تصدرت عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم أنباء عن (ثعبان مشبكي- reticulated python) بحجم شاحنةٍ صغيرةٍ قتل وابتلع امرأةً بكاملها في إندونيسيا.

لكن كم مرةً أكلت هذه الثعابين الناس؟، اتضح أنه أمرٌ نادرٌ جدًا.

قال دايفيد بينينغ David Penning أستاذٌ مساعدٌ في علم الأحياء في جامعة ولاية ميزوري الجنوبية: «في البيئات الطبيعية يُعتبر أمرًا نادرًا للغاية، وأكثر ندرةً من أذيات الأفاعي بين من يملك ثعابين كبيرة ولا يأخذ احتياطات السلامة المناسبة».

وقال أيضًا: «مع ذلك، فإن هذه الهجمات القاتلة ليست شيئًا جديدًا ولم يُسمع به من قبل، فحالات الثعابين العملاقة البرية التي تنظر إلى الناس كفريسةٍ محتملةٍ قد تزداد مع إزالة البشر المزيد من البراري لتحويلها إلى مزارع».

تُعتبر المواجهات مع الثعابين البرية أكثر شيوعًا بين السكان الأصليين الذين يعيشون في الغابات المطيرة من أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية.

ففي دراسةٍ أُجريت عام 2011 نُشرت في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، فحص الباحثون مقابلاتٍ مع 120 شخصًا من سكان Philippine Agta Negritos أُجريت عام 1976، ووجدوا أن 15 من أصل 58 رجلًا بالغًا (26٪؜)، وامرأةً واحدةً من أصل 62 امرأةً (2٪؜) نجَوا من هجومٍ لثعبانٍ (مشبكيّ- reticulated python)، بالإضافة إلى ستة أشخاصٍ قُتلوا من هجوم ثعبانٍ كبير الحجم بين عامي 1934-1973، حسب المعلومات المقدمة في المقابلات.

في الحالة الإندونيسية الأخيرة، فإن Wa Tiba سيدةٌ بعمر 54 عامًا خرجت ليل الخميس 14 يونيو/ حزيران وبيدها مصباحٌ يدويٌّ لتتحقق من حديقة خضراواتها التي تقع في منطقةٍ صخريةٍ في جزيرة Muna المليئة بالكهوف والمنحدرات، والتي يُعتقد بامتلائها بالثعابين حسب ما ذكرت Associated Press.

خرجت Tiba لأن الخنازير البرية كانت تغزو حقل الذرة وأرادت إيقافها، لكن أفعى بطول سبعة أمتار كانت بانتظارها فهاجمتها وابتلعتها بالكامل.

بحثت عائلتها وسكان القرية عنها في اليوم التالي لكنهم لم يجدوا سوى أمتعتها، بما في ذلك صندلها ومنجلها، وعلى بعد خمسين مترًا وجدوا ثعبانًا بجسمٍ منتفخ، قتلوه على الفور وحملوه إلى القرية.

قال Faris زعيم القرية: «عندما شُقّ بطن الثعبان وُجدت جثة Tiba سليمةً مع كل ملابسها، وقد ابتُلعت من رأسها».

يقول pening الذي لم يكن مشاركًا بقضية هذه المرأة: «لو لم يعثر فريق البحث على الثعبان الذي أكلها، فلن يكون هناك أي دليلٍ يُذكر على الهجوم، وكان من الممكن أن يكون الثعبان قد تغوّط ملابسها (اعتمادًا على ما كانت مصنوعة منه)، ولكن الثعابين يمكن أن تهضم جسدًا بأكمله حتى العظام».

« تملك الثعابين جهازًا هضميًا فريدًا من نوعه، قادرًا على تأمين الطاقة اللازمة لزيادة سعة الهضم التخزينية، يمكن للثعابين هضم كل شيء».

جمجمة ثعبانٍ بطول 5.1 متر، نلاحظ مفاصله المتحركة التي تسمح بتوسيع الفكين والتحرك ليتمكن الثعبان من ابتلاع الفريسة الضخمة.

جمجمة ثعبانٍ بطول 5.1 متر، نلاحظ مفاصله المتحركة التي تسمح بتوسيع الفكين والتحرك ليتمكن الثعبان من ابتلاع الفريسة الضخمة.

(صيادو الكمائن – Ambush hunters):

يقول penning: «تصطاد الأفاعي المشبكية من خلال اختيار منطقةٍ تفوح منها رائحة الفريسة، بعد ذلك تنتظر الفريسة قبل أن تطعنها بأسنانها المنحنية وتلفَّ جسدها حولها، الأمر الذي يؤدي إلى سكتةٍ قلبيةٍ ووفاة (خلافًا للاعتقاد الشائع أن الثعابين تخنق الفريسة حتى الموت، كما ذُكر سابقًا في Live Science)».

قال Brad Moon أستاذ علم الأحياء في جامعة لويزيانا في Lafayette: «مع ذلك، فإن العملية التالية هي ابتلاع الفريسة بكاملها، التي تُعتبر أسهل في حال الوجبة النموذجية للثعبان (القوارض، والغزلان، والخنازير البرية، وحتى القردة) من ابتلاع البشر، وذلك لأنه من السهل على الثعبان أن يوسّع فكه حتى يبتلع حيوانًا صغيرًا، أو تلك الأكبر حجمًا من الرأس إلى الورك.

على عكس ذلك فإنه يصعُب على الأفعى أن تحيط بفمها كتفي الإنسان مربعتيّ الشكل».

«وبسبب العائق الكتفيّ بالإضافة إلى الحجم الكبير لبعض البشر، نجد أن الثعابين لا تهاجم الناس، لكن إذا كان الشخص صغيرًا والثعبان كبيرٌ بطول أكثر من ستة أمتار مثلًا فمن المحتمل أن يهاجمه الثعبان ويقتله ثم يأكله».

أشار Moon إلى وجود (ثعابين بورمية- Burmese pythons) عدوانية استوطنت فلوريدا على مدى العقود القليلة الماضية، لكنها عادةً أصغر من الثعابين المشبكية، إذ سُجّل أقصى طولٍ لها 5.8 متر رغم أنها نادرًا ما تتخطى 4.6 متر.

ورغم أن الثعابين البورمية ليست كبيرة، إلا أنه لا يزال من المهم اتخاذ احتياطاتٍ أثناء الرحلات في مناطق استيطان الثعابين، على سبيل المثال: الانتباه للأطفال، والحيوانات الأليفة الصغيرة، بالإضافة إلى الانتباه لخطواتك.

هذا الهجوم يُعتبر الثاني خلال عامٍ تقريبًا، ففي مارس الماضي ابتلع ثعبانٌ رجلًا يبلغ من العمر 25 عامًا في مقاطعة West Sulawesi بإندونيسيا، حسب ما أوردته Associated Press.


  • ترجمة: كنان مرعي
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر