في الأسبوع الفائت، تمت زراعة نسيج مبيضي مجمّد منذ 10 سنوات في امرأة ناجية من السرطان تبلغ 25 عامًا وتأمل أن تسمح لها إعادة إحياء نسيج من حياة معلقة بتكوين عائلة.

تُعرف هذه العملية بالزرع المبيضي، وتتضمن عددًا هائلًا من المناهج في الطب، وبيولوجيا الخلية، والجراحة، وقد أجريت من قِبل مستشفى وينثروب التابع لجامعة نيويورك في مدينة مينيولا، محققةً سلسلة من السوابق.

فقد كانت هذه العملية الأولى من نوعها في لونغ آيلاند، الولايات المتحدة الأمريكية، والأولى المجراة على صعيد مرضى خارجيين (أولئك الذين يتلقون معالجات دوائية دون الإدخال إلى المستشفى) في أي مكان بالعالم، وكذلك أولى عمليات زرع المبيض التي تتضمن روبوتًا جراحيًا.

فأنجز فريقٌ طبيّ مؤخرًا هذه العملية التي استغرقت ساعتين، بقيادة د. كوتولوك أوكتاي (Kutluk Oktay)، وهو أول عالم جرّاح طبّق هذه التِقنية، وكان ذلك منذ عشرين عامًا تقريبًا في مستشفى نيويورك الميتودي في بروكلين، (وهو الآن جزء من شبكة مستشفى نيويورك المشيخي الإقليمي)، لكن في عملية الزرع الجديدة هذه استُخدم روبوت جراحي متعدد التجهيزات من منظومة دا فينشي الجراحية.

قالَ أوكتاي: «لقد طوّرتُ هذه العملية، وكانت حالتي الأولى في عام 1999، وقد نُشرت في دورية (New England) للطب»، وهو الآن طبيبٌ مقيم في مستشفى وينثروب لجامعة نيويورك، وخبير رائد في مجال حفظ الخصوبة، وكذلك أستاذ في طب التوليد، وطب النساء، والعلوم التكاثرية في كلية الطب في جامعة ييل.

وقد بحث أوكتاي، مع فِرقٍ علمية في الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، عن طريقة لحفظ خصوبة النساء اليافعات اللاتي شُخّصن بالسرطان وتعرضنَ لخطورة توقف القدرة على الإنجاب تمامًا، إذْ تحرّض علاجات السرطان الشديدة انقطاع الطمث، وبالتالي الخصوبة، لكن الخبر الجيد هو أنّ مايقارب 90 طفلًا قد أُنجِبوا بواسطة مبائض مزروعة منذ بداية الألفية الثانية.

لم تشأ مريضة الدكتور أوكتاي في مستشفى وينثروب لجامعة نيويورك، والتي عرفها منذ عام 2007، أن يذكر اسمها، لكنها أعطته صلاحية سرد النقاط الرئيسية لرحلتها الطبية الطويلة والشاقة، فروى أوكتاي: «لقد شُخصت المريضة بسرطان ابيضاض الدم في عمر الـ 15، ما تطلب زرع نقيّ عظام، فتلقّت جرعات عالية من العلاج الكيميائي والأشعة، والتي قد تبيد جميع البيوض، ولكن قبل بدء معالجتها، قمت بنزع أحد مبيضَيها، وقد تتضمن جميع البيوض غير الناضجة في ذاك الوقت».

وتعرف المبائض بكونها زوج من الأعضاء التناسلية، يبلغ كل منها حجم جوزة، وتنتج الخلايا البيضية، فتحمل كل بيضة 23 صبغيًا، وهو النصف الأمومي للموروث الجيني للطفل المكوّن من 46 صبغيًا، إذ يعطي كل من الأبوين 23 صبغيًا لحظة بدء الحمل.

وفي عام 2007 تم قطع الأجزاء المهمة من مبيض المريضة المثستخرج جراحيًّا إلى ما وصفه الدكتور بـ 15 إلى 20 شريحة؛ وهي قطع صغيرة رقيقة جدًا من النسيج المبيضي الذي تم حفظه بالتجميد.

وقد عولجت كل شريحة (كما شرح أوكتاي) بعاملٍ واقٍ من البرودة يسمى دي ميثيل سلفوكسيد (DMSO)، يمنع تشكل البلورات في الخلايا، فإذا لم تُعالج ستتشكل بلورات جليدية وتمزق الخلايا، جاعلة إياها عديمة الجدوى.

فقال أوكتاي: «لا نريد تجميد المبيض بأكمله، إذ توجد البيوض غير الناضجة على السطح، فيمكننا قشط تلك الطبقة، وهي ما نقطعه إلى شرائح صغيرة». ووضعت كل شريحة في قارورات (فيالات) صغيرة بحجم أنبوب أحمر الشفاه تقريبًا.
ومن ثم وضعت الفيالات في علب حفظت في حجرة من النتروجين السائل، حيث يمكن لدرجة الحرارة أن تنخفض لـ -140°م، أي ما يقارب -220 درجة فهرنهايت، ويقارب ذلك برودة سطح كوكب المشتري.

وشرح أوكتاي أنهم يستخدمون برنامج تبريد بطيء، حتى لا تتعرض الخلايا لصدمة بسبب البرودة، ويمكن لكل عينة معالَجَة بالعامل الواقي من البرودة أن تبقى بحالة حيوية معلّقة لأمد غير محدد، لتُذاب عندما تصبح النساء مستعدة لزرعها، وقد حُفظت العينات في البنك البردي في مانهاتن، وهو مستخزن للخلايا والنسج.

وقد تواصلت مريضة د. أوكتاي معه مؤخرًا لمباشرة العملية المجهزة لاستعادة الإباضة وجريان الهرمونات التناسلية، فنوّه أنها تزوجت وتريد تكوين عائلة، وأنّهم يحاولون مساعدتها لتحقيق ذلك.

وبالنسبة لأوكتاي، يعتبر إنجاز طريقة ما لحفظ الخصوبة على أكمل وجه عند نساء قاسَين السرطان، نتيجةً لسنوات من الجهد، فقد درس الموضوع مع باحثين في بريطانيا قبل العمل على مرضى في بروكلين، وكذلك بحث فيه عندما عمل ضمن طاقم مركز ويل كورنيل الطبي في مانهاتن.

تعد إضافة روبوت دا فينشي للعملية إجراءً جديدًا يسمح لعينات النسج أن تُزرع في الجسم من خلال شق أصغر، بواسطة الأيدي الصغيرة للروبوت، فقام أوكتاي بزرع ما ياقرب 14 عينة محفوظة ضمن المبيض المتبقي لدى المريضة منقطعة الطمث.

وقد اقترح أطباء الخصوبة حول العالم لزمن طويل إمكانية تأمين هذه التقنية قدراتٍ لنساء مصابات بحالات مرضية أخرى تحتاج لمعالجات موهنة، أو نساء يودنَ تأجيل الإنجاب.

فقد نجحن عملية الزرع المبيضي بشكل تام لدى روزاريا راتنبر (Rosaria Ruttenber) البالغة 39 عامًا، والتي عولجت مرتين لإصابتها بلمفوما هودجكن (وهو سرطان يصيب النسج اللمفاوية)، فأنجبت ابنتها جوليانا في عام 2014.

وأشارت أن مبيضها الأيمن قد أُزيل منذ 16 عامًا، وعولج بعامل واق من البرودة، وذلك قبل أن تخضع لمعالجة للسرطان بعمر الـ 23، ومن ثم دُمجت بيوضها المحفوظة بإلقاح أنبوبي مع نطاف زوجها، ويمتلك الثنائي الآن سبع أجنة محفوظة بالبرودة.

وقالت راتنبر ختامًا: «لقد كان ذاك طريقًا طويلًا ولكنه استحق العناء، وعندما أنظر للوراء، أسعد أننا قمنا بذلك». ونوّهت أنها تتطلع قدمًا لمحاولة إنجاب طفل آخر.


  • ترجمة: سارة وقاف.
  • تدقيق: لؤي حاج يوسف.
  • تحرير : رغدة عاصي
  • المصدر

مواضيع ذات صلة:

– سرطان عنق الرحم http://ibelieveinsci.com/?p=37477

– أكياس المبيض الاسباب و العلاج http://ibelieveinsci.com/?p=25466

– عملية استئصال المبيضين الوقائية ، وقاية ام مخاطر اكبر للاصابة بامراض اخرى ؟ http://ibelieveinsci.com/?p=24669

– المبيض متعدد الكيسات أسبابه و أعراضه و علاجه http://ibelieveinsci.com/?p=22893

– أدلة على أن هورمون الإستروجين لا يفرز من المبيض فقط http://ibelieveinsci.com/?p=10711

– علامات تدل على احتمال اصابتك بالسرطان http://ibelieveinsci.com/?p=39789

– هل يزيد استخدام اللولب من احتمال الإصابة بسرطان الثدي؟ http://ibelieveinsci.com/?p=36843