مع استمرار ارتفاع شدة وتواتر الأعاصير؛ اقترح العلماء مشروعًا بقيمة 10 مليار دولار يهدف لإعادة هندسة الغلاف الجوّي بُغية تهدئة الأرض والتقليل من عدد الأعاصير فيها بنسبةٍ لا تقل عن 50% خلال 50 عامًا.

ولقد أصبحنا في وقتنا الحاضر على دراية بالأثر الذي يُحدِثه تغيير المناخ على كوكبنا، أو على الأقل يجب علينا ذلك، وعلى الرغم من أنَّ العلماء لا يزالون يناقشون أمر بعض الآليّات التي تقود الاحتباس الحراريّ وتأثيراتها القصوى، فإنهم لا يناقشون ما إذا كان البشر هم من يقود تغييرات هذا الكوكب البيئيّة المتقلّبة، لأن هنالك دلائل كافية قد كُشف مسبقًا بأننا كذلك.

إنَّ أحد أبرز العواقب التي جاءت نتيجةً للتغيّر المناخيّ هي الأعاصير.

ولكن للأسف، فإنَّ ما كشفته نظم العواصف مؤخّرًا، فإنَّ المسألة لم تعُد مسألة منعٍ أو وقاية، لأن كثيرًا من الضرر قد حدثَ فعلًا، ولأجل تحقيق هذا الهدف، يجب أن تُركّز جهودنا على وقف الضرر الذي بدأ، ومحاولة إصلاح ما تسببّنا نحن بتَلَفِه.

ولحسن الحظ، يعمل الآن مجموعة من العلماء من جنسيّاتٍ مختلفة على إيجاد حلولٍ في محاولة لمكافحة التغيّر المناخيّ، وذلك بوضع خطّةٍ لإعادة تصميم الأرض، حرفيًّا، وذلك بُغية تهدئتها وتقليل تأثير نُظم العواصف.

فعلى سبيل المثال، فريقٌ من العلماء بقيادة الباحث جون مور (John Moore) رئيس برنامج بحوث الهندسة الجيولوجيّة في الصين، يدرسُ الآن كيف يمكن لكبريتات الهباء الجوّي (Sulfate Aerosols) المنتشرة في طبقة الستراتوسفير أن تُساعد على التقليل من الأعاصير.

وقال مور في مقابلة له توضّح كيفيّة عمل هذه الخطّة: «إننا نُحاكي البركان بشكلٍ أساسيّ، ونقول بأننا سنضع خمسة ملياراتِ طن من الكبريتات في الغلاف الجوي سنويًّا، على ارتفاع 20 كم، وسنستمر بفعل ذلك لمدة 50 عامًا».

التلاعب في الإعصار:

لقد وجد العلماء في نموذج بحثهم الحاليّ، والذي يختبرون فيه سيناريو تضاعف كميّات الكبريتات المحقونة في الغلاف الجوّي مع الزمن، بأنه من الممكن الحفاظ على معدل حدوث الأعاصير بمستوى إعصار كاترينا بنفس معدّل الأعاصير التي نراها حاليًّا، في حين أنَّ الأعاصير التي تُسبب ارتفاعًا في مستوى سطح البحر سيتمُّ تخفيفها بمقدار النصف، كما وأشار الباحثون إلى أنّ ثوران البركان الذي حصل في ألاسكا عام 1912 حمّل نصف الكرة الشمالي بكبريتات الهباء الجوّي، وقد تبعها موسم أعاصير أقل نشاطًا في تاريخها.

يوضّح مور أن المياه الأكثر دفئًا بإمكانها أن تُسبب الأعاصير وتؤججها، في حين أن تغطيتها بالكبريتات من شأنها أن تُقلل من حجم وشدّة هذه الأعاصير، ويؤكّد بشكلٍ ملحوظ من أن هذه واحدة من أسهل الطرق وأكثرها قابليّةً للتطبيق، وذلك في سبيل الحد من تأثير مثل هذه العواصف.

ويضيف: «لقد كان هذا السيناريو الجيولوجيّ الأكثر ترجيحًا من بين عدة سيناريوهات ضمن هذه الشروط، ولقد كان المبلغ ملائمًا مع حركة الطيران الحاليّة لدينا».

وتبقى لدينا مشكلة تكمن في كون هذه الأعمال من الممكن أن تُخرّب الغلاف الجوّي لهذا الكوكب، ولكن مع جزيئات الهباء الجويّ المصنوعة بطريقة مخصصة، والتي تعكس أشعة الشمس ولا تأثير لها على طبقة الأوزون، يكون لدينا بديلًا قابلًا للتطبيق.

لا يزال البحث في مراحله الأولى ولكن إذا ما أُعطي التمويل المناسب للبحث والتطوير، فقد يكون ذلك هو الطريقة التي نمنع بها العواصف الكارثيّة مثل إعصار إيرما (Irma) مستقبلًا.


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: أميمة الدريدي
  • المصدر