لا تهتمّ الأفاعي بمضغ طعامها أولًا، بل أنها تفتح فمها على مصراعيه وتبتلع فريستها كاملة.

ولكنّ هذه الأفعى المائية ذات عين القطة من جنوب شرق آسيا اكتشفت طريقة تمكنها من تمزيق فريستها إلى أشلاء قبل تناولها.

لا تملك الأفاعي أسنانًا تمكنها من تثبيت فريستها ومضغها، لذلك فإنّ ابتلاع الطعام بأكمله يكون الأكثر منطقيّة بالنسبة لها.

تعيش أفعى جيراردا المائيّة (Gerarda prevostiana) في غابات المانغروف، حيث تصعب فرصة تواجد الطعام لذيذًا وشهيًا كما نجده نحن.

لكنّ فريقًا من الباحثين من جامعة سينسيناتي اكتشف أن هذه الأفعى لم تتمكن فقط من الصمود في مثل تلك الظروف بل أنها أيضًا تتغذى على أصعب الأطعمة من ناحية المنطق، إنها تحب تناول سلطعون البحر! المعروف عادة بوجود قشور شائكة أو صلبة تغطي كامل جسده.

ولكن هذه السلطعونات ككل الكائنات لديها نقطة ضعف.

أثناء تجديد تلك السلطعونات لهيكلها الخارجي يكون هذا الهيكل طريًا وهشًا إلى حد كبير ويستغرق ساعة تقريبًا حتى يمتلك صلابته مرة أخرى وهي اللحظة التي سرعان ما تستغلها تلك الأفاعي.

في تلك الأثناء يكون لدى الأفعى حوالي 20 دقيقة تقريبًا للاستمتاع بوجبتها الشهيّة.

ونظرًا لأن السلطعونات الرخوة ناعمة، فمن السهل أن تمزقها الثعابين إلى قطع أصغر. نعم ، يمكنهم فعل ذلك تمامًا بدون أيدي.

تُمسك الأفعى بالسلطعون بفمها، ثم تُشكل حلقة مع جسدها، ثم يتم سحب السلطعون من خلال هذه الحلقة بشكل متكرر، وسحقها ببطء، وهذا يجعلها أكثر ليونة، مما يسمح للثعبان تمزيق سيقان السلطعون وتناولها بشكل منفصل.

هذه الطريقة الشاقة تسمح لتلك الأفعى بأن تأكل فريسة أكبر من غرائرها من الثعابين الأخرى بنفس حجمها -ما يصل إلى أربعة أضعاف حجم ما يمكنها ابتلاعه بالكامل- ما يمنحها إمكانية الوصول إلى مورد غذائي غير قابل للمنافسة.

في الواقع درس الفريق اثنين من الثعابين الأخرى التي تعيش في نفس المنطقة.

وينتمي الثلاثة إلى عائلة (Homalopsidae) من الثعابين السامّة، التي تعيش في نفس الظروف، لكنهم يسعون إلى أنواع مختلفة من الفرائس.

يأكل ثعبان المانغروف الأبيض (Fordonia leucobalia) السرطانات الصغيرة ذات الدرع الصلب من خلال ابتلاعها كاملة، وثعبان الكانتور المائي (Cantoria violacea) يأكل الروبيان أيضًا عن طريق ابتلاعها كلها.

الخلاصة:

كل هذا ليس مجرد بحث علمي عن طريقة غريبة لتناول أحد الأفاعي لطعامها.

ولكن تعتبر هذه الدراسة نظرة رائعة على مفهوم يسمى «التطوّر المتقارب»، حيث تتطوّر الأنواع ذات الصلة بسمات مختلفة لاستغلال منافذها البيئية.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة هارولد فوريس (Harold Voris) من متحف التاريخ الطبيعي: «إنه يختبر بالفعل فكرة التطوّر المتقارب»، وأضاف: «هل نرى أنواعًا متشابهة من السلوكيات والمورفولوجيا وأساليب الصيد في مناطق جغرافية مختلفة؟ أم أنّ هناك اختلافات مهمة توحي بأنها جاءت بشكل مختلف؟».

هذا البحث منشور في المجلة البيولوجيّة لجمعية لينيان (Biological Journal of the Linnean Society).

  • ترجمة: حسني محمد.
  • تدقيق: صهيب الأغبري.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر