اكتشف فريق من الباحثين في معهد وايت هيد للبحوث الطبية الحيوية (Whitehead Institute for Biomedical Research) أن أنواعًا فرعية مختلفة من الخلايا العضلية تلعب دورًا هامًّا في تنظيم عملية تجديد الأنسجة.

تكشف ورقة بحثية نُشرت في 22 نوفمبر بعنوان” قضية الطبيعة” عن وجود نوع فرعي من ألياف العضلات في الديدان المسطحة ذي أهمية في تحفيز نشاط الجينات التي تبدأ عملية التجديد.

الجدير بالذكر، أنه في غياب هذه العضلات، يفشل تجديد الخلايا في المضي قدمًا.

وهناك نوع آخر من العضلات ضروري لإعطاء الأنسجة المجدّدة النمط السليم – على سبيل المثال، تشكيل رأس واحد بدلًا من اثنين.

يقول كبير المؤلفين (Peter Reddien)، وهو عضو في معهد وايت هيد، وأستاذ علم الأحياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومحقّق في معهد-Howard Hughes- الطبي: “أحد الأسرار المركزية في تجديد الأعضاء والأنسجة هو كيف بدأت الحيوانات جميع الخطوات الخلوية والجزيئية التي تؤدي إلى التجديد؟”.

لقد ساعدنا الكشف عن برنامج جزيئي مثير للدهشة في الإجابة عن هذا السؤال.

يعمل هذا البرنامج ضمن مجموعة فرعية من الخلايا العضلية التي تساعد في إنشاء المعلومات الجزيئية اللازمة لتجديد الأنسجة السليمة بعد الإصابة”.

على مدى أكثر من عقد من الزمان، درس(Peter Reddien) ومختبره الآليات البيولوجية التي يقوم عليها التجديد في نوع من الديدان المسطحة الصغيرة والتي تعرف بالمستورقات (planarians).

هذه الديدان تمتلك بعضًا من قدرات التجديد المثيرة للإعجاب: عندما تقطع الدودة إلى قطعتين، تستطيع كل قطعة من الدودتين أن تعيد بناء نفسها وتكوين أجزاء الجسم اللازمة لتشكيل كائنين كاملين.

في دراسات سابقة، قام فريق (Reddien) بتحديد مجموعة من الجينات، تُعرف باسم جينات التحكم في الموضع (position control genes)، تزوّد الخلايا بتعليمات خاصة بكل منطقة –مثل مجموعة من إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي—تخبر الخلايا بموقعها في الجسم، وبالتالي، جزء الجسم المحتاج للتجديد.

والمثير للاهتمام أن جينات التحكم في الموضع نشطةٌ في خلايا العضلات المخطّطة، مما يشير إلى أن العضلات قد تلعب دورًا رئيسيًا في عملية التجديد.

ويضيف (Peter Reddien): “أثار هذا الاكتشاف الكثير من الأسئلة حول كيفية مشاركة العضلات في هذه العملية”.

في المستورقات، هناك عدد قليل من أنواع الخلايا العضلية. على سبيل المثال، إذا كنت تتخيل الديدان كأنابيب أسطوانية بسيطة، فهنالك ألياف عضلية طولية، تمتد من الرأس إلى الذيل على طول المحور الطولي للأنبوب.

وهناك أيضًا ألياف دائرية، تكون عمودية على الألياف الطولية وتعانق المحيط الخارجي للأنبوب.

لتقييم أدوار هذه الأنواع المختلفة من الخلايا العضلية في التجديد، فإن المؤلف الأول (LucilaScimone) وزملاؤها بحاجة إلى طريقة لإزالتها بشكل انتقائي.

“myoD” هوجين وجد خصيصًا في الألياف الطولية. عندما يتثبط، تفشل تلك الألياف في التشكل. وبالمثل فإن الجين (nkx1-1) يحدّد الألياف الدائرية، وعندما تقل نشاطاتها، فإنها لاتنمو.

وباستخدام هذه الجينات كمشتات جزيئية، يمكن أن تختبر (LucilaScimone) ومؤلفوها المشاركون آثار استئصال هذه المجموعات العضلية المتميزة على التجديد.

والمثير للدهشة أنه عندما تمت إزالة الألياف الطولية، كانت النتائج دراماتيكية: الديدان يمكن أن تعيش بشكل طبيعي جدًا، ولكن عندما تصاب- إزالة رأس الدودة على سبيل المثال – فإنها لا تتمكّن من تجديد الأجزاء المفقودة.

تقول(LucilaScimone) وهي عالمة في مختبر(Peter Reddien): “هذه نتيجة مذهلة، فهذه الألياف الطولية تخبرنا أنها ضرورية لتدشين برنامج التجديد منذ البداية”.

وبعد أن تعمّق الباحثون أكثر في النتيجة، وجدوا أن وظائف اثنين من الجينات الحساسة قد تعطلت عندما فقدت الألياف الطولية.

وتُعرف هذه الجينات التي تسمى(follistatin) و(notum) بأدوارها الأساسية في التجديد، والتحكم في قرارات الرأس مقابل الذيل –أثناء تجدد الخلايا-واستمرار تكاثر الخلايا بشكل متوالٍ بعد إصابة الأنسجة.

وبالإضافة إلى هذا الدور الأساسي للألياف الطولية، كشف فريق البحث أيضًا عن دور رئيسي للألياف الدائرية.

عندما تختفي هذه العضلات، فإن المستورقات تبقى قادرة على تجديد أجزاءالجسم، ولكن يكون النمو بطريقة غير نمطية وبشكل غير طبيعي – على سبيل المثال، يتم تجديد اثنين من الرؤوس في طرف واحد، بدلًا من رأس واحد.

هذه النتائج تؤكد على دور هام وغيرمعروف سابقًا للعضلات – المعروفة على نطاق واسع لخصائصها الانقباضية – في توجيه برنامج تجديد الأنسجة.

وسيواصل الباحثون في (Whitehead) التحقيق في دور أنواع الخلايا العضلية المختلفة في التجديد في المستورقات، وأيضًا استكشاف ما إذا كانت الحيوانات الأخرى التي تتمتّع بقدرات التجديد تمتلك برنامج مماثل لتموضع العضلات من أجل الحصول على المعلومات الموضعية.

يقول (Peter Reddien):”من الصعب فهم ما يحدّ قدرات البشر على تجديد الجروح وإصلاحها دون معرفة الآليات التي تمكّن بعض الحيوانات، مثل المستورقات، من القيام بذلك بشكل مثير للدهشة بشكل جيد”.

مواضيع ذات صلة:

  • هل يمكن للقلب البشري أن يتجدد؟ الرابط
  • الأدمغة المصابة بالفصام لديها القدرة على التجدد. الرابط
  • هل يمكن أن تتحول الشحوم إلى عضلات؟ الرابط
  • هل تثبط مضادات الالتهاب نمو العضلات حقًا؟ الرابط
  • كيف تعمل العضلات؟ معلومات جديدة تثير حماس العلماء. الرابط
  • المعضلات الأخلاقية للسعي نحو الخلود البشري. الرابط
  • البروتينات لبناء العضلات بين هدر المال والمخاطر المحتملة. الرابط
  • هل جيناتك مختلفة عن جيناتها؟ كيف يؤثر جنسك على عضلاتك، الشحوم بجسمك وغيرها؟ الرابط

  • ترجمة: بشار الجميلي.
  • تدقيق: رزان حميدة.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر