% في الاختبار الأخير.

متبنون مبكرون ومخاوف بشأن الخصوصية

قد لا يعجب ارتداء نظارة الواقع الافتراضي مستخدمي الإنترنت العاديين ولكن هذا قد يتغير مع مرور الوقت، كما يقول شيو، خصوصًا إذا أعيد تصميم الجهاز ليشبه نظارة غوغل مثلًا.

إضافةً إلى ذلك يقول شيو: «إن الشركات المهتمة كثيرًا بالحماية الرقمية قد تكون أولى المتبنيين لهذه التكنولوجيا».
وبالنسبة للمخاوف على خصوصية المستخدمين، يقول شيو، الذي يخطط للاستمرار بتطوير هذا النظام لجعله أكثر وثوقية وجاذبية للمستخدمين: «حتى لو تم اختراق النظام فإنه لن يكشف عن معلومات حساسة».

ويضيف: «تحتوي كلمات السر هذه على معلومات مأخوذة من ثلاث مناطق دماغية في أقل من 5 ثوان، وهجمات الذاكرة الدلالية (Semantic memory attacks) تحتاج لزمن أطول من ذلك بكثير».


  • ترجمة: مهران يوسف
  • تدقيق: بدر الفراك
  • تحرير: ندى ياغي
  • المصدر