225 (1)

وجدت دراسة حديثة أن الضغط الواقع على فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) للتكيف مع نظامنا المناعي يدفعه تدريجيا للتحول إلى نسخة أقل عدوانية في بعض المناطق في أفريقيا. وبإضافة هذا إلى استخدام الأدوية المضادة للفيروسات، ربما يؤدي إلى تغير الفيروس ببطء من فيروس قاتل لنسخة أقل خطورة وهذا يعني أن الأشخاص المصابين يصبحون أقل عرضة للتطور إلى متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز – AIDS).


ربما تعتقد أن مسببات الأمراض الأكثر نجاحا هي الأكثر عدوانية أو الأكثر فتكا، لكن هذا ليس صحيحا دائما. على سبيل المثال، احتمالية انتقال فيروس نقص المناعة البشرية لشخص آخر أعلى كثيرا إذا كان جسد الشخص المصاب يحوي كميات كبيرة من الفيروس، هذا يعني أن آليات النسخ الفيروسية الأكثر كفاءة تعتبر ميزة. لكن هذه الآليات الفتاكة قد تقتل الشخص المصاب قبل أن تتاح له الفرصة لنقل الفيروس لمصاب جديد، وهو ما يعني وجود مقايضة هنا. لذا يعتقد عموما بأن مسببات الأمراض ستتطور مع الوقت لتصبح أقل فتكا لأن الانتخاب الطبيعي سيفضل مسببات الأمراض التي تسبب أقل الأضرار والتي تتمتع بإمكانية أكبر للانتقال.
للتحقيق فيما إذا كان هذا يحدث لفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، اختبر علماء من جامعة أوكسفورد أكثر من 2000 امرأة مصابة في بتسوانا وجنوب أفريقيا. على الرغم من أن البلدين متأثرتين بشدة بالفيروس، إلا أن الوباء قد بدأ قبل 10 أعوام في بتسوانا وهو ما يعني أن الفيروس قد حصل على بعض الوقت ليتطور.


بحسب الموصوف في إجراءات الأكاديمية القومية للعلوم بالولايات المتحدة، العديد من المرضى في بتسوانا مصابون بنسخ معدلة من الفيروس ساعدته على الهروب من بروتين مناعي معروف أنه يساعد الخلايا المناعية على التعرف على الفيروس واستهدافه. الجين الخاص بهذا البروتين موجود عند قدر ضئيل من السكان، لكن هؤلاء الذين يمتلكونه يتطورون لمتلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز – AIDS) بسرعة أقل.
هذه التكيفات الفيروسية تعني أن في بتسوانا، هذا البروتين لم يعد يمنح المرضى حماية فعالة ضد فيروس نقص المناعة البشرية (HIV). لكن من المثير للاهتمام أن هذا التكيف كان له ثمن. عندما تمت مقارنة الفيروس كخلايا في طبق، وجد أن الخلايا المأخوذة من بتسوانا صنعت نسخا أبطأ بشدة من المأخوذة من جنوب أفريقيا وهو ما يعني أن هذه الفيروسات ربما تحتاج لوقت أطول لتسبب المرض وهو ما يعني أنها أقل فتكا.


قال مؤلف الدراسة البروفيسور فيليب جولدر (Philip Goulder) لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن منذ 20 سنة، كان الوقت للوصول لمتلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز – AIDS) 10 سنوات. ولكن في آخر 10 سنوات في بتسوانا، ربما يكون الرقم قد زاد إلى 12.5 سنة. هذا نوع من التغير التدريجي، لكن بالنظر إلى الصورة الكبيرة، هو تغيير سريع.
إذن لماذا يتطور فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) بسرعة؟ يعتقد الباحثون أن الأمر له علاقة بالأدوية المضادة للفيروسات. الآليات الأكثر فتكا تجعل المصابين مرضى في وقت أقل وهو ما يعني احتمالية أكبر للحصول على علاج. الأدوية المقدمة تقلل عملية النسخ الفيروسية لدرجة تجعل سوائل الجسم خالية تقريبا من الفيروس وهو ما يعني احتمالية انتقال أقل كثيرا. أي أن الآليات الأكثر عدوانية لها احتمالية انتقال أقل من الفيروسات الضعيفة.
رغم أن هذه الدراسة مشجعة إلا أنه من المهم الأخذ في الاعتبار أنها شملت بلدين فقط. ربما تكون العملية تجري بطريقة مختلفة في بلدان أخرى. بالإضافة لذلك، هذه النتائج لا تعني أبدا أن فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) سيصبح غير مضر في أي وقت قريب.

[divider] [author ]ترجمة : مينا شكري ، عدد المقالات : 10[/author] [divider]

المصدر