يجعل تسلسل الجينوم الكامل تسجيل المئات من الاختلافات الهامة في الدم أمرًا ممكنًا، مما يسمح بمطابقة أكثر دقة لنقل الدم في المستقبل.

معظم الناس على دراية بفصائل الدم (A,B,O,AB)، ولكن هناك المئات من (مستضدات الدم-Antigens) الإضافية الموجودة على مكونات خلايا الدم الحمراء والتي تستطيع أن تحفّز الاستجابة المناعيّة للجسم، كما أنها تختلف من شخص لآخر.

كل عام، يُبَلّغ عن ما يصل إلى ستَ عشرةَ حالة وفاة إلى الإدارة الفدرالية للدواء بسبب عدم تطابق مستضدات خلايا الدم الحمراء غير المرتبطة بأنواع فصائل الدم (A, B, O).

حاليًا لا توجد استراتيجية متاحة تستطيع أن تحدد جميع مستضّدات الدم، ولكن بما أن تسلسل الجينوم الكامل يمكن أن يصبح روتينيًا عند المرضى، فقد يكون من الممكن تحديث العلاج عن طريق تحديد كلا المانحين النادرين والمتلقين المعرّضين للخطر قبل عملية نقل الدم بأمان.

في دراسة حديثة، استفاد الباحثون في مستشفى بريجهام للنساء وكلية هارفارد الطبية بالإضافة لمركز الدم في نيويورك من مشروع (ميدساك-MedSaq)، وهو أول تجربة عشوائية لكامل تسلسل الجينوم في البالغين الأصحاء لتطوير وتثبيت برنامج حاسوبي يمكنه تحديد الاختلافات في أنواع دم الأفراد بشكل كامل ومناسب من حيث التكلفة بدقة تزيد عن 99%.

وأُعلن عن نتائج الفريق في مجلة Lancet.

وقال المؤلف الأول ويليام لين، دكتوراه في الطب، ومدير المختبر السريري للمعلوماتية، ومساعد مدير مختبر دراسة الأنسجة في قسم علم الأمراض BWA: «تشيع مضاعفات نقل الدم في المرضى الذين يحتاجون إلى نقل مزمن، ولكن التكنولوجيا الحالية غير فعّالة من حيث التكلفة لتسجيل مستضدات فصائل الدم كل على حدة».

«ولكن يمكن تطبيق الخوارزمية التي طوّرناها لتسجيل معلومات فصائل الدم لكل شخص بتكلفة منخفضة بمجرد الحصول على تسلسل الجينوم الخاص به».

أصبح نقل الدم واحدًا من أكثر الإجراءات شيوعًا في الطب مع أكثر من أحدَ عشرَ مليون وحدة دم منقولة في الولايات المتحدة سنويًا.

يمكن أن تكون المضاعفات الناجمة عن عمليات نقل الدم مهدِّدة للحياة.

فعندما يصادف الجسم مستضدات غريبة على الخلايا المانحة يحفّز إنتاج أجسام مضادة يمكن أن تدمّر الخلايا المانحة المنقولة له.

منذُ الولادة، يمتلك الناس أجسامًا مضادة فريدة لأنواع الدم (A, B, O)، لكن أجسامًا مضادة أخرى يمكن أن تُحفَّز ضد مستضدات دم معينة أثناء الولادة من خلال التعرّض للخلايا الجنينية أو التعرّض لخلايا مانحة خلال عمليات نقل دم متعددة.

هذا النهج لديه القدرة ليكون واحدًا من أول الاستخدامات السريرية الروتينيّة للجينومات لتقديم الرعاية الطبية للمرضى الذين هم بحاجة إلى نقل دم.

وقال المساعد الأول في مركز الدم بنيويورك M.Westhoff: «يمكن أن تُمنع المضاعفات الخطيرة وحتى القاتلة منها فقط عندما يتم تنبيه المرضى الذين لديهم مخاطر طويلة الأمد تجاه تفاعلات التحلّل الدموي في حال كانت عمليات نقل الدم طارئة».

اليوم، معظم اختبارات الدم للمانحين والمرضى تتضمن فقط مطابقة ABO و Rh، ومع هذا هناك أكثر من ثلاثمئة مستضدٍ لخلايا الدم الحمراء وثلاثة وثلاثين مستضدًا للصفائح الدموية المعروفة لنا.

لإنشاء طريقة فعّالة من حيث التكلفة لتسجيل الناس لهذه المستضدات تعاون لين (Lane) مع العلماء المديرين لمشروع MedSeq والخبراء في علم وراثة فصائل الدم في مركز الدم بنيويورك ليبنوا قاعدة بيانات ويطوروا خوارزمية جديدة لبرامج الحاسوب تعرف باسم (BloodTyper) يمكنها أن تتنبأ بشكل دقيق وسريع بملف مستضدات فصيلة دم المريض من خلال تسلسله الجيني.

وقد تحقّق الفريق من كفاءة البرنامج وجاءت النتائج بدقة 99%.

وقال أحد كبار الباحثين في الدراسة: «يوضّح هذا التقرير حالة استخدام غير متوقعة سابقًا، والفائدة التي ستتحقّق ستكون عند تحول تسلسل الجينوم بأكمله إلى جزء روتيني من الرعاية الطبية».

يمكن الآن من خلال تحديد تسلسل الجينوم تحديد المستفيدين المحتمَلين من نقل الدم، خصوصًا المحتاجين لأنواع دم نادرة، وكذلك من يمكنهم توفيرها بأمان.

وقد تم توفير التمويل اللازم لهذا المشروع من خلال جهات عدة مثل اتحاد البحوث السريرية البحثية، والمعهد الوطني لبحوث الجينوم البشري ومستشفى بريجهام للنساء وغيرها.

وللاطلاع على ماهية تلك المؤسسات وتاريخها الطبي يمكنك زيارة المصدر بالأسفل.


  • ترجمة: محمد غازي.
  • تدقيق: رزان حميدة.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر