تحطم مختبر الفضاء الصيني “أكبر سفينة فضائية مفقودة”


في نهاية قصة اصطدام المحطة الفضائية الصينية حدث ما كان متوقعًا، وكان يأمله الجميع بعد فقدان السيطرة عليها حيث تحطمت محطة الفضاء الصينية (Tiangong-1) في الغلاف الجوي للأرض.

الدخول الناري للمحطة إلى الغلاف الجوي كان قريبًا من المكان الذي كان سيختاره العلماء، وهذا إذا ما أتيحت لهم الفرصة للسيطرة على المركبة خلال عودتها نحو الأرض، لكن منذ زمن بعيد، تمّ تعقّب مكان العودة بشكلٍ مقَّرب.

معظم الحطام الفضائي يحترق في الغلاف الجوي، وبالنسبة لنا هذا حظٌّ عظيم، حيث يوجد الكثير من الحطام في ذلك الغلاف، لكنّ هذه المركبة الفضائية كانت كبيرة ومتعددة الطبقات بما فيه الكفاية بحيث كان من الممكن على الأقل أن تنجو بعض الأجزاء من التحطم وتتمكن من الدخول، ومع ذلك، فإنَّ احتمال أن يصيب أي شيء من المحطة الفضائية شخصًا على كوكب الأرض تبدو متناهية في الصغر (حوالي مليون مرة أصغر من احتمالات الفوز بجوائز باور بول)، كما كتبت شركة Aerospace، وهي شركة أبحاث غير ربحية في الفضاء.

على لسان بيل أيلور (Bill Ailor) في موقع بيزنيس إنسيدر “Business Insider” وهو مهندس طيران مع مؤسسة الفضاء الجوي المتخصصة في إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي: «هذا ليس مستحيلاً، لكن منذ بداية عصر الفضاء … امرأة كانت في أوكلاهوما هي الوحيدة التي ندرك أنه تم لمسها بقطعة من الحطام الفضائي»، وكانت الاحتمالات دائمًا تشير أنه إذا نجا أي شيء من السقوط، فسوف يهبط في المحيط. ففي النهاية تغطي المحيطات 71 % من سطح الأرض، لذلك من الناحية الإحصائية سيكون هذا المكان الاحتمال الأكبر لأيٍّ شيءٍ ما في نهاية المطاف.

وهذا ما حدث

في حوالي الساعة 00:16 بالتوقيت العالمي (توقيت جرينيتش)، يوم الأحد الأول من إبريل عام 2018 انحرف مدار(Tiangong-1) أخيرًا بما فيه الكفاية لدرجة رصده في الهواء المحيط بكوكبنا، وقالت وكالة الفضاء الصينية في بيان لها إنَّ “الغالبية العظمى” من المركبات الفضائية التي يبلغ قطرها 34 مترًا (9 أمتار) و4.9 طنا تحترق في الغلاف الجوي، لكنّ براد توكر (Brad Tucker)، وهو عالم في الفيزياء الفلكية في الجامعة الوطنية الأسترالية، أخبر أحد متتبعي الأخبار أنّ بعض المواد قد نجت على الأرجح من هذا الاصطدام.

قال عالم الفلك جوناثان ماكدويل (Jonathan McDowell) في تدوينة له على موقع تويتر: «إنّ هذه المركبة يبدو أنّها انتهت في أكبر محيط على الكوكب وهو المحيط الهادي وهو ليس ببعيد عن “مقبرة المركبات الفضائية” حيث يحاول العلماء إزاحة النفايات الفضائية الكبيرة عن مدارها حتى تتحطم على الارض بشكلٍ آمن»، وأكمل في تدوينة أخرى: «من المرجح أن يكون الحطام في المحيط، وحتى لو تعثّر الناس فوقها، فإنّها ستبدو فقط مثل القمامة في المحيط وتنتشر على مساحة كبيرة من آلاف الكيلومترات المربعة».

من الإطلاق إلى الاصطدام

أطلقت الصين تيانجونج -1، التي تعني باللغة الصينية “القصر السماوي”، إلى المدار في 30 سبتمبر 2011. وأشادَ خبراء الفضاء بهذا الإنجاز الهام، وكانت المحطة نقطة انطلاق لبرنامج الفضاء الصيني الذي يستخدم لممارسة مناورات الالتحام في الفضاء وهو أمر ضروري لمزيد من استكشاف الفضاء، بما في ذلك استخدام محطات فضائية أكبر في المستقبل، كما خدمت تيانجونج -1 كنموذج أولي لمحطة أكبر حجمًا وأكثر قدرة وأكبر وزنا ب 20 طن: محطة الفضاء الصينية الكبيرة التي تتوقعها الصين وتعمل عليها يمكن أن تبدأ العمل في عام 2022.

زار تيانجونج -1 طواقم من رواد الفضاء، أو رواد الفضاء الصينيين إن دقّ التعبير. الأول كان طاقم مكون من ثلاثة أشخاص في يونيو 2012 ضم أول امرأة صينية في الفضاء. والثاني هو طاقم آخر من ثلاثة أفراد في يونيو 2013.

وبشكل إجمالي، قامت المحطة بست مرات متتالية من عمليات الالتحام مع مركبات الفضاء الأخرى مثل: شنتشو -8، شنتشو -9، شنتشو -10 وانتهت من جميع المهام المسندة إليها، وقدمت إسهامات مهمة لأنشطة استكشاف الفضاء في الصين، وفقا لما ذكرته مذكرة قدمتها الصين في مايو إلى لجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية، ولم يصل أي زائر إلى تيانجونج -1 بعد ذلك الطاقم الثاني، لكن المحطة ما زالت تجمع البيانات وتراقب سطح الأرض، وتراقب استخدام المحيط والغابات، وفقا لموقع Space.com.

في أوائل عام 2016، فقدت الصين الاتصال مع Tiangong-1 وفي سبتمبر من ذلك العام أطلقت الصين Tiangong-2، والتي زارها طاقم بعد شهر واحد من الإطلاق، ومنذ فقدان الاتصال، كانت Tiangong-1 تدور ببطء في المدار، لكن تحتاج الأجسام الموجودة في المدار الأرضي المنخفض إلى دفعة عرضية للحفاظ على مدارها، وإلا فإن تلك المدارات تنحرف في النهاية حتى تصل الأجسام إلى الغلاف الجوي للأرض.

عندما ضرب Tiangong-1 الغلاف الجوي، كان من المرجح أن يسافر حوالي 17000 ميل في الساعة (27400 كم / ساعة)، لكن كان من الممكن أن يكون التوقف مفاجئًا، لأن نقل ذلك الجسم بسرعة إلى هواء أكثر كثافة سيجعل منه كرة نارية.

أخيرًا، هبطَ كلّ ما تبقى منه في جنوب المحيط الهادئ، شمال غرب تاهيتي وقريبًا من ساموا، ويجدر بالذكر أنها لم تكن أكبر جسم يسقط على الأرض، مع أكثر من 14,000 قطعة خردة غير متحكم بها أكبر من الكرة الليَّنة متواجدة حول الأرض، لن تكون الأخيرة.


  • ترجمة: عمرو سيف
  • تدقيق: لؤي حاج يوسف
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر