لا يحصل واحد من كل ثلاثة أمريكيين بالغين على القسط الكافي من النوم، كما أن المسائل الجنسية مُنتشرة بشكل واسع حيث أن 45 بالمئة من النساء و30 بالمئة من الرجال يقلقون حيال حياتهم الجنسية وبينما تبدو هذه كأنها مخاوف مُنفصلة فإنها في الواقع مُرتبطة.

كيف يكون النوم والجنس مرتبطان؟ سأذكر ماهو واضح: ينام مُعظمنا ويمارس الجنس في نفس المكان وهو غرفة النوم، وماهو أقل وضوحًا وأكثر أهميةً أن النقص في النوم والنقص في الجنس يشتركان بأسباب مشتركة كامنة ومنها التوتر(الضغط).

والأهم بشكل خاص أن النقص في النوم يمكن أن يسبب مشاكل جنسية والنقص في الجنس يقود لمشاكل في النوم، والعكس فإن نوم ليلة جيدة سيقود لرغبة أكبر بالجنس هذا ويمكن أن تؤدي لذة الجماع لنومٍ أفضل.

أنا معلمة وباحثة في مجال الجنس قمت بنشر العديد من الدراسات حول فعالية كتب المساعدة الذاتية في تعزيز الأداء الجنسي، كتبت أيضًا كتابين للمساعدة الذاتية الجنسية وكلاهما استند إلى نتائج أبحاث، كتابي الأخير؛ ” “Becoming Cliterate: Why Orgasm Equality Matters – and How to Get It,”” يهدف لتمكين النساء للوصول إلى النشوة الجنسية. كُتِب كتابي الأول “دليل المرأة المُتعَبة للجنس العاطفي” وهو أكثر صلة بالعلاقة بين النوم والجنس لمساعدة عدد لا يحصى من النساء اللواتي أخبرن بأنهن مرهقات جدًا لاهتمامهن بالجنس.

تأثير النوم على الجنس بين النساء

السبب الذي دفعني لتأليف كتاب من أجل النساء المُتعبات جدًا من أجل الجنس هو أن النساء مُصابات بشكل غير متناسب (غير مُتكافئ) بكلٍ من مشاكل النوم والرغبة الجنسية المنخفضة، وإن العلاقة بينهما لا تقبل الجدل، حيث تميل النساء لأن تعاني من مشاكل النوم أكثر من الرجال.

وإن المرض الجنسي الأكثر شيوعًا الذي يدفع النساء للقدوم لمعالجي وأطباء الجنس هو الرغبة المنخفضة، واللافت للنظر أنّ التعب الشديد من أجل ممارسة الجنس هو السبب الرئيسي الذي يدفع النساء لفقدان رغبتهن.

وبالعكس فقضاء ليلة جيدة يمكن أن يزيد من الرغبة، حيث وجدت دراسة سابقة أن النساء صاحبات النوم الأطول كانوا أكثر رغبة بالجنس في اليوم التالي، حيث تؤدي ساعة إضافية واحدة فقط من النوم لزيادة فرص ممارسة علاقة جنسية في اليوم التالي بنسبة 14 بالمئة. وبنفس الدراسة أيضًا ارتبط النوم الإضافي بإثارة جنسية أفضل.

بينما أُجريت هذه الدراسة من قبل نساء جامعيات، فإن النساء اللواتي يعشن في ميادين الحياة الأخرى لديهنّ مشاكل تتعلق بالنوم والجنس مترابطة أكثر، ينطوي انقطاع الطمث على تفاعل معقد من المسائل البيولوجية والنفسية المرتبطة بمشاكل النوم والجنس.

والأهم من ذلك وجدت دراسة حديثة أنه عند انقطاع الطمث لدى النساء، كانت مشاكل النوم مرتبطة مباشرة بالمشاكل الجنسية، وكانت مشاكل النوم في الواقع هي فقط علامة انقطاع الطمث التي تم العثور عليها في هذه الصلة المباشرة.

إن مشاكل النوم والمشاكل الجنسية المُترابطة منتشرة أيضًا بين الأمهات. حيث أن أمهات الأطفال حديثي الولادة هم الأقل احتمالًا للحصول على ليلة جيدة، وذلك بشكل رئيسي بسبب رعايتهم لطفلهم أثناء الليل، ولكن مشاكل النوم المستمر والمشاكل الجنسية لدى الأمهات تكون غالبًا ناجمة عن وجود الكثير للقيام به والضغط المرتبطة بها.

النساء اللواتي يتزوجن بأطفال في سن المدرسة ويعملن بدوام كامل هم الأكثر عرضة للإبلاغ عن الأرق، ومع ذلك، فإن الأمهات غير العاملات اللواتي يعملن بدوام جزئي، واللاتي لا يعملن خارج المنزل، يخبرن عن مشاكل في النوم أيضًا.

بينما أن الآباء يعانون أيضًا من التوتر، يوجد دليل على أن القلق والليالي التي بدون نوم الناجمة عن ذلك تُضعف الرغبة الجنسية للنساء أكثر مما تفعله للرجال، وجزء من ذلك يعود للهرمونات، حيث يؤدي كلًا من النوم غير الكافي والتوتر إلى إطلاق الكورتيزول، والكورتيزول يخفض التستوستيرون الذي يلعب دورًا رئيسيًّا في الغريزة الجنسية عند النساء والرجال.

يملك الرجال هرمون التستوستيرون أكثر بكثير من النساء، لذلك عند التفكير في هرمون التستوستيرون كخزان من الغاز، فإن الكورتيزول الناتج عن الإجهاد وقلة النوم قد يُفرغ الخزان الخاص بالمرأة ولكن يخفض فقط خزان الرجل إلى نصفه ممتلئًا.

تأثير النوم على الجنس بين الرجال

إنّ نقص النوم والتوتر تبدو أنها تؤثر على الأداء الجنسي للنساء أكثر من الرجال، ولايزال الرجال يعانون من المشاكل المتعلقة بهذه المناطق، حيث وجدت دراسة أن نقص النوم بين الشباب الأصحاء يؤدي لتدني مستويات هرمون التستوستيرون وهو الهرمون المسؤول عن كثير من غرائزنا الجنسية.

كما وجدت دراسة أخرى أنَّ انقطاع التنفس النومي بين الرجال يساهم بضعف الانتصاب وانخفاض عام في الوظائف الجنسية، ومن الواضح أن قلة النوم بين الرجال تؤدي لتناقص الوظائف الجنسية.

لم أستطع إيجاد دراسة تثبت هذا وذلك لأن العكس صحيح أيضًا، هذا ويبدو من المنطقي أن نوم ليلة أفضل عند الرجال سيؤدي لأداء جنسي أفضل كما تم إيجاده في الدراسة المذكورة سابقًا.

تأثير الجنس على النوم

إنّ للنوم والتوتر تأثير على الجنس فإن العكس صحيح أيضًا، فالجنس يؤثر على النوم والتوتر. يمكن أن يسبب القليل من الجنس نقص في النوم والعصبية، وبالعكس فإنه توجد أدلة على تناقص هرمون التوتر أي الكورتيزول بعد النشوة الجنسية.

وأدلة أيضاً أن “هرمون الحب” وهو الأوكسيتوسين والذي يُفرز بعد النشوة الجنسية يتم إنتاجه ليس فقط في المشاعر الهياجة للعلاقة مع الشريك وإنما عند نومٍ أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، يدّعي الخبراء أن الجنس قد يكون له تأثيرات خاصة بالنوع (الجنس) على النوم، حيث تزيد النشوة الجنسية بين النساء من هرمون الإيستروجين والذي يؤدي لنومٍ عميق، بينما هرمون البرولاكتين والذي يُفرز عند الرجال بعد النشوة الجنسية يتم إنتاجه عند النُعاس.

ترجمة العلم إلى مزيد من النوم ومزيد من الجنس

من الواضح الآن أنّ نقص النوم هو سبب كامن للمشاكل الجنسية كما أن المشاكل الجنسية هي سبب كامن وراء نقص النوم، يمكن أن تؤدي هذه المعرفة _والتي غالبًا ما يتم تجاهلها_ لحلول واضحة لكلا المشكلتين، في الواقع، اقترح الخبراء أن سلامة النوم يمكن أن تساعد في التخفيف من حدة المشاكل الجنسية وأن الجنس يمكن أن يساعد أولئك الذين يعانون من مشاكل النوم.

ليس مُفاجئًا بعد ذلك أن توصيات سلامة النوم وتوصيات تعزيز القدرة الجنسية لديها بعض التداخل (الاشتراك)، فعلى سبيل المثال يقترح الخبراء اتباع (التمسك) جدول زمني ويوصون أيضاً بتقليل استخدام الهواتف الذكية قبل النوم وعند قضاء الوقت مع الشريك، والمغزى من هذه الاقتراحات هو جعل غرفة نوم الشخص هي ملجأً حصريًّا لسعادة كلٍ من النوم والجنس.

لوري مينتز Laurie Mintz، أستاذة علم النفس ، جامعة فلوريدا University of Florid.


  • ترجمة: عدي بكسراوي
  • تدقيق: لؤي حاج يوسف

المصدر