كتبت جيمي تروسبر (Jaime Trosper):

في الماضي، اتفق عمومًا على أن الكون إما أن يكون لانهائيًا في الحجم والعمر أو أن حجمه محدود، مع الاتفاق على أن بعد الزمن ظهر أو بدأ مع ولادة الكون، وإذا كان هذا الأخير هو القضية فإن أي حدث أو مجموعة أحداث قبل هذا العصر ليس لها أي تأثير ملموس على ما يحدث الآن.

في كون لانهائي وساكن؛ فإن التوسع المتسارع الذي تسببه الطاقة المظلمة ليس له أي معنى، فلا يمكن أن يكون الكون ساكنًا وفي نفس الوقت يتمدد أو يتوسع بطريقة ما، في الوقت الحالي، دعونا نأخذ لحظة لنغوص في تطوّر فهمنا للكون، فمن أجل أن نفهم إلى أين نحن ذاهبون علينا أن نفهم أولًا أين كنّا.

حسنًا، لقد أثبتنا أن الكون كبير جدًا وأنه يتسع أضعافًا مضاعفة في الحجم، فهو يتسع بسرعة أكبر من سرعة الضوء.

عند مقارنة المجرات القريبة بتلك التي هي أبعد بكثير؛ فإن تلك التي تسير على حافة الكون الملحوظ تسافر بالفعل بسرعة أكبر من 186282 ميلًا في الثانية (299،792 كيلومتر)، والتي تعرف أيضًا باسم سرعة الضوء.

استنادًا إلى فهمنا لقوانين الفيزياء يجب أن ندرك أن سرعة الضوء هي الحدّ الأقصى للسرعة في الكون، ولا نملك حاليًا أي وسيلة للوصول إلى هذه السرعة، فقط الجسيمات بدون كتلة كالفوتونات يمكنها السفر بسرعة الضوء.

حيث أنه ولدفع شيء ذو كتلة للوصول إلى هذه السرعة يتطلب كمية لا نهائية من الطاقة، وعلاوة على ذلك فإن الوقت يتوقف بالنسبة للجسيمات المسافرة بسرعة الضوء، وإذا استطعت السفر بسرعة أكبر فأنت فعليًا ستسافر عبر الزمن نحو الماضي.

يمكننا أن نلخص ما سبق بهذه الأفكار:

  • يمكن أن يكون الكون لا متناهي في الحجم.
  • بغض النظر عن إذا كان محدودًا أو لا متناهيًا، فالكون يتوسّع بسرعة هائلة.
  • المجرات البعيدة تبتعد بسرعة أكبر من سرعة الضوء، والتي تعتبر الحدّ الأقصى للسرعة في الكون.
  • فقط الجسيمات عديمة الكتلة يمكنها الوصول إلى هذه السرعة.
  • من أجل دفع شيء ذو كتلة للوصول إلى هذه السرعة، نحن بحاجة إلى كمية لا نهائية من الطاقة.
  • يتوقف الزمن عند الوصول إلى سرعة الضوء.
  • التحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء سيؤدي إلى السفر نحو الماضي.

كل هذه العوامل تعني أنه حتى لو كان للكون حافة فلن نتمكن أبدًا من الوصول إليها، دعونا نقول على سبيل المثال، أنه ولسبب غير معروف كنت قد نقلت بشكل سحري إلى ما يسمى حافة الكون (إن وجدت) فإن ما ستراه للوهلة الأولى هو المزيد من الكون.

كما رأينا، فالكون مقسم تقنيًا إلى قسمين، الكون الذي يمكن رؤيته ومراقبته وقطره حوالي 93 مليار سنة ضوئية، والجزء الموجود خارج ما يسمى (أفق الضوء) (light-horizon) وهي المنطقة التي لم يكن فيها ضوء من المجرات البعيدة في الوقت المناسب ليصل إلينا حتى الآن، وليس لدينا أي فكرة إلى أين تمتد هذه المنطقة التي لا يمكن ملاحظتها، ولكن اسمحوا لي أن أؤكد لكم.. إنها كبيرة.

بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى المنطقة التي نشير إليها عادة باسم (أفق الضوء) فإن المجرات ستندفع أبعد بكثير من موقعها الحالي.

ولكنك ستكون قادرًا على رؤية أجزاء من الكون لم يرها أي إنسان آخر، لكن لسوء الحظ فإن كل ذلك سيبتعد ويستمر بالابتعاد وفقًا للتوسع المستمر.

استمر بالتقدم، ليس لدينا أي فكرة عما ستراه فعلًا، لكن هناك بعض الأفكار، قد ترى الظلام المغلف الذي يسبب القشعريرة حتى عمودك الفقري، وخلفك سيكون مجمل الضوء الذي وصل إلى الكون، وربما، بطريقة أو بأخرى.

يمكنك أن ترى بالفعل الحدود التي تفصل الكون عن أي شيء يكمن وراءه (إذا كان هناك شيء يكمن وراءه) مثل الوسيط الرئيسي الذي يحتوي على عدد لا حصر له من الأكوان.

وأخيرًا وإذا كان الكون محدودًا بالحجم ومنحني هندسيًا، فربما ستسافر لمليارات أو تريليونات السنوات من دون أن تصل إلى أي حافة، لينتهي بك المطاف حيث بدأت.

وبما أنني أعرف أن هذا قد يطرح بعض التساؤلات، فهذا لا ينتهك النسبيّة، لأن ما يتوسع هو الفضاء بين المجرات.


  • ترجمة: أسامة ونوس
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر