لا يستمر مرض السكري من النمط الثاني بالضرورة مدى الحياة، إذ أظهرت تجارب سريرية مقامة عام 2017 أدلةً من أوضح الأدلة الموجودة حتى الآن، مفادها إمكانية إبطال مرض السكري من النمط الثاني، حتى عند المرضى المصابين به منذ زمن طويل.

وجدت تجربة سريرية تضمّنت حوالي 300 شخص في المملكة المتحدة برنامجًا مكثفًا لضبط الوزن، عكس مرض السكري من النمط الثاني عند 86% من المرضى الذين فقدوا 15 كيلوغرامًا أو أكثر.

يقول الباحث في مرض السكري من جامعة نيوكاسل روي تايلر: «تعد هذه النتائج مثيرة للغاية، إذ يمكن أن تحدث ثورةً في الأسلوب الذي يُعالج به مرض السكري من النمط الثاني».

فقد درس تايلور وزملاؤه الباحثون بدراسة 298 حالةً من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20-65 سنةً، والذين شُخّصت إصابتهم بالسكري من النمط الثاني خلال السنوات الست الماضية بغية إخضاعهم لتجربة تخفيف مرض السكري السريرية، Diabetes Remission Clinical Trial (DiRECT).

صُنّف المشاركون عشوائيًا لإخضاعهم إما لبرنامج ضبط الوزن المكثف أو لرعاية مرضى السكري التقليدية التي يشرف عليها الطبيب المراقب، واتخذت الأخيرة كمجموعة ضابطة (مجموعة تحكم).

المشاركون الخاضعون لبرنامج ضبط الوزن والذين بلغ عددهم 149 مشاركًا، كان عليهم إلزام أنفسهم بنظام غذائي منخفض السعرات الحرارية يتكون من مكونات مثل العصائر الصحية والشوربات، ما يحد من استهلاك 825-853 سعرةً حراريةً يوميًا لمدة تتراوح من ثلاثة إلى خمسة أشهر.

أعيد إدخال الطعام إلى حميتهم ببطء خلال أكثر من أسبوعين إلى ثمانية أسابيع، وأُعطيَ المشاركون الدعم المعنوي للحفاظ على تقدمهم بخسارة الوزن، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي والمساعدة في كيفية زيادة مستوى النشاط البدني لديهم.

ربما لا يعد هذا التغيير سهلًا للتكيف معه، إلا أنه “يوجد الطريق حيث توجد الإرادة”.

وقال خبير التغذية مايك لين من جامعة غلاسكو: «لقد توصلنا إلى حقيقة أن الناس مهتمون حقًا بهذا النظام، فقد وافق حوالي ثلث المشاركين في الدراسة عليه، وهو معدل أعلى بكثير من معدلات القبول المعتادة للتجارب السريرية لمرض السكري».

كانت الجهود قيمةً للغاية بالنسبة لمعظم الأشخاص المضحين في هذه الدراسة؛ بالاستناد إلى نتائج السنة الأولى والتي تم الإفصاح عنها هذا الأسبوع.

نجح ما يقارب 90% ممن فقدوا 15 كيلوغراماً أو أكثر في عكس مرض السكري من النمط الثاني بشكل تام، فيما حقق أكثر من النصف (57%) من أولئك الذين انخفضت أوزانهم 10 إلى 15 كيلوغرامًا تقدمًا ملحوظًا في طريق عكس المرض.

لا يزال هذا الإجراء (محاولة عكس المرض) يبدي نتائج إيجابية عند الذين فقدوا أوزانًا أقل – ما بين 5 إلى 10 كيلوغرامات والذين يشكلون 34% من المشاركين.

وباعتبار أن المجموعة الضابطة (مجموعة التحكم) التي تتلقى الرعاية التقليدية بمرض السكري قد أظهرت تقدمًا بنسبة 4%، تكون الحمية المدروسة خيارًا قويًا يمكن للمرضى الراغبين بعكس حالتهم الصحية اتباعه.

كان المعدل الوسطي لخسارة الوزن في هذه الدراسة حوالي 10 كيلوغرامات، فيما أبدى الخاضعون للرعاية التقليدية (المجموعة الضابطة) خسارةً وسطيةً مقدرةً بكيلوغرام واحد.

حقق حوالي ربع الأشخاص الخاضعين للحمية الضابطة للوزن خسارةً تقدر ب 15 كيلوغرامًا أو أكثر خلال 12 شهرًا، بالمقارنة مع انعدام الفرق عند أي من المجموعات الضابطة الأخرى.

من الجدير بالذكر أن الغالبية من الخاضعين للدراسة انتموا إلى العرق الأبيض، لذا يجب الحذر عند جزم فعالية هذه الحمية على الأشخاص المنتمين للأعراق الأخرى.

يقول الباحثون بالرغم من ذلك، إن نتائجهم تظهر قدرة التدخل الغذائي لوحده على المساهمة في تغيير المعتقدات حول النمط الثاني من السكري ومعالجته جذريًا، إذ من الواضح أنه ليس بحالة مزمنة تدوم مدى الحياة كما اعتقد العلماء سابقًا.

لا يدوم عكس هذا المرض، وبالطبع إذا عاد الناس إلى الطرق غير الصحية في الأكل والذي ساهم في معظم الحالات في تشخيص إصابتهم بالسكري من  النمط الثاني في المقام الأول.

سيكون من المثير للاهتمام مع استمرار تجربة طريقة DiRECT أن نلحظ كم شخصًا من  المجموعة بإمكانهم التمسك بسير نجاح خطة فقدان الوزن. يبدو بالرغم من ذلك وحتى الآن، تغير معيشة العديد من الأشخاص إثر إدراج هذا البرنامج إلى حياتهم.

وقالت إيزابيل موراي (65 عامًا) من منطقة نورث إيرشاي، والتي لم تتردد في قبول المشاركة في تجربة DiRECT: «لقد أصبت بمرض السكري من النمط الثاني منذ عامين أو ثلاثة أعوام قبل بدء الدراسة. كنت خاضعةً للعديد من الأدوية التي تتزايد باستمرار، ويزداد مرضي معها يدًا بيد.

اعتراني إحساس عارم بالسعادة عندما أخبرني الأطباء أن البنكرياس عاد للعمل مرة أخرى. لا أصنف نفسي مريضة سكري بعد الآن، إذ أني من الأشخاص المحظوظين الذين شاركوا في هذه التجربة».


  • ترجمة: مريم عيسى
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر