كشف بحث جديد عن أن الوقت يبدو لك بأنه يمر بسرعة أو ببطء اعتمادًا على اللغة التي تتحدثها، فيرجع هذا إلى طريقتك لوصف الوقت باستخدام لغتك الأم.

ففي الإنجليزية قد تصف اليوم بأنه «طويل» -تعبيرًا عن صعوبته- بينما في اليونانية ستصفه بـأنه «ممتلئ».

ويعتقد العلماء أن هذا التنوع البسيط في الوصف يُغيِّر إدراكنا أو فهمنا للوقت.

وقد أظهر العمل الذي أجراه فريق من جامعة «Stellenbosch» في جنوب أفريقيا وجامعة «Lancaster» في المملكة المتحدة، كيف يُشجع أن يكون الشخص ثنائي اللغة المخ على التفكير بطرق جديدة.

ويقول (بانوس أثاناسوبولوس – Panos Athanasopoulos) وهو أحد أعضاء الفريق من جامعة وجامعة «Lancaster»: «قد تتسلل اللغة لمداركنا وتُغيِّر طريقة شعورنا بالوقت بطريقة لغوية خاصة».

وفي إحدى التجارب، عُرِض رسم مُتحرِّك لخط يزداد طولًا على مجموعتين، فكانت المجموعة الأولى مكونة من 40 متحدثًا بالإسبانية، والثانية 40 متحدثًا بالسويدية.

وقد استمر عرض الرسم لمدة 3 ثوان في كل مرة، لكن الخط لم يزداد دائمًا بنفس الطول.

وقد توقع الباحثون أن يجد متحدثو السويدية صعوبة في معرفة الوقت الذي يمر عند مشاهدة الخط، بسبب وصفهم للوقت بمصطلحات خاصة بالمسافة، وقد كان الباحثون على صواب.

أما متحدثو الإسبانية -الذين يشيرون للوقت بمصطلحات خاصة بالحجم كـ صغير وكبير- فقد كانوا أفضل كثيرًا، وأدركوا أن الخط يستمر في الازدياد لمدة ثلاث ثوان كل مرة، بغض النظرعن تغيُّر طوله.

ويقول (إيمانويل بايلوند- Emanuel Bylund)، أحد الباحثين من جامعة «Stellenbosch»: «يميل متحدثو السويدية إلى التفكير بأن الخط الذي يزداد بشكل أطول، يأخذ وقتًا أطول».

وفي تجربة أخرى، عُرِض رسم متحرك آخر للمشاركين يتكون من وعاء يمتلئ بأحجام مختلفة كل مرة، مع ثبات الوقت أيضًا.

وبالتأكيد هذه المرة متحدثو الإسبانية هم من واجهوا مشاكل بتقدير مسار الوقت.

وللتعمق أكثر فيما حدث، عُرِض نفس الرسم المتحرك على متطوعين آخرين ثنائيي اللغة ممن يتحدثون الإسبانية والسويدية معًا.

فكانت النتيجة النهائية كسابقتها: عند عرض التجربة وتحليلها بالسويدية، خُدع المتطوعون بالرسم المتحرك للخط.

أما عند عرضها بالإسبانية، فإن رسم الوعاء هو من تدخل بإدراكهم للوقت.

وينبغي ملاحظة أن التنوع لم يكُن كبيرًا، حيث يقول الباحثون أن التفرقة في المواقف الصعبة هي فقط ما تأثرت باللغة، على سبيل المثال حين كان طول الخط ليس بالطويل أو القصير للغاية، أو عندما كان الوعاء ليس فارغًا أو مُمتلئًا تمامًا.

إذًا ما الذي يحدث؟ يعتقد الفريق أن النمو منذ الصغر مع لغة تربط الزيادة في الطول بزيادة في الوقت -يظهر ذلك في مصطلحات كـ يوم طويل-، يجعل عقولنا تفترض أن خطًا أطول يحتاج بالضرورة وقتًا أطول ليُرسم.

كما وقال بيلوند: «تخميننا أنه تحيُّز تجريبي مُتعلق بحقيقة أنه عند التحرك في فضاءٍ ما، كلما قطعنا مسافة أكبر، كلما احتجنا لمزيد من الوقت».

ويضيف: «حتى الأطفال الذين لم يُتقنوا اللغة بعد، يبدو بأنهم يمتلكون علاقة بين الطول في الزمن والطول المادي.

قد يكون هذا شيئًا فطريًا وقد يكون مكتسبًا مع التحرك في فضاءٍ ما».

لكن التجربة تُثبت أن التحدث بأكثر من لغة يُحسِّن أجزاء معينة في المخ، سامحًا لنا بالتفكير في الوقت بطريقتين مختلفتين.

ويقول البروفيسور أثاناسوبولوس: «بتعلُّم لغة جديدة، تصبح فجأة مُدركًا للأبعاد الحسية التي لم تكن تدركها من قبل».

ويضيف أيضًا: «إن الطريقة التي بدَّل بها ثُنائيي اللغة بين طريقتين في التفكير، تُظهر التأثير القوي للغة على عقولنا».

ويتابع قائلًا: «تستطيع اللغة التسلل إلى أكثر أحاسيسنا بدائية، بما فيها مشاعرنا وإدراكنا البصري، وقد اتضح الآن بأنها تستطيع التسلل لإدراكنا للوقت».


  • ترجمة: خالد طاهر
  • تدقيق: هبة فارس
  • تحرير: عيسى هزيم
  • المصدر