يمكن للخلايا الجذعيّة المأخوذة من الأنسجة العضلية أن تعالج المشاكل الوعائية المترافقة بداء السكّري


قد تستطيع الخلايا الجذعية المعزولة من النسيج العضلي أن تحسّن الجريان الدموي عند مرضى داء السكري الذين يعانون من تطوّر اعتلالات شريانيّة في الأطراف، والتي تعد من المضاعفات المرفقة بالألم تحتاج نهايةً إلى جراحة، وقد تؤدي إلى البتر.

وجدت دراسة جديدة على الفئران في جامعة لينويس أن حقن خلايا جذعية عزّز نمو أوعية دمويّة جديدة، محسّنةً بذلك الدوران الدموي في الأنسجة المصابة من الأطراف.

كما سبّب حقن الخلايا الجذعية تغيّرًا في التعبير الجيني في النسج المحيطة، حثّ ذلك على إفراز عوامل تخفف الحالة الالتهابية وتحسّن الدوران الدّموي. نُشِرت هذه الدراسة في دوريّة (Theranostics).

يقول الكاتب الرئيس للدراسة لورانس لورانس دو برودسكي أستاذ بروفيسور بالهندسة الحيوية والطب ومدير مختبر التصوير الجزيئي التجريبي في معهد بيكمان العالي للعلوم والتكنولوجيا : «يعتبر PAD اعتلال الشرايين في الأطراف (اختصار -Peripheral Arterial Disease) يعتبر شائعًا عند مرضى السكري، إلّا أنّه صعب التّشخيص بسبب تأخّر ظهور الأعراض إلى مراحل المرض المتأخّرة. إنّ عدم معالجة اعتلال الشرايين الطرفية قد يؤدي إلى تقرّحات في القدم وحالات بتر في الأطراف والتي تَعُدُّ الآلاف في الولايات المتّحدة الأمريكية. إنّها حالة خطيرة، مكلفة ومضنية».

تبدأ شرايين الأطراف في مرض اعتلال الشرايين الطرفية بالتضيّق، مسبّبة الألم وتراجع وظيفة النّقل العائدة إلى نقص التروية والأكسجين. تعتبر خيارات علاج هذا المرض قليلة. تهدف بعض العلاجات الدوائية إلى زيادة النضح في الأطراف إلّا أنّها تبقى غير فعالة بالضرورة، كما يقول د. لورانس.

ينصح الأطباء مرضى اعتلال الشرايين الطرفية بالتمارين الرياضية، إلّا أنها مؤلمة وصعبة الممارسة، كما قد تعيق بعض المضاعفات القلبية الوعائية الأخرى عملية هذه الخطة.

يتطلب العديد من المرضى إضافة دعامات وعائية دموية أو شرايين التفافية.

تعاون فريق الدكتور لورانس مع مارني بوبارت، بروفيسور في علم الحركة وصحّة المجتمع، لاختبار فعالية الخلايا الجذعية المحقونة في مواضع تضيق الشرايين في الأطراف. يعتبر الدكتور بوبارت خبيرًا بالخلايا الجذعية الوسيطة التي تلعب دورًا في شفاء الجروح وتجديد الأنسجة في العضلات وباقي مواضع الجسم.

ركّزت دراسة ثانية على عوامل نمو أخرى فردية، تعزّز تشكّل (تعافي) الأوعية الدموية في عملية (توليد الأوعية الدموية –angiogenesis) لكنّها لم تلقَ نجاحًا عمليًّا.

يقول د.لورانس: «تعدّ توليد الأوعية عملية معقّدة تتضمن العديد من عوامل النمو، وتداخلات بين البروتينات المفتاحية. لهذا السبب لجأنا إلى خطة علاجية أكثر طبيعيّةً من السابقة لتعزيز تولد الأوعية عند مرضى الاعتلال الشرياني الطرفي، باستخدام الخلايا الجذعية».

ضيّق الباحثون جراحيًّا أحد شرايين فخذ فئران تجارب مصابة بمرض السكري، حقنوا خلايا جذعية وسيطة مأخوذة من نسيج عضلي لفئران يافعة، في أطراف فئران التجربة، في حين حُقِن محلول ملحي في أطراف مجموعة أخرى للتحكم والمشاهدة.

ثم استخدموا تقنية تصوير موسّعة، طُوّرَت في مخبر الدكتور لورانس لرصد جريان الدم وتشكّل الأوعية الدموية، مقارنين كلا الاختبارين التجريبي والشاهد بالإضافة إلى الأطراف المتأثرة وغير المتأثرة في كل فأر.

يقول د.بوبارت: «إنّنا كشفنا بوضوح قدرة الخلايا الجذعية الوسيطة في توليد الأوعية، النضح المحيطي و عمل العضلات. لاحظنا أنّ لهذه الخلايا القدرة على تعزيز شفاء الأنسجة العضلية من خلال تشكيل أوعية جديدة في النسيج التي تعوّض جريان الدم المحدّد. إنّ التطعيم بالخلايا الجذعية يؤمن الفرصة في ازدياد نمو الأوعية عند مرضى الاعتلال للحفاظ أو تجديد النسج العضلية الهيكلية المتضرّرة».

اختبر العلماء أيضًا تحليل الجين المعبر في النسيج، ووجدوا أنّ الفئران التي حُقِن إلى أطرافها خلايا جذعية وسيطة، كان التعبير الجيني في الطرف المصاب بالاعتلال مقاربًا له في الطرف السليم.

كما وجدوا أنّه بالمقارنة مع الفئران التي لم تتلقَّ حقنـًا بالخلايا الجذعية، تفعّلت في الأولى جينات أبدت مقاومة لمضاعفات سكرية أخرى، على سبيل المثال كُبحت جينات مرتبطة بالحالة الالتهابية عند الحقن.

أفاد د.لورانس: «تقترح نتائجنا إمكانية اللجوء للعلاج بالخلايا الجذعية عند المرضى بشتى مراحل مرضى الاعتلال غير المستجيب للتمارين العادية»، وأضاف: «يمكن للعلاج بالخلايا الجذعية إيصال المرضى إلى مرحلة  الاستجابة للتمارين، أو بإمكانه منع الحالة من التدهور إلى إجراءات بتر».

يطمح الباحثون في المرحلة اللاحقة إلى تعريف المجتمع بالخلايا الجذعية الوسيطة التي أبدت القدرة الأكبر في علاج حالات اعتلال الشرايين الطرفية، وتأمين الشروط الأمثل لعزل هذه الخلايا النادرة من الأنسجة الشحمية والعضلية الهيكلية عند البشر. كما يدرس الباحثون مدّة فعالية هذه الخلايا بعد الحقن، وماهية الفعالية الالتهابية التي تستهدفها.

يختم د.بوبارت: «إنّنا نسعى أيضًا إلى تطوير نهج خلوي لتجديد ترميم العضلات ونموها. كما نأمل تحديد التركيب الأمثل من العوامل التي تحرّرها هذه الخلايا بهذا الغرض، بالإضافة إلى تحديد وسط التحرّر الأمثل. يؤمن العلاج بالمشاركة الصحيحة للعوامل، فضلًا عن الخلايا ذاتها، الفرصة في التحايل على احتمالية الرفض المناعي لهذا العلاج».


  • ترجمة: مريم عيسى.
  • تدقيق: محمد نور.
  • تحرير: زيد أبو الرب.

المصدر