يومًا ما كنت أشاهد فيلمًا في بيت صديقي، وعندما قررت تغيير القناة لم يعمل جهاز التحكم، ضغطت بشدةٍ أكبر على الزر لكن دون نتيجة، وكأي شخص قد يواجه مثل هذه الحالة فقد ضغطت على العديد من الأزرار العشوائية لكن دون نتيجة أيضًا، وإذا بصديقي ينتزع الجهاز من يدي ويصفعه براحة يده مرتين ويعيده إليَّ طالبًا أن أجربه من جديد، وبكل تأكيد، فقد عمل جهاز التحكم!

على الرغم من معرفتي السابقة لمثل هذه “التقنية”، إلا أنه لا يمكنني إلا أن أستغرب كيف يساعد مثل هذا الحل العنيف، وكيف لجهاز تحكم عن بعد (يعمل بالبطاريات) وقد توقف عن العمل أن يعود ويعمل بمجرد صفعه وصدمه عدة مرات؟
إنه أمرٌ غير موضوعي حتمًا، ولا يمكننا القول بثقةٍ أن ضرب جهاز التحكم بعنف سوف يجعله يعمل كل مرة، فَلِمَ إذن يجعل مثل هذا الضرب العنيف جهازًا يعمل؟ في سبيل الإجابة على هذا السؤال، علينا أولًا أن نفهم السبب الأساسي لمثل هذه المشاكل الصغيرة في أجهزة التحكم.

تشكل طبقة الأُكسيد

نعلم أن البطاريات التي تستخدم في أجهزة التحكم تبقى مكانها لفترة طويلة جدًا، لأشهر أو حتى سنين، فالأمر يعتمد على عدد مرات استخدام جهاز التحكم.

على أية حال، فعندما تبقى البطاريات في جهاز التحكم لفترة طويلة جدًا تتشكل طبقة أكسدة بين موصلات جهاز التحكم (النوابض) وموصلات البطارية، والفكرة هي أن طبقة الأُكسيد هذه تمتلك مقاومة عالية ما يعني أنها تعارض بشدة مرور التيار عبرها، وكنتيجة لذلك يحدث انخفاض هام في الجهد عبر طبقة الأُكسيد، وبذلك يعيق العمل السلس لجهاز التحكم.

لا تستخدم أجهزة التحكم بالتلفاز الكثير من الطاقة

كما ذكرنا سابقًا، فإن تدفق التيار عبر طبقة الأُكسيد يعيق سلفًا تدفق التيار ويوقف عمل جهاز التحكم (مؤقتًا)، وما يساهم أيضًا في هذه المشكلة هو أن جهاز تحكم التلفاز لا يستخدم الكثير من الطاقة، حيث لا تطبق هذه الكمية الصغيرة من الطاقة بشكل مستمر، فمثلًا تستخدم الطاقة مدة كافية فقط لإرسال نبضة ضوء حالما يضغط على أحد أزرار جهاز التحكم، وبذلك لا يتمكن دفق التيار الصغير من التغلب على طبقة الأُكسيد، وبالنتيجة لا يستجيب جهاز التحكم.

التيار الرطب

التيار الرطب هو الحد الأدنى للتيار الكهربائي اللازم للتدفق عبر الموصلات لاختراق سطح المقاومة الرقيق.

في حالة جهاز تحكم التلفاز فإن دفق التيار يكون صغيرًا جدًا بحيث لا يكون قادرًا على التغلب على مقاومة طبقة الأُكسيد، بينما في الكاميرا فإن دفق التيار يكون أعلى بكثير ولهذا تتغلب على مقاومة طبقة الأُكسيد.

ما الذي ينجزه صفع جهاز التحكم؟

إن صفع جهاز التحكم يفعل ما نتوقه تمامًا، حيث يرج محتويات جهاز التحكم الداخلية، وفي الحقيقة هناك اسم منمق لهذه العملية القاسية التي تقضي بضرب جهاز التحكم (أو أي جهاز آخر يعمل بعد تعرضه “للضرب”) وهو “الصيانة بالصدم”.

الصيانة بالصدم

يشار إليها بعبارات عامية مثل: “ميكانيكا القرود”، “تقنية النقر”، و “الإجراء رقم واحد لإصلاح الطوارئ”، وتعتبر عبارة “الصيانة بالصدم” طريقة ذكية لقول “ضرب آلة عدة مرات لعل ذلك ينفع”.

ويستخدم الناس الصيانة بالصدم ليس فقط مع أجهزة التحكم المتوقفة، بل مع عدة أجهزة أخرى كأجهزة تحميص الخبز، بطاريات السيارة، التلفزيون، صندوق معالج الكمبيوتر، وآلات الطباعة.

بصفع ورج وضرب جهاز التحكم فإنك تحرك البطاريات بداخله بشكل بسيط بحيث يحقق اتصالًا أفضل بين موصلات البطارية وموصلات جهاز التحكم (يمكنك تحقيق ذلك بتدوير البطاريات في مكانها، أو إزالتها وإعادة تركيبها ببساطة)، كما أن رج جهاز التحكم وضربه يهز النوابض الموصلة لجهاز التحكم مع البطارية مزيلًا طبقة الأُكسيد وبالتالي يقلل المقاومة التي تسببها ويجعل تدفق التيار يعبر من جديد.


  • ترجمة: بشار منصور
  • تدقيق بدر الفراك
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر