تتباين أمزجة البشر في تفضيلها لبعض الأشياء عن بعضها البعض، وهو تباين وراثي، ومن ضمن ما يختلف فيه الناس عن بعضهم هو مدى تقبلهم للطعام المالح، ودقة تذوقه، مما يصعب تقبل جميع البشر للطعام قليل الملوحة.

ويقول الباحث (جون هايز)، الأستاذ المساعد في علوم التغذية لجامعة ولاية بنسلفانيا:” يستطيع أصحاب التذوق العالي التفرقة جيدًا بين الملوحة والمرارة والعذوبة أكثر من غيرهم، وهذه دقة في الشعور تؤدي إلى الاعتماد على الوجبات الخفيفة، التي عادةً ما تكون ملوحتها عادية”.

وقد اهتم العديد من خبراء الصحة العامة بالملح، وسلطوا الضوء عليه، فدعوا أصحابَ المصانع والمطاعم إلى تقليل كمية الملح المضافة إلى الطعام، وأصدر معهد الطب أيضًا في نيسان/أبريل، تقريرًا يحث فيه الحكومة الفيدرالية بأميريكا على التدخل في الحد من ارتفاع مستوى الملح في الطعام؛ لما يسببه من ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية.

ويعد المواطن الأمريكي أكثر المستهلكين للملح، حيث يصل إلى ضعفي الكمية وثلثها، وهي كمية تخالف الحد المطلوب للصحة الجيدة، وقام أحد المهتمين -وهو أخصائي في التغذية -بعمل دراسة على 87 مشتركا ما بين (رجال بلغ عددهم 45 رجلًا، ونساء بلغ عددهن 42 امرأة) ليتذوّقوا بعض الأطعمة المالحة، مثل: الكعك المملَّح والرقائق في حالات مختلفة، لعدة أسابيع، ثم نُشرت بنتيجتها، وإليك تفاصيل هذه الدراسة:

كيف تمت التجربة؟

قسم المسؤول على هذه الدراسة المشاركون على ثلاث مجموعات (أصحاب التذوق العالي، أصحاب التذوق المتوسط، أصحاب التذوُّق المحدود)؛ بناءً على قدرتهم لتذوق مادة (البروبيل ثيور اسيل – propylthiouracil) فوجد بعضهم أن طعم هذه المادة مرٌ للغاية، في حين لم يشعر البعض الآخر بمرارتها أصلًا، وعرض عليهم بعد ذلك مجموعة من الأطعمة المختلفة، وطُلب منهم تصنيفها وفقًا للتصنيف العالمي الشائع: أطعمة سهلة التذوُّق، وأطعمة صعبة التذوُّق.

فلوحظ أن أصحاب التذوق العالي :

  1. شعروا بالملح السائل أكثر من أصحاب التذوق المتوسط، والمحدود.
  2. لاحظوا مقدار التغيُّر في كميات الملح مع الوقت، وذلك مؤشر على ارتفاع درجة الحس لديهم.
  3. دونوا أنهم تناولوا الأطعمة الغنية بالملح في دفاترهم الخاصة، وهو أمر لم يقم بفعله البقية.

ولم يمنعهم ذلك من المطالبة بتقليل كمية الملح في الطعام؛ لشعورهم وإن كان قليلًا، على عكس (أصحاب التذوُّق المحدود، الذين يحتاجون إلى كميات كبيرة من الملح كي يشعروا به، يعلّق هايز على ذلك، قائلًا: “إن معظم كميات الملح التي نستهلكها تأتي من تلك المضافة إلى الأطعمة المصنعة وليس من أكياس الملح”.

ويعاني أصحاب التذوق العالي من انخفاض الملح في بعض الأطعمة التي تتميز بالمرارة، فيطالبون وقتها بزيادة نسبة الملح؛ قضاءً على المرارة الموجود في طعامهم، ويضرب مثال على ذلك بالجبن المصنَّع من الحليب المخمَّر، حيث يحتوي هذا الجبن على بعض المرارة، يشعر بها متذوقها، يتم التخلص من هذه المرارة عن طريق زيادة بعض الملح إليها؛ ولذلك – كما يقول هايز-:”لا يقبل أصحاب التذوق العادي الجبن قليل الملح؛ لشعورهم بمرارته”،وينصح هايز المستهلكين أخيرًا بالحد من استهلاكهم الملح عن طريق قراءة الإرشادات الصحية الغذائية، والبحث عن منتجات تحتوي على أقل من 480 ملليغرام من الصوديوم لكل وجبة.


  • ترجمة: فؤاد ياسر عامر.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر