قد لا تستند الكثير من النصائح الغذائية التي يتداولها العديد من الأشخاص بين بعضهم إلى أي أسس علمية قوية، والبعض منها قد يكون خاطئًا بشكلٍ ضار، وبعضها الآخر قد يكون صحيحًا ولكن بشكلٍ جزئي، ولهذا سنتناول في هذا المقال بعضًا من أكثر النصائح شيوعًا حول الحميات الغذائية مع ما توصّلت إليه الأبحاث من نتائج متعلقة بذلك.
1) الخرافة: الأغذية غنية الدسم غير صحية وستجعلك بدينًا.
الحقيقة: دائمًا ما يُربط النظام الغذائي الغني بالدسم بأمراضٍ عديدة على رأسها أمراض القلب والأوعية، ولكن وفقًا لدراسة ضخمة شملت أكثر من 135000 شخصًا من 18 دولة مختلفة ونشرت في دورية «The Lancet»؛ فإن إجمالي الوفيات كان أعلى لدى الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غنيًا بالكربوهيدرات وليس أولئك الذين يتبعون نظامًا أغنى بالدسم.
واقترح الباحثون بناءً على ذلك أنّ المعايير الغذائية العالمية يجب أن تولي انتباهًا لذلك وأنّ نتائجهم لا تدعم التوصيات الحالية للحد من كمية الدسم الكلية إلى أقل من 30% والدهون المشبعة إلى أقل من 10% من المدخول اليومي للطاقة، وعلى الرغم من ذلك يجب الانتباه إلى أنّ الدراسة لا تشجّع على اتباع نظامٍ غني الدسم أو منخفض الكربوهيدرات، وإنما تقترح بأن يكون النظام متوازنًا بحيث لا تتجاوز نسبة الكربوهيدرات 55% والدسم 35% من المدخول اليومي للطاقة، وبشكلٍ عام فيما يتعلق في الجزء الخاص بالبدانة.
إذا تناولت سعرات حرارية أكثر مما يتطلبه جسدك وطبيعة نشاطك اليومي ستزداد في الوزن مع الانتباه إلى أنّ 1 غرام من الدسم يحتوي على 9 كيلو كالوري مقابل 4 كيلو كالوري لكل 1 غرام من الكربوهيدرات والبروتين.
2) الخرافة: النظام الغذائي الخالي من الغلوتين أفضل وضروري للجميع.
الحقيقة: الترويج والانسياق نحو الأنظمة الغذائية الخالية من الغلوتين أقل شيوعًا في المناطق العربية، ومع ذلك يجب التنويه إلى هذه المسألة، فالأشخاص الذين يحتاجون نظامًا غذائيًا خاليًا من الغلوتين هم الأشخاص الذين يعانون من مرض مناعي ذاتي يدعى «الداء الزلاقي – Celiac disease» فقط، وتُقدّر الإحصائيات بأنه يؤثر على نحو 1% من الأشخاص في العالم، أي إن لم تكن تعاني من هذا المرض فلا يوجد أي داعٍ لاتباعك نظام غذائي خالٍ من الغلوتين.
3) الخرافة: الكميات الكبيرة من الكوليسترول في البيض سترفع بشكل كبير كمية الكوليسترول في دمك وتؤدي إلى إصابتك بأمراض القلب.
الحقيقة: جزء من هذه المعلومة منطقي، فالبيض يحوي كمية كبيرة من الكوليسترول، وارتفاع الكوليسترول في الدم أحد عوامل الخطورة للإصابة بتصلب الشرايين، ولكن حسب دراسة ضخمة تقصّى فيها الباحثون علاقة استهلاك البيض بخطر الإصابة بأمراض قلبية ووعائية لدى كل من الرجال والنساء، وجدوا أنّ تناول بيضة في اليوم (213 مغ من الكوليسترول) لا يؤدي إلى رفع كوليسترول الدم لدى جميع الأشخاص، كما أنّه لا يحمل تأثيرًا جوهريًا على خطر الإصابة بالأمراض القلبية والسكتة الدماغية.
4) الخرافة: الكافيين يعيق النمو ويسيء لصحة الفرد.
الحقيقة: يتواجد الكافيين في الكثير من المشروبات التي نستهلكها بشكل يومي، كالقهوة، الشاي، مشروبات الطاقة والمشروبات الغازية، ومع ذلك تصل الكمية الآمنة (أي التي لا تترافق بتأثيرات سيئة على الصحة) من الكافيين اليومي حتى 400 مغ للفرد البالغ، وهذا يعادل تقريبًا الكمية المتواجدة في 12 علبة كوكاكولا وستة أكواب (355مل) من الشاي الأسود المخمر، ولكن هذه المقولة قد تكون صحيحة بالنسبة للأطفال وخاصة أولئك دون 12 سنة، فالكافيين من المواد المنبهة وبالتالي يؤثر بشكل سلبي على النوم الضروري للنمو في تلك المراحل.
5) الخرافة: المياه المُكَربَنة أو الغازية تتسبب بحصيات في الكلية وتؤدي إلى هشاشة العظام وحل مينا الأسنان.
الحقيقة: المياه الغازية بدون أي مواد إضافية غير ضارة وهي مفيدة بقدر فائدة المياه العادية تقريبًا، ولكن المياه الغازية المضاف إليها مواد مثل حمض الفوسفور كما في المشروبات الغازية قد تزيد بشكل نسبي من تشكيل حصى الكلية، ولهذا قد ينصح الأطباء مرضى الحصى الكلوية من تجنّب المشروبات التي تحتوي على حمض الفوسفور كإحدى التوصيات للوقاية من تشكيل حصيات أخرى، أمّا بالنسبة للفكرة التي تقول بأنّ المياه الغازية تؤدي إلى حل العظام (أو نقص كثافة العظام، أو نقص معادن العظام).
فهذا قد يكون صحيحًا بالنسبة لمشروبات الكولا التي تحتوي على الفوسفور ولدى النساء دون الرجال، أمّا باقي المشروبات الغازية غير الحاوية على الفوسفور فلا يبدو أنها تحمل هذا التأثير. وأخيرًا، المياه الغازية بدون إضافات لا تحمل خطرًا كبيرًا على الأسنان على الرغم من أنّها أكثر حموضةً من المياه العادية، ومع ذلك إن تم استهلاك المشروبات التي تحتوي على مواد مضافة كالسكر وحمض السيتريك –التي ترفع الحموضة وبالتالي تزيد من التأثير الخطر على الأسنان– يوميًا وبشكل متكرر مع المضمضة بها أو إبقاءها في الفم لفترة قبل بلعها، عندها يزيد احتمال تخرّب الأسنان بشكل كبير وخاصةً على المدى الطويل.
6) الخرافة: يوجد في الجبنة مادة تسبب الإدمان كما المخدرات.
الحقيقة: لا يوجد شيء كهذا، والأمر في الأساس انتشر بناءً على دراسةٍ قام بها باحثون من «جامعة ميشيغان – University of Michigan» لمعرفة أي الأطعمة لا يستطيع الأشخاص مقاومتها وتسبب سلوكياتٍ مشابهةٍ للإدمان، ودور كل من معالجة الأغذية ومحتواها من الدهون ورفعها لمستوى سكر الدم في ذلك، فوجدوا من خلالها أن الأطعمة المعالجة الغنية بالكربوهيدرات والدهون والملح كالبيتزا مثلًا –التي احتلت المرتبة الأولى في أحد التجارب– تسبب عادات تناول طعام مشابهة للإدمان لكون هذه الأغذية يتم امتصاصها بسرعة، كما تقوم برفع سكر الدم بشكل كبير وهذا ما يسبب تلك العادات.
ولكن الجبنة، في جميع التجارب، لم تأتِ في المراتب الأولى، كما أنها لا ترفع سكر الدم بشكل كبير، وفي الحقيقة؛ لا يعزو البعض هذه المقولة الشائعة إلى هذه الدراسة فقط، بل أيضًا إلى احتواء الجبنة على بروتين يعطي تفككه في الجسم مادة تدعى «كازومورفين – Casomorphin» التي تحفز لاستجابة الأفيونية في الدماغ كما المورفين، وهذا صحيح جزئيًا فهذه المادة تفعل النظام الأفيوني ولكنها لا تسبب الإدمان، وفي التجارب لم تعطي هذه المادة استجابة كما المورفين.
7) الخرافة: المحليات الصناعية تسبب السرطان.
الحقيقة: قامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية باختبار وتقييم العديد من المحليات الصنعية كــ«الأسبارتام – Aspartame»، «السكرين -Saccharin » و«السكرلوز – Sucralose» ولغاية الآن جميع هذه المحليات آمنة بالجرعات القياسية، مع الإشارة إلى أنّ بعض البحوث الأولية تقترح بأنّ المحليات الصنعية يمكنها أن تغيّر التركيبة الجرثومية في الأمعاء، كما أنها قد لا تلبي حاجة الشخص من السكريات وبالتالي قد لا تكون فعّالة تمامًا في الحد من الوارد اليومي الإجمالي من السكر.
8) الخرافة: تسبب العضويات المعدّلة وراثيًا السرطان وتدمر البيئة.
الحقيقة: بدأت دراسة المحاصيل الناتجة عن العضويات المعدّلة وراثيًا منذ ظهورها في ثمانينيات القرن الماضي، ويفيد تقرير «الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب – National Academies of Sciences, Engineering, and Medicine» بأنّ هذه المحاصيل لا تحمل أضرارًا إضافية أو خطرًا أكبر على البيئة مقارنةً بالمحاصيل العادية، كما لم يوجد أي دليل لغاية الآن على أنَّها ترفع أو تقلل من المشاكل الصحية منذ أن بدأ تسويقها في التسعينات.
9) الخرافة: يسبب الملح مشاكل قلبية ويزيد الوزن.
الحقيقة: الحقيقة العلمية حول ما إذا كان تناول الملح باعتدال له تأثير سلبي أو إيجابي ملموس على صحتنا غير واضح إلى حد ما، فبحسب تحليل شمولي تضمّن أكثر من 6000 شخص وتم نشره في «الدورية الأمريكية لارتفاع ضغط الدم – American Journal of Hypertensio».
فلا يوجد دليل قوي على أنّ تقليل الملح ينقص من خطر النوبة قلبية أو السكتة دماغية أو الموت حتى لدى من يمتلك ضغطًا مرتفعًا، ولكنّه مع ذلك يمكن أن يخفف من ارتفاع الضغط حسب مراجعةٍ منهجيةٍ وتحليلٍ شموليٍّ آخر. أمّا بالنسبة لزيادة الوزن، فالملح لا يتسبب بزيادة الوزن وإنّما الأطعمة التي تحتويه كالمأكولات السريعة، بينما الملح بحد ذاته قد يتسبب باحتباس مؤقت للسوائل.
10) الخرافة: جميع الكربوهيدرات –بما فيها الأرز، الخبز، الحبوب والبطاطا– تتسبب بزيادة الوزن.
الحقيقة: تشكل الكربوهيدرات أكبر جزءٍ من الوارد الحروري اليومي، ومع ذلك فتقليل كميات الكربوهيدرات المعالجة كتلك المتواجدة في الخبز الأبيض والمعجنات أمرٌ جيدٌ ومفيدٌ للصحة. في حين أنّ البطاطا مثلًا قد تكون مصدرًا جيدًا للكربوهيدرات، فهي تحوي، بالإضافة إلى ذلك، على الألياف والبوتاسيوم وفيتامين C، وكذلك الأمر مع الذرة وحبوب الإفطار والحبوب الكاملة.
11) الخرافة: يحتوي السمك على كمياتٍ كبيرةٍ من الزئبق بشكل يضر بالصحة.
الحقيقة: تحتوي الحيوانات البحرية الضخمة كأسماك القرش والمارلين على كميات كبيرة من الزئبق، بينما الكميات المتواجدة في الأسماك الصغيرة فهي غير ضارّة، وتعد أسماك السلمون، السردين، الرنكة، التروت (السلمون المرقط) والماكريل أفضل الخيارات وفقًا لإدارة الدواء والغذاء الأمريكية.
- ترجمة: دانيا الدخيل
- تدقيق: المهدي الماكي
- تحرير: أحمد عزب
- المصدر