بتحليل الأمراض المميتة، نجد أن قلة منها فقط ينتشر بشكل وبائي كالملاريا.

في العصور القديمة، عزا أبقراط الإصابة بالملاريا للهواء الملوّث. وفي حقبة زمنية معينة، وجه الرومان المصابين بالملاريا لتعليق تعويذة للتخلص من المرض (دليلًا على خطورته آنذاك).

يتسبّب بحدوث الملاريا، طفيلي يعيش في أمعاء الذباب، ويخمج البشر عندما يعضهم هذا الذباب.

في الوقت الحالي، تساعد المبيدات الحشرية في السيطرة على هذا المرض الذي تنقله الذباب، وتقي بعض الأدوية من الإصابة بالملاريا أو تمنع أعراضها من الظهور. وفي السنوات الأخيرة، ظهر التعديل المورثي كأداة واعدة في معركة البشرية ضد الملاريا.

بينت دراستين نشرتا في مجلة Science أهمية الهندسة الوراثية في القضاء على الملاريا. أجريت كلا الدراستين في معهد أبحاث الملاريا في جامعةJohns Hopkins .

ركزت الدراسة الأولى على إمكانية تعديل الذباب الناقل مورثيًا ليصبح أكثر مقاومة لنقل الطفيلي المسبب للملاريا فيصبح بذلك الطفيلي أضعف وأقل احتمالًا للتزاوج والتكاثر.

وقد أظهرت هذه الدراسة التي قادها الباحث George Dimopoulos أن أحد أنواع الذباب التي عدّلت مورثيًا كان أكثر قدرة على التكاثر، وأكثر جذبًا للذباب الطبيعي.

أخذ الباحث مجموعة من الذباب المعدل وراثيًا وحجزها مع مجموعة من الذباب الطبيعي غير المعدل، وكانت المفاجأة أن ذكور الذباب فضلوا الإناث المعدلة وراثيًا، بينما فضل الذكور المعدلين وراثيًا الإناث الطبيعيات غير المعدلات.

ويرجع ذلك بحسب الباحثين إلى أن التعديل الوراثي يجعل رائحتهم أذكى بالنسبة لشركائهم، إن هذا التفضيل يعني أنه خلال جيل واحد سيصبح 90% من الذباب معدل وراثيًا.

وبالتالي فإنه في يوم ما من المستقبل، حتى نقلل من حدوث الملاريا، ما علينا إلا نطلق ذباب معدل وراثيًا في الطبيعة وسوف ينشرون المناعة ضد طفيلي الملاريا. وإن أكبر مخاوفنا من إجراء مماثل هو حدوث نتائج غير متوقعة واسعة النطاق.

استخدمت الدراسة الأخرى والتي قادها الباحث Marcelo Jacobs-Lorena التعديل المورثي للجراثيم الموجودة في الذباب لمحاربة الملاريا، عدل الباحثون نوعًا من الجراثيم مورثيًا أدى لإفرازه لمادة داخل أمعاء الذباب تقتل الطفيلي المسبب للملاريا قبل أن يتطور.

ويحدث انتشار الجراثيم المعدلة مورثيًا بشكل عفوي إلى صغار الذباب جيلًا بعد جيل عبر وضع هذه الجراثيم في الأعضاء التناسلية.

إن الخطوة التالية في كلا الدراستين هي تجربة مقدار نجاحها خارج المخبر في ظروف طبيعية.


  • ترجمه: عبدالمنعم نقشو
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير:أحمد عزب

المصدر