لا يدرك العديد من الأطباء والمرضى أن إنقاص الوزن بإمكانه أن يعكس النمط الثاني من السكري، بدلًا من ذلك ينتشر اعتقاد بشكل واسع بأن المرض مترقٍ وغير قابل للعلاج، بحسب تقرير جديد نُشر في الدورية الطبية البريطانية (BMJ)، بالرغم من وجود دليل ثابت على أن إنقاص ما يقارب 33 باوندًا (15 كيلوغرامًا) غالبًا ما يسبّب هدأة تامة للنمط الثاني من السكري، وهو ما دوّنه البروفيسور (Mike E. J. Lean) وباحثون آخرون من جامعة غلاسغو في المملكة المتحدة.

ويقترح هؤلاء الباحثون في مقالتهم العلمية أن جمع الوعي الكبير مع تسجيل ومراقبة أفضل لفترات هدأة المرض، قد يريح المزيد من المرضى من الحاجة إلى التعوّد على العيش مع مرض السكري من النمط الثاني، وقد يؤدي إلى إنقاص كبير في تكاليف الرعاية الصحية.

لقد ازداد العبء العالمي للنمط الثاني من مرض السكري بما يقارب أربعة أضعاف على مرّ السنوات الخمس والثلاثين الأخيرة، ففي عام 1980، كان هناك حوالي 180 مليون شخص مصاب بالمرض، وقد ارتفع هذا العدد بحلول عام 2014 إلى 422 مليون مصاب.

وتصنّف الأغلبية الساحقة لحالات السكري على أنها من النمط الثاني، وهو مرض ينتج عن نقص فعالية الجسم في الاستفادة من الإنسولين لمساعدة الخلايا على تحويل سكر الدم -أو الغلوكوز- إلى طاقة، ويعدّ وزن الجسم الزائد سببًا رئيسيًا لهذا النمط من السكري.

تركّز المعالجة على الأدوية:

دوّن البروفيسور لين وزملاؤه أن دلائل التدبير العلاجي الحالية للسكري من النمط الثاني تركّز على إنقاص مستويات سكر الدم والاختطارات القلبية الوعائية بشكل أساسي من خلال استخدام الأدوية المضادة للسكري، مع اهتمام قليل جدًا بالنظام الغذائي والنصائح المتعلقة بنمط الحياة، وتكون النتيجة أن العديد من المرضى تتطوّر لديهم المزيد من المشاكل الصحية، ويعيشون لمدة أقصر بست سنوات وسطيًا من الأشخاص السليمين من مرض السكري.

وفي الوقت الراهن، رغم أن هدأة المرض تعتبر قابلة للتحقيق وضوحًا لدى البعض -وربما العديد- من المرضى، دوّن المؤلفون أنها نادرًا ما تتحقق أو تُسجّل حاليًا، فعلى سبيل المثال، يلقي الباحثون الضوء على دراسة أمريكية تابعت 120 ألف مريض على مدى سبع سنوات، ووجدت أن نسبة 0.14% منهم فقط سُجلت حالاتهم على أنها في مرحلة هدأة (بمعنى أن أعراض المرض قد بدأت بالتراجع)، ويُضرب مثال آخر من قاعدة معطيات مركز العناية الاسكتلندية، والتي تحمل سجلات كل مريض في اسكتلندا، فتُظهر هذه القاعدة أن 0.1% فقط من مرضى السكري من النمط الثاني قد رُمزوا على أن حالاتهم في مرحلة هدأة.

الحاجة لإرشاد ترميز أفضل:

يناقش مؤلفو الدراسة العلمية أن جزءًا من المشكلة يكمن في تردّد السريريين بترميز المرضى ضمن مرحلة الهدأة، بسبب قلة المعايير والإرشادات المتفق عليها، ومع ذلك، يقترحون أن السبب الأكثر ترجيحًا لنقص حالات الهدأة المسجّلة للسكري من النمط الثاني هو أن القليل من المرضى يحاولون الوصول إلى تلك المرحلة حقًا.

ويحثّ هؤلاء الباحثون السلطات الصحية في جميع أنحاء العالم على الاتفاق على إرشادات أكثر وضوحًا حول كيفية قياس هدأة السكري من النمط الثاني، والتأكّد من أنها تُسجَّل رسميًا.

يدوّن الباحثون: «سيتيح الترميز الملائم إمكانية مراقبة التقدّم في تحقيق الهدأة لمرض السكري من النمط الثاني، محليًا وعالميًا، وتحسين توقعات النتائج الصحية طويلة الأمد للمرضى الذين أصبحوا في مرحلة هدأة معروفة المدة».

منافع واضحة للمرضى:

قد يزيد الترميز الأفضل الوعي أيضًا ويؤدي إلى محاولة المزيد من المرضى عكسَ حالتهم المرضية -بنقصان الوزن مثلًا- عوضًا عن تقبّل أنهم مجبرون على التعوّد عليها، وقد يجعل تراجع السكري من النمط الثاني المرضى يشعرون بالإنجاز والقوة، بالإضافة لمنافعه الواضحة، وقد يزيل سمة (مريض السكري) التي يلقّب بها أولئك الأشخاص، كما قد يؤدي إلى تقليل أقساط التأمين الصحية، والسفرية، والقروض.

«تعدّ كل من ملاحظة اعتكاس مرض السكري من النمط الثاني وتسجيله على نحو صحيح المفتاح لتحسين النتائج وإنقاص تكاليف الرعاية الصحية».


  • ترجمة: سارة وقاف
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر