تصادمت الكويكبات مع الأرض طوال تاريخها ولكن ليس هناك طريقة لمعرفة متى من المُرجَّح حصول التصادم الكبير التالي.

لقد قضى العلماء عقودًا من النقاش فيما إذا الكويكبات والمذنبات تتصادم بالأرض خلال فواصل زمنية منتظمة.

وفي نفس الوقت، وجدت بعض الدراسات دليلًا على أن أحداث الانقراض الكبير- مثل ذلك الذي أدّى إلى انقراض الديناصورات قبل 66 مليون سنة- تُكرِّر نفسها كل 26 إلى 30 مليون سنة.

على فرض وجود دليلًا جيّدًا على أنّ الكويكب سبَّب انقراض الديناصورات، فمن المنطقيّ أن نسأل ما إذا يمكن لوابلٍ من الكويكبات الصغيرة أن يُلام على حوادث انقراض منتظمة.

السؤال مهمٌ جدًّا- إذا استطعنا برهان أنّ هذه هي الحالة بالفعل، فإننا قد نكون قادرين على تنبّؤ وحتى تجنيب الكويكبات من إحداث انقراض جماعي في المستقبل.

لقد حاولنا إيجاد الجواب.

اليوم، يتواجد تقريبًا 190 حفرة تأثير الكويكبات و المذنبات على الأرض.

يتراوحوا في الحجم من بضعة أمتارٍ فقط إلى أكثر من 100 كيلومتر عرضًا.

وتشكّلوا في أيّ زمنٍ بين بضعة سنوات و أكثر من مليارات سنة مضت.

فقط القليل، مثل (حفرة المذنّب) الشهيرة في أريزونا Arizona، مرئيين للعين غير المدربة ولكن العلماء تعلّموا التعرُّف على هذه الحفر حتى ولو كانت مغطاة ببحيرات، المحيط أو طبقة ثخينة من الرواسب.

حفرة المذنب في أريزونا، Kevin Walsh/ Wikipedia

ولكن هلْ تشكلت هذه الحفر نتيجة لاصطدام كويكبات منتظم؟ و إذا كان كذلك، فلماذا؟

كانت هناك العديد من الاقتراحات، ولكن أبرزها هو اقتراح بعض العلماء أن الشمس تمتلك نجم رفيق يدعى ( عدو Nemesis ) يتواجد على مدار واسع جدًا، والذي يقترب من النظام الشمسي كل 26 إلى 30 مليون سنة وبالتالي يؤدي إلى وابل من المذنبات.

يمكن للنّجم العدو Nemesis أن يكون نجمٌ قزمٌ أحمرٌ/ بنيّ- نوعٌ خَمِلٌ من النجوم- يدور حول الشمس على بعد 1.5 سنة ضوئية تقريبًا.

هذه ليست فكرة مستحيلة، حيث أن أغلبية النجوم تنتمي فعلًا لأنظمة تمتلك أكثر من نجم واحدٍ.

على أيّ حال، على الرغم من البحث عنها لعقود، فشل الفلكيون في ملاحظتها و أعتقد أنهم يستطيعون نفي وجودها الآن.

ومع ذلك، فكرة الاصطدامات الدوريّة تستمر.

هناك فكرة تقوم على الملاحظة أن الشمس تتحرك أعلى و أسفل قليلًا في الوقت الذي تدور فيه حول المجرّة، عابرة بذلك قرص المجرة كل 30 مليون سنة تقريبًا.

اقترح البعض أنّ هذا يمكن أن يؤدي بطريقة ما إلى وابل من المذنبات.

ولكن هل هناك أيّة أدلة على أنّ اصطدام الكويكبات يحصل خلال فواصل زمنية منتظمة؟

فشلت معظم البحوث في إظهار ذلك.

ولكن هذا لا يعني أن هذه ليست هي الحالة بالفعل، من الصعب الحصول على الإحصائيات الصحيحة.

هناك العديد من المتحولات المتضمنة: تختفي الحفر مع الوقت، وبعضهم لم يتم العثور عليها في المقام الأول لأنها تتواجد في قاع المحيط.

العثور على صخور من فترة زمنية معينة أسهل من غيرها.

وتحديد عمر الحفر أمرًا صعبًا.

ادّعتْ دراسة حديثة أنها وجدت أدلة على الدوريّة.

مع ذلك، بيانات عمر الحفرة التي استخدمتها تضمّنت العديد من الحفر ذوات الأعمار الغير معروفة، أو حتى الغير صحيحة و عفا عليها الزمن.

الطّرق المستخدمة لتحديد العمر- اعتمادًا على الاضمحلال الإشعاعيّ أو النظر إلى الأحافير المهجريّة التي تمتلك أعمارًا معروفة – يتم تحسينها باستمرار من قبل العلماء.

لذلك، اليوم، يمكن تحسين عمر حدث الاصطدام بشكل ملحوظ من التحليل الأولي الذي أٌجرِيَ، لنقل على سبيل المثال، قبل 10 أو 20 سنة.

مشكلة أُخرى تخصُّ التصادمات التي تمتلك أعمارًا متشابهة تقريبًا مع نفس عدم التأكُّد في العمر: الذي يعرف باسم الأعمار المتجمّعة Clustered Ages.

يمكن أن يكون عمر الحفرة، على سبيل المثال، 65.5 ± 0.5 مليون سنة بينما آخر هو 66.1 ± 0.5 مليون سنة. في هذه الحالة، يمكن لكلا الحفرتين امتلاك نفس العمر الحقيقي 65.08 مليون سنة.

قد تمّ إنتاج مثل هذه الحفر نتيجة اصطدام كويكبات لها أقمار صغيرة كتابع لها أو كويكبات انفجرت في الغلاف الجوي للأرض.

حفرة مانيكوغاغان Manicougan في كندا كما تم رؤيتها من محطة الفضاء الدولية-ناسا-Chris Hadfield

حفر التأثير المزدوجة التي تنتجها يمكن أن تجعلها تبدو أنها نشأت في الوقت الذي كان فيه العديد من اصطدام الكويكبات، ولكن في الحقيقية تشكّلت الحفر في نفس الحدث.

في بعض الحالات، فإنّ حفر التأثر المتجمعة تكون متباعدة عن بعضها بشكلٍ كبيرٍ بحيث يمكن تفسيرها كاصطدام مزدوج.

إذًا كيف يمكننا شرح الفكرة؟

في بعض الأحيان، قد يؤدي الاصطدام بين الكويكبات في حزام الكويكبات بين المريخ و المشتري إلى إحداث وابل قصير الأمد من الكويكبات التي تصطدم بالأرض.

فقط عددٌ قليلٌ من هذا الوابل من الكويكبات ضروريًّا ليقود الانطباع الكاذب عن الدوريّة.

بالطبع لا يمكننا تأكيد عدم وجود الدورية.

ولكن الخبر الجيد هو أنّ العديد من الحفر يتم ربطها مع أعمار متينة، فإن التحليل الإحصائي الذي قمنا به يمكن تكراره مرارًا.

هذا يعني أنه لا توجد في الوقت الراهن طريقة للتنبؤ متى تصادم كويكب كبير قد يهدد الحياة مرّة أُخرى على الأرض.

ولكن عندما يتعلق الأمر بمواجهة نهاية العالم، فعدم المعرفة ليست فكرةً سيئةً في النّهاية.


  • ترجمة: لميا عنتر
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: جورج موسى
  • المصدر