هناك مكان في الصحراء حيث تبدو أشباح الجِمال وكأنها تخرج من قلب صخورٍ قديمة.

ابتساماتهم الخافتة، أجسامهم المهدبة وحتى رؤوسهم قديمةٌ ومتآكلةً بشكلٍ كافٍ لتجعل الأعين تراها وكأنها تلعب الحيل عليها.

لكن نقوش الجمال وما يبدو أنها حيواناتٌ شبيهةٌ بالأحصنة، هي حقيقية، حيث تعود النقوش الآيلة إلى التلاشي إلى مدرستين على الأقل من النحاتين القدماء في الجزيرة العربية.

موقع الجمل، كما يسميه الباحثون، ممتدٌ عبر حوض سكاكة في محافظة الجوف السعودية.

تدخلات البشر ومرور الزمن والتعرية كل ذلك قام بمحي كل علامات الأدوات المستخدمة والإشارات الأخرى لنقوش الجمل، مما جعل عملية تحديد زمن نحتها صعبة للغاية، حسب ورقة بحثٍ نشرت في التاسع من فبراير بمجلة Antiquity.

قدَّر الباحثون عمر هذه النقوش مابين 100 قبل الميلاد و 100 ميلادي، بالاعتماد على نمط الفن المنتشر بين الثقافات المزدهرة في تلك الحقبة.

وبشكلٍ مذهل، تم تحديد نمطين من نقوش الجمال الظاهرة في الحوض.

الأول يقوم على خلق صورٍ عبر نحت الصخور بأعماقٍ مختلفة (منحوتاتٌ عاليةٌ ومنخفضة).

أما المدرسة الفنية الأخرى فقامت بنقش الخطوط العريضة للجمال مباشرةً في الصخور.

الغرض من استخدام الجمال ليس واضحًا، لكن حسب الباحثين، كان لهذه الكائنات قيمة دينية بالنسبة للحضارات التي قامت بصنعها قبل قرونٍ من ظهور الإسلام.

بعض المجتمعات من تلك الحقبة مارست طقوسًا من ضمنها لمس أجزاءٍ من الجسم على صورٍ منقوشة، وهذا قد يدعم فكرة نعومة مقدمة أوجه بعض الجمال ــ جرَّاء لمس البشر لها بشكلٍ متكرر.

النقوش على الصخور الكبيرة البارزة بدورها قد تكون استخدمت كمعالم جغرافية في السنوات التي تلت صنعها، يكتب الباحثون، هذه النقوش أشارت على ما يبدو إلى بداية طريقٍ مناسبٍ للسفر عبر الصحراء.

في الوقت الحاضر، تهدد نشاطات البناء وزيارات الناس إلى المنطقة هذا الموقع القديم، يقول الباحثون.

في الخاتمة يكتب أصحاب البحث: «المهمة الرئيسية لهذا الفحص الأولي، هي خلق وعيٍ للمخاطر التي تحدق بهذا الإرث الثقافي، ولمضان حمايةٍ سريعةٍ للموقع من طرف السلطات السعودية».


  • إعداد : وليد سايس.
  • تدقيق: م. قيس شعبية.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر