يمكن للضوء الناتج عن كسوف الشمس أن يتسبب بالضرر للعين، وذلك بالرغم من أن التحذيرات من الإصابة بالعمى الكلي قد تكون مبالغة.

تُسمى هذه الحالة المرضية باعتلال الشبكية الشمسي (solar retinopathy)، وتحدث عندما يدخل الضوء الساطع الناتج عن الشمس إلى شبكية العين الواقعة في الجزء الخلفي من كرة العين.

وتعتبر الشبكية موطن خلايا استشعار الضوء التي تجعل الرؤية ممكنة.

وعندما تُحفَّز بشكل مفرط بواسطة أشعة الشمس، فإنها تطلق العديد من المواد الكيميائية التي يمكن أن تسبب الضرر لشبكية العين.

هذا الضرر غالبًا ما يكون غير مؤلم، أي أن الأشخاص لا يدركون حجم الضرر الذي يلحق ببصرهم.

يمكن أن يكون سبب هذه الحالة ناتجًا عن التحديق المستمر في الشمس (بغض النظر عن الطور الذي تمر به)، ولكن قلة من الناس يستطيعون تحمُّل النظر مباشرةً إليها ولفترة طويلة دون ألم.

ومع ذلك، فإن هذا الأمر يحدث أحيانًا، إذ ذكرت السجلات الطبية حالات لأشخاص تحت تأثير المخدرات يحدقون في أشعة الشمس لفترات طويلة، مما يسبب لهم أضرارًا جسيمة.

ولكن أثناء كسوف الشمس، يتعرض عدد أكبر من الأشخاص للخطر.

حيث تُغطّى الشمس بشكل كامل تقريبًا، مما يجعل التحديق مريحًا بدرجة أكبر، كما أن ردود الفعل الواقية مثل إغلاق العين أو تقلص البؤبؤ تصبح أقل من الأيام العادية.

كما أن الحيوانات الأليفة تعتبر عرضة لأضرار العين الناتجة عند النظر أثناء الكسوف؛ على الرغم من أنها لا تميل إلى النظر مباشرةً في الشمس.

ومع ذلك، إذا رافقتك أثناء تنزهك في الخارج، فيجب أن ترتدي النظارات الواقية كذلك!

ضرر العيون:

لقد اكتشف علماء الفلك الأوائل ظاهرة اعتلال الشبكية الشمسي بالطريقة الصعبة!

توماس هاريوت (Thomas Harriot) – الذي لاحظ البقع الشمسية عام 1610 ولكنه لم ينشر اكتشافه- كتب في عام 1612 أنه بعد مشاهدة الشمس أصبح بصره خافتًا لمدة ساعة.

وقد نُقل عن عالم الفلك في جامعة أكسفورد جون جريفز (John Greaves) قوله أنه بعد مراقبة الشمس، رأى ما يشبه سربًا من الغربان.

وفي الحالة الأكثر شهرةً على الإطلاق، حاول إسحاق نيوتن (Isaac Newton) النظر للشمس من خلال المرآة، مما تسبب له بالعمى بشكل أساسي لمدة ثلاثة أيام.

لا يملك العلماء دليلًا جيدًا على حدوث تلف العين بعد كسوف الشمس.

وفي إحدى الدراسات التي أجريت في عام 1999 بعد كسوف الشمس في أوروبا، أصيب 45 شخصًا باعتلال الشبكية الشمسي في عيادة العيون في مدينة ليستر بالمملكة المتحدة بعد مشاهدة الكسوف.

وقد تأكدت إصابة أربعين منهم بنوع من الضرر، في الوقت الذي حدثت فيه تغيرات واضحة في شبكية العين لدى الخمسة الآخرين.

وقد أبلغ 20 مريضًا عن ألم في العين، في حين أبلغ 20 آخرون عن مشاكل في الرؤية.

ومن بين هذه المجموعة الثانية، أفاد 12 شخصًا بأن بصرهم قد عاد إلى طبيعته بعد سبعة أشهر، ولكن أربعة منهم ما زالوا يرون أشكالًا ناتجة عن الضرر الذي أصاب مجالهم البصري، مثل بقعة على شكل هلال في ضوءٍ خافت.

كيف نشاهد الكسوف بطريقة بطريقة آمنة:

وتشير الأبحاث أنه في حين أن الكثير من الضرر قد يُشفى في النهاية، فقد يستمر بعضه بصورة دائمة.

وتابعت دراسة أجريت عام 1995 حوالي 58 شخصًا أصيبوا بأضرار في العين بعد مشاهدة كسوف عام 1976 في تركيا. وقال الباحثون في مجلة غريفه لطب العيون السريري والتجريبي (Graefe’s Archive for Clinical and Experimental Ophthalmology)، أن الشفاء حدث خلال الشهر الأول بعد الكسوف.

ولكن الأضرار التي لم تُشفَ خلال 18 شهرًا دامت حتى 15 عامًا.

ففي حين أنه قد يكون من الصعب أن نُصاب بالعمى بشكل كامل من خلال النظر أثناء الكسوف، فإن القيام بذلك دون حماية مناسبة يمكن أن يسبب أضرارًا طويلة الأمد لرؤيتنا.

إن الطريقة الآمنة الوحيدة لمشاهدة الكسوف، وفقًا لوكالة ناسا (NASA)، هي استخدام فلترات شمسية مُصمَمَة بشكل خاص، وغالبًا ما تكون متاحة في متاجر التلسكوبات، أو ارتداء نظارات لحام رقم 14، وهي متاحة في المحلات المتخصصة ببيع أدوات اللحام.

تذكَّر جيدًا:

إن النظر مباشرةً إلى الشمس، حتى عندما تكون مغطاة جزئيًا بالقمر، يمكن أن يسبب تلف العين الشديد أو العمى.

لا تنظر إلى كسوف الشمس الجزئي دون حماية مناسبة للعين.


  • إعداد: زينب النيال
  • تدقيق: جعفر الجزيري
  • تحرير: جورج موسى
  • المصدر