دراسةٌ حديثةٌ يشارك فيها أكثر من 100,000 متطوّع وهي الأحدث من نوعها لإظهارِ أنّ التشابك الكموميّ يحدث بالفعل، وهي ظاهرةٌ كان آينشتاين غير متأكّدٍ بشأنها، وأطلق عليها «الأحداث الشبحيّة عن بعد».
وهذا الوصف يلخّصه بشكلٍ دقيقٍ، وهي فكرةٌ حول الجسيمات يمكنها التأثير على بعضها البعض عندما تكون غير مرتبطةٍ أو حتى عندما تكون على مسافةٍ بعيدةٍ، وهي تأخذنا بعيدًا عن عالمِ الفيزياء الكلاسيكيّة إلى ميكانيك الكم.
آينشتاين لم يكن مختلفًا تمامًا مع فكرة ميكانيك الكم، ولكن اقترح شيئًا آخرَ يحدث خلف الكواليس ليسبّبَ هذا الحدث الشبحيّ وهو شيءٌ لم يُكشف عنه بعد.
لقد رأينا بالفعل ظواهرَ التشابك الكموميّ، ولكن من الصعب على العلماء أن يُثبتوا بالفعل ما يحدث، فهناك احتمالية لمتغيّراتٍ مجهولةٍ تتسبب في هذه التأثيرات، كما قال آينشتاين.
وهنا يأتي دور مجموعة المتطوّعين، اللعبة صُمّمت لّلعب عبر الهواتف الذكية والأجهزة الأُخرى، وهي مصمّمة لتوليد أرقامٍ عشوائيّة، هذه العشوائيّة يجب أن تُثبِت أنّه ليس هناك متغيّرات خفيّة أو بنية خفيّة تلعب دورًا في ميكانيكا الكم.
هذه الأرقام التي أُنشئت، استُخدمت فيما بعد في مجموعةٍ من الاختبارات الكمّية عبر 12 مختبرًا مختلفًا لقياس الجسيمات المتشابكة مثل الفوتونات وفي مجموعةٍ مختلفةٍ من التجارب تُعرَف تقنيًّا باسم اختبارات بيل-bell tests وهي مُصمّمةٌ للتّحقُّق من صحّة فكرة التشابك الكمومي.
ولأوّل مرّة يَسدُّ هذا البحث إحدى أبرز الثّغرات في اختبارات بيل، وهي أنّ الارقام المُستخدمة لم يكن التنبُّؤ بها بصورةٍ كاملةٍ مستحيلًا.
إنّ الحصول على أرقامٍ عشوائيّةٍ حقيقيّةٍ في الواقع أمرٌ صعب، ولهذا السبب جُلبَ حشدٌ من المتطوّعين للعمل في التجربة.
إنّ الأشخاص لا يمكن التنبّؤ بهم، ويزداد الأمر عندما يستخدمون الهواتفَ الذكيّة.
يقول آندرو وايت وهو أحد أعضاء الفريق من جامعة كوينزلاند University of Queensland أستراليا:
«طلبنا من الناس أن تشاركَ بأرقامٍ لا يمكن التنبّؤ بها باستخدام الهواتف المحمولة وما إلى ذلك».
هذه القيمُ العشوائية بعدئذٍ حدّدت كيفيّة قياس الذّرات والفوتونات أو الموصلات الفائقة المتشابكة في التجربة لإغلاق الثغرات في اختبارات آينشتاين لمبدأ الواقعيّة المحلّيّة.
مفهومُ مبدأ الواقعيّة المحليّة ينصُّ على فكرة أنّ الحدث أو الملاحظات لا تملك أيّ تأثير على المواقع الأخرى، وبالتالي ما يمكننا أن نقيسَه في الكون ثابت، حتى وإن لم نلاحظه.
الفيزياء الكمّية ليست ملتزمةً بالضرورة بهذه القواعد، ومن خلال جمع الكثير من المُدخَلات العشوائية، أظهرت النتائج أنّ الفيزياء الكمّية يمكنها أن توضّح الكون من حولنا، من دون وجود أيّ عواملَ خفيّة، عذرًا آينشتاين.
يوضّح مارتن رينغبوير؛ أحد الباحثين من جامعة كوينزلاند أنّ كلًّا من المختبرات المشاركة أجرى تجربةً مختلفةً لاختبار الواقعيّة المحلّية في أنظمةٍ فيزيائيّةٍ مختلفة، وكذلك لاختبار المبادئ الأُخرى المتعلّقة بالواقعية.
«لقد أظهرنا أنّ الخاصّيّة الرئيسيّة للتشابك في الفضاء والتي تُسمى التّزاوجَ الأحاديّ للتشابك لا تصمد في النطاق الزمنيّ».
تتبع هذه الدراسة لأعمالٍ مشابهةٍ لاختبار بيل في وقتٍ سابق.
يطوِّر العلماء مستوىً جديدًا من العشوائيّة التي يمكن أن تُثبِت أنّ الافكار الكمومية لا تستندُ إلى بعض التّرتيب المعيّن أو النمط المخفيّ في الخلفيّة.
اعترف الباحثون أن تجاربَهم هي جزءٌ صغيرٌ لصورةٍ أكبر، ونحن بالطبع لا نعرف كل ما يجب معرفته حول فيزياء الكم بعد، ولكنها خطوة مهمّة للأمام في فهمنا للتشابك والواقعية المحلية.
وهي فقط لإظهار أنّ هناك الكثير مما يمكن فعله بالهاتف عوضًا عن تفقّد وسائل التواصل الاجتماعي وتصفّح الإنترنت.
يقول أحد الباحثين من جامعة جريفيث بأستراليا وهو جيف برايد Geoff Pryde: «أنا استمتعت خصوصًا بالجانب التوعويّ والمشاركة العامة، واستمعت بأننا أعطينا الناس الفرصة لفعل شيءٍ ما أثّر على كيفيّة سير التجربة».
تم النشر في: Nature
- ترجمة: يحيى بعيج
- تدقيق: ماجدة زيدان
- تحرير: يمام اليوسف
- المصدر