في حين أن معظمنا يفضل عدم التفكير في ما يحدث لأجسامنا بعد الموت ، علماء في الطب الشرعي و آخرون من مختلف المجالات يجدون في ذلك موضوعاً مثيراً للفضول.

لذلك فقد قاموا بتسجيل تفاصيل هذه العملية الطبيعية بدقة.

القول الشائع أنّ الموت يبدأ مع القلب.

عندما يتوقف هذا الجهاز الحيوي عن النبض، يتوقف التنفس، و بعدها بوقتٍ قصيرٍ يتوقف الدماغ عن العمل بسبب نقص تدفق الدم و الأكسجين.

في الحقيقة ، تموت أجزاء مختلفة من الجسد بمعدلات مختلفة و متفاوتة إلى حد ما اعتماداً على الصفات الخاصة بكل جسد و بالميت و ظروف وفاته.

ما هو مؤكد أنّ كل هذا يبدأ بعد توقف نبض القلب ، وهذا يوفر نقاط أساسية لدراسة ما يحدث للجسد بعد الموت.

أولاً يتوقف الدم المتدفق و يبقى مكانه أينما كان في الجسد. ثم يتجمد الدم و يتحول الجسم إلى اللون الأرجواني و الوردي.

و بعد ذلك، مع عدم تدفق الدم ، يبدأ الجسم في مرحلة البرودة، و هي مرحلة تعرف باسم برودة الموت “algor mortis” حين تبدأ حرارة الجسد بالإنخفاض (درجتين سيلزيوس في الساعة الأولى ثم درجة واحد كل ساعة حتى تصبح درجة حرارة الجسم مماثلة لحرارة الغرفة.

و في الوقت نفسه يتصلب الجسم الميت و هو ما يعرف بـ rigor mortis ، يحدث عادة في غضون ساعتين إلى ست ساعات.

أيضاً في نفس الوقت، و مع عدم تدفق الدم ،تصبح الخلايا محرومة من الأكسجين و هكذا تبدأ الخلايا بالموت بشكل فردي.

و يعتقد العلماء اليوم أن خلايا الدماغ لا تتفكك فوراً، لذلك قد يستغرق الأمر ساعات حتى تموت جميع الخلايا العصبية و ليكون الدماغ بأكمله ميتاً.

إذن الموت هو في الواقع العديد من الوفيات الصغيرة و أشبه بتساقط أحجار الدومينو الواحدة تلو الأخرى.
عندما تتعطل الخلايا تبدأ بإفراز الإنزيمات التي بدورها تجذب البكتيريا والفطريات التي تقوم بتحليل لحم الجسم و أجهزته.

بعد أن تتحلّل كل الأجزاء الطرية في الجسم، يصبح الجسم مجرد هيكل عظمي و بمرور الوقت (تقريباً خسمون عاماً) تبدأ العظام بالتحلّل تدريجياً و التحول إلى أشكال أخرى من الحياة.

الآن، في حين أن كل هذا العلم ليس مرعباً جدا على الورق، الجسم – أو بشكل أكثر دقة، الجسم الميت – قد يخبئ بعض المفاجآت التي تقشعر لها الأبدان.

لذا استعد للتعرّف على بعضٍ منها:

1- الشعر والأظافر :

هناك أسطورة شهيرة تقول أن الشعر و الأظافر يستمرون في النمو بعد الموت ، مع أن هذا غير حقيقي لكن يبدو أن هذه الأسطورة تُخيف الناس جداً.

في الحقيقة أن ما يحدث مع توقف تدفق الدم هو أن الجلد يفقد رطوبته بعد الموت ، هذا الفقد في الرطوبة يجبر البشرة والجلد على التقلص و الانكماش ، وهذا بدوره يكشف الشعر حتّى البصيلات فيبدو الأمر و كأن الشعر مستمرٌ في النمو ، و بنفس الطريقة تظهر الأظافر أكثر و تبدو و كأنها تطول.

بعبارة أخرى، الشعر و الأظافر لا ينموان بعد الموت بل ببساطة ينكمش الجلد من حولهما ليبدوان و كأنهما أطول.

2- عمل العضلات الانعكاسية :

تستمر الأنسجة للعيش لفترة قصيرة بعد موت الجسم ، جميع الأنسجة ، بما في ذلك العضلات تموت ، و لكنها في أثناء احتضارها تتقلص ، ممّا يتسبب في ردود فعل مثل الركلات.

العديد من الدكاترة والممرضات أفادوا برؤية أفعال عكسية، تضم تشنجات عضلية، وعادة ما تأتي بعد موت القلب.

تحدث تشنجات بعد الموت ( كما ورد ذكرها في الكتب العلمية) في فترات تصل إلى 12 ساعة بعد وفاة الجسم ، وهو ماا يقودنا إلى النقطة التالية.

3- الانتصاب :

اعتماداً على وضع الجسم في وقت الموت ، سوف يتجمع الدم في منطقة معينة ، ولأن هذا الدم لا يزال يحتوي على الأكسجين و المواد الغذائية، فإنه عملياً يغذي بشكل طبيعي و لو مرة واحدة أخيرة الخلايا المجاورة قبل أن تموت بدورها.
بعد الموت ، أغشية الخلايا تصبح أكثر نفاذية للكالسيوم.

أنواع معينة من الخلايا العضلية يتم تنشيطها بواسطة أيونات الكالسيوم.

ما هي النتيجة الأخيرة؟ هذه العملية في نهاية المطاف تؤدي إلى تيبس الميت، بعبارة أخرى قد تنكمش العضلات.

عضلة واحدة في جسم الرجل قد تنكمش وتتسبب في الانتصاب، والتي قد تؤدي إلى “القذف” بعد الوفاة.

4- البول والبراز :

في حين أن بعض العضلات تنكمش بصورة تلقائية بعد الموت – وعلى الرغم من أن كل العضلات ستتيبس في نهاية المطاف- بعض العضلات تتراخى تماماً.

و في الوقت نفسه، جزء من الدماغ الذي ينظم الوظائف اللا إرادية يتوقف عن العمل.

بالتحديد هناك جزء في الدماغ يتحكم بجعل العضلات العاصرة متقلصة، هذا الجزء يصبح عاجزاً بعد الموت مباشرة.

تماماً مثل تلك المناسبات النادرة التي تضحك فيها بشدة فتتبول في ملابسك.

لذلك يتبول الجسم و يتبرز بشكل عفوي بسبب استرخاء العضلات بعد الموت.

في الحقيقة، ليست العضلات وحدها المسؤلة عن هذا، ولكن أيضاً الغاز المُنتج داخل الجسم بعد الموت من شأنه أن يتسبب في التبول والتبرز.

5- خلايا الجلد :

كما ذُكر أعلاه ، فإن أجزاء مختلفة من الجسم، والأنسجة و الخلايا تموت بمعدلات مختلفة.

ومع ذلك فإن خلايا الجلد تعيش مدة أطول.

لأنها تملك ميزة قوية لكونها على السطح الخارجي من الجسم، وهي أن الخلايا تقوم بامتصاص الرطوبة والماء من خلال عملية النضح (هي صافي انتقال جزيئات الماء عبر الأغشية من منطقة ذات كثافة مائية مرتفعة إلى منطقة ذات كثافة مائية منخفضة)، في الواقع خلايا الجلد تبقى على قيد الحياة لعدة أيام.

6- أصوات توقف القلب :

في عملية التشنج هذه جنباً إلى جنب مع تراكم الغاز في تجاويف الجسم، العضلات المتشنجة بما في ذلك تلك التي تتحكم في الحبال الصوتية، تتسبّب بأصوات غريبة و أحياناً تبدو مرعبة تأتي من الجثة.

وذكرت بعض الممرضات في بعض المستشفيات أنهم يسمعون أصوات و آهات و أحياناً صريراً قادماً من الموتى.
في تعليق على “allnurses.com” كتبت ممرضة : “في بعض الأحيان تصنع الضوضاء الصادرة من الميت أصواتاً وكأنه يتنفس.

هناك حالة تم ملاحظتها من قبل ممرضة وتم إخطار الطبيب والأسرة، وعندما ذهب الطاقم لتشريحة، بدأت الجثة بالتنفس مرة أخرى… و تعجب الجميع!

7- الولادة بعد الموت :

وأخيراً ، ما الذي يمكنه أن يكون أكثر إثارةً للخوف من جثة تلد؟

وثّق أطباء ألمان لأول مرة هذه الظاهرة في الأدب العلمي والمشار إليها بـ“coffin birth”، ولكن نادراً ما يحدث أن امرأة حامل “تلد” بعد الموت.

يشار رسمياً إلى هذه الظاهرة باسم “قذف الجنين بعد الوفاة” ما يحدث في الواقع هو دفع الجنين من خلال فتحة المهبل من جسم المرأة المتحللة الحامل نتيجة لضغوط من الغازات داخل البطن.

ولكي يتحقق هذا، لا بد من أن يكون وضع رأس الجنين خارجة قليلاً من الرحم.

وقد تم تسجيل حالتين غريبة من الولادة بعد الوفاة خلال العقد الماضي.

فى عام 2005، سجل باحثون من جامعة هامبورغ حالة وجود مدمنة هيروين بالغة من العمر 34 عام وفي الشهر الثامن من الحمل عُثر عليها ميتة في شقتها ورأس جنينها خارجة جزئياً من تحتها.

تشريح الجثة قال أنه لم يكن هناك أي عنف خارجي قبل الوفاة، وكذلك لا يوجد أي تلاعب في منطقة قناة الولادة والرحم.

وعلى الرغم من انها لم تكن ولادة بالمعني الحقيقي، إلا أنة تم دفع الجنين خارج البطن بسبب ضغط الغاز في البطن.
وفي قضية منفصلة عام 2007، وهي امرأة هندية تبلغ من العم 23 عام وكانت حامل في أكثر من ثمانية أشهر شنقت نفسها وبعد انكماش عضلاتها وانسجتها بدأت في الولادة، و عُثر على جثتها مع الرضيع وهو “مازال” على قيد الحياة على الأرض.

وهو لا يزال ملتصق بجثة أمة عن طريق الحبل السُري.


  • إعداد: يوسف مجدي
  • تحرير : إيناس الحاج علي
  • المصدر