في عام 2017 نجح تلسكوب الفضاء جيمس ويب (JWST) باجتياز اختبار المُبرَد الفراغي والذي دام لأكثر من مئة يومٍ لإثبات قدرات الجهاز وإمكاناته كمرصدٍ متكامل.

وفي مؤتمرٍ صحفيٍ عقدته ناسا في العاشر من كانون الثاني ناقش المسؤولون في مركز جونسون للفضاء في هيوستن هذه الجهود وحجم هذه التجارب الناجحة. وقد سمح أكبر مُبرّدٍ فضائيٍ في العالم للفريق باختبار التلسكوب بجميع أجزاءه في درجات الحرارة المنخفضة جدًا التي سيتحملها في مهمّاته.

بالإضافة إلى ذلك، أظهر هذا الاختبار أن جميع المرايا وأدوات التلسكوب تتموضع في مكانها بدقة، مع مرآةٍ أساسيةٍ تتكون من 18 قطعةٍ تعمل كمرآةٍ واحدةٍ متجانسة.

كما سمحت الاختبارات لوكالة ناسا بمحاكاة العمليات كما ستحدث في المدار، والتأكد من أن نظام التوجيه الدقيق المتكامل يمكنه تتبّع نجمٍ من خلال النظام البصري، وضمان أن التلسكوب يمكنه المحافظة على التتبع الصحيح. هذه القائمة من التجارب الناجحة تجعل التلسكوب جاهزًا في الموعد المحدد للمضي قُدمًا لنرى الزوايا التي كانت غائبةً عن نظرنا في الكون.

تم الانتهاء من اختبار التلسكوب في الغرفة A، وهي منشأة اختبارٍ حراريةٍ مُفرّغةٍ من الهواء اكتسبت شهرتها من اختبار المركبة الفضائية أبولو. وحين تم الانتهاء من اختبارات أبولو في الحرارة العالية والبرودة الشديدة، تم تعديل الغرفة بشكلٍ كبيرٍ لاختبار تلسكوب جيمس ويب.

تم اختبار مركبة أبولو في درجات حرارةٍ منخفضةٍ تصل إلى 100 كلفن (173 درجةٍ مئويةٍ تحت الصفر)، ولكن مع هذه التعديلات، تم الاختبار في درجات حرارةٍ منخفضةٍ تصل إلى 40 كلفن (233 درجةٍ مئويةٍ تحت الصفر) مع عدم وجود اختبار درجة الحرارة العالية.

نجاح هذا الاختبار ليس فقط انجازًا هامًّا لتلسكوب جيمس ويب الفضائي ولإطلاقه المرتقب في سنة 2019، بل هو أيضًا شهادةٌ على شجاعة وقوة الإنسان.

حدث اختبار التبريد 24 ساعةً يوميًا في كل أيام الأسبوع طوال إعصار هارفي دون انقطاع، حيث تعاونت فرقٌ دوليةٌ معًا لتحقيق ذلك.

المضيّ قُدمًا:

بعد نجاح هذا الاختبار، سيتم نقل التلسكوب للتركيب لتكوين مرصدٍ متكاملٍ والخضوع لاختبار البيئة النهائي قبل السفر إلى موقع إطلاقه. وبالرغم من حصول تأخيرٍ تسبّب بتأجيل الإطلاق من 2018 إلى 2019، إلا أن التلسكوب الآن على الطريق الصحيح نحو الانطلاق في ميعاده الجديد.

قدرات التلسكوب تتجاوز أي شيءٍ تم إنشاؤه من قبلٍ بأشواط. هذا التلسكوب الضخم الذي وصفه فويتون بأنه: <<آلة الزمن الأكثر روعةً في العالم>>، أثبت جزء من هذه القدرات في الاختبار: فقد اكتشف محاكاة ضوء نجم لأول مرة.

وكان نظام التوجيه الفرعي الدقيق ناجحٌ ليس فقط في اكتشاف مكان الضوء، ولكن أيضًا في تتبع حركته. كانت هذه مجرد بدايةٍ في الاختبار، وأظهرت التطبيقات الرائعة التي سينفذها هذا التلسكوب.

ولأن التليسكوب يعمل بالأشعة تحت الحمراء، على عكس تليسكوبات الضوء المرئي مثل هابل، فإن تلسكوب جيمس ويب الفضائي يحتاج بيئةً باردةً مثل التي تم اختباره فيها، وهذا سيسمح له بمراقبة الضوء منذ اللحظات الأولى للكون.

بالإضافة إلى ذلك فإنه سيقدم لنا رؤيةً واضحةً طالما حلمنا بها للكواكب خارج المجموعة الشمسية، ومراقبةٍ عن كثب للكواكب الشبيهة بالأرض التي يمكن أن تثبت الاعتقاد بوجود حياةٍ خارج كوكب الأرض. التلسكوب لمّا يغادر الأرض بعد، لكن هذه الجهاز الهائل يُعد مصدر إلهام للكثيرين.


  • ترجمة: حبيب بدران
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر