أنت تعلم الفرق، فعندما تكون في مزاج جيد، فإنك تميل للشعور بالفرح والسعادة، وكونك في مزاج سيئ عندما تميل إلى أن تكون حزينًا وغاضبًا.

تختلف المشاعر عن المزاج في ثلاثة أوجه:

أولًا، يميل المزاج إلى أن يستمر أكثر بكثير من المشاعر، فقد يستمر لساعات أو أيام، في حين أن المشاعر قد تستمر لدقائق محدودة فقط.

ثانيًا، المشاعر مرتبطة بأمر معين، مثل شخص أو موقف معين، ولكن المزاج أكثر تعقيدًا ويحدث من دون وجود أمر معين، فالمزاج هو إحساس عام، وليس رد فعل لموقف معين.

وثالثًا، المزاج ليس بشدة المشاعر، والتي من الممكن أن تكون إحساسًا شديدًا مثل البهجة، الرعب، أو اليأس.

وعلى العكس، قد لا تكون مدركًا أنك في مزاج جيد أو سيء إلى أن يؤثر هذا الأمر على استجابتك للمواقف.

المزاج مرتبط بالمشاعر؛

عندما تكون في مزاج سيء، ستكون ميالًا للمرور بمشاعر سلبية مثل الحزن، الغضب، أو الخوف من شيء ما. ولكن عندما تكون في مزاج جيد، ستكون ميالًا للشعور بالفرح أو التفاؤل بخصوص شيء ما. ولهذا فإن طبيعة المشاعر من الممكن أن تخبرنا أكثر عن طبيعة المزاج.

طبقًا للنظرية التي تفسر المشاعر والمسماة “مؤشرات الدلالات اللفظية”، المشاعر هي أنماط إطلاق مجموعات كبيرة من الخلايا العصبية التي تدمج التمثيل العصبي للمواقف، والتقييم الإدراكي لهذه المواقف، والتغيرات النفسية (Thagard and Schröder, 2014, Thagard 2018).

على سبيل المثال، كونك سعيدًا لأنك في إجازة، هي عملية عقلية تربط التمثيل العصبي المتعلق ب:

  • الإجازة، التي تشمل الكلمات والصور،
  •  تقدير أن هذه الإجازة ستحقق أهدافك مثل الحصول على المرح،
  •  التغيير في جسمك مثلا ازدياد دقات القلب وانخفاض الكولسترول.

ولكن ما هو المزاج الذي تمر به دون حدوث أي موقف معين؟ أقترح أن المزاج لديه نزعة ليرتبط بالمشاعر.

للملح نزعة للذوبان في الماء، وللقناني الزجاجية نزعة للانكسار عندما تسقط.

ولكن ما هي النزعة؟

يعامل الفلاسفة النزعة على أنها أمر شرطي مضاد.

على سبيل المثال، عندما تقول إن ملعقة الملح لها نزعة للذوبان في الماء هو أمر مشابه لقولك أنها إذا تم وضعها في الماء فإنها ستذوب.

لسوء الحظ، الطريقة الفلسفية التقليدية للتعامل مع الحقائق المضادة كهذه مرتبطة بالعوالم الممكنة.

عندما نقول: «إن الملح سيذوب» كأن نقول: «هنالك عالم ممكن مشابه لعالمنا الذي يذوب فيه الملح».

وصف النزعة على أساس الحقائق المضادة والعوالم الممكنة هو أمر عديم الجدوى نفسيًا وفيزيائيًا.

فهو لا يُظهر أي فهم لفيزياء الملح، وينتقل إلى الميتافيزيقيا الغامضة حول العوالم الممكنة بدلًا من السايكولوجيا التي يفكر بها الناس بخصوص النزعة.

طريقة أفضل لفهم المضادات هي من باحث الذكاء الاصطناعي جودا بيرل، فهو يقول: «إنك تستطيع تقييم الحقيقة المضادة عن طريق التفكير في نموذج سببي يظهر كيف تتفاعل العوامل المختلفة مع بعضها البعض».

على سبيل المثال، نحن نفهم الآلية التي يذوب بها الملح لأننا نعلم أن كلوريد الصوديوم ينتج من ارتباط ذرات الصوديوم الموجبة مع ذرات الكلور السالبة، وعندما يتم وضع الملح في الماء؛ ستنفصل الأيونات.

معرفة هذه الآليات تبرر استنتاج أن الملح قابل للذوبان حتى لو لم يتم وضعه في الماء.

لدينا سبب للاعتقاد بأن المضادات صحيحة عندما نعلم الآلية التي تتنبأ بنتائج التلاعبات المختلفة.

وبصورة مشابهة، ميل المزاج لتكوين مشاعر سلبية أو إيجابية سببه الآلية التي تكوّن هذه المشاعر.

كونك في مزاج معين هو امتلاكك لعمليات تحدث في جسدك، وفي التقييم غير الواعي للمواقف في الدماغ، هذا الأمر سيكوّن نوعًا معينًا من المشاعر بالاستجابة إلى أنواع معينة من المواقف.

على سبيل المثال، إذا كنت في مزاج جيد، ستعمل وظائفك العضوية وتفكيرك الباطني بطريقة تجعلك تميل لتفسير المواقف الجديدة بصورة إيجابية.

وبصورة أكثر تحديدًا إذا كنت تملك بعض العلامات الفيزيولوجية للمشاعر الجيدة مثل انتظام دقات القلب، وانتظام التنفس، ومستويات الكولسترول، وإذا كنت تقوم بتقدير إيجابي للأمور، ستجعلك العمليات الباطنية التي تحدث في دماغك تستجيب للمواقف الجديدة بمشاعر إيجابية.

لذا فإن المزاج من الممكن فهمه على أنه مشابه للمشاعر من ناحية الآلية الدماغية.


  • المترجم: سنان حربة
  • المدقق: أحلام مرشد
  • تحرير: ندى ياغي
  • المصدر