منذ آخر الرحلات الفضائية المأهولة للقمر، أصبحت كل استكشافاتنا للفضاء تُركز على المدار الأرضي المنخفض.

ولكن تُرى ما هو الشيء المميز عنه!؟

المدار الأرضي المنخفض ليس على ارتفاع شاهق

نعم كان يظن جميعنا أن المدار الأرضي المنخفض يمتد بعيدًا في الفضاء وهو بالفعل على ارتفاع عالٍ.

محطة الفضاء الدولية تدور حول الأرض على ارتفاع 400 كم عن سطح الأرض.

وبالرغم من ذلك، لا يُعتبر هذا الارتفاع ببعيد بالنسبة لباقي المدارات.

يُمكنك إلقاء نظرة على هذا النموذج بلغة البرمجة (بايثون) والذي يُوضح المسار الذي تتخذه محطة الفضاء الدولية حول الأرض.

لقد قُمت بتكبير محطة الفضاء الدولية حوالي 2000 مرة من حجمها الفعلي حتى يُمكنك رؤيتها.

وها هو كود البرمجة الخاص بها ويُمكنك التغيير فيه إذا أردت.

أيضًا يُمكنك إدارة المشهد أو تكبيره عن طريق الضغط بالزر الأيمن للفأرة والسحب لأسفل.

كما تُشاهد فإن المدار الأرضي المنخفض بالكاد يُمكنك رؤيته فهو ليس بعيدًا عن سطح الأرض.

ولكن ماذا عن المدارات الثابتة بالنسبة للأرض؟ الأقمار الصناعية الثابتة نسبيًا بالنسبة للأرض هي أقمار صناعية على مسافة مدارية ثابتة حيث أن سرعتها الزاويّة هي نفس سرعة الأرض.

هذا يعني أنه بالرغم من أنها تدور حول الأرض إلا أنها تبدو وكأنها ثابتة فوق مكان معين على سطح الأرض.

لم يذهب البشر للمدارات الثابتة نسبيًا للأرض. ولكن كل الرحلات تقف عند المدار الأرضي المنخفض.

المدار الأرضي المنخفض مرتبط بالسرعة أكثر من الارتفاع

دعنا نفترض أنه لا يوجد هواء على سطح الأرض. والآن أنت تريد أن تُطلق قمرًا صناعيًا للمدار الأرضي المنخفض.

هناك أمران عليك القيام بهما (أثناء حبس أنفاسك حيث لا هواء الآن).

أولًا عليك أن ترفع القمر الصناعي إلى ارتفاع حوالي 400 كم عن سطح الأرض.

ثانيًا عليك أن تزيد من السرعة الأفقية للقمر الصناعي حيث تشده الجاذبية نحو الأرض مما يجعل مداره منحنيًا في شكل دائرة.

لكن ما الذي يحتاج إلى طاقة أكبر؟ ها هي فقرة تعليمية سريعة عن الطاقة المدارية.

فلنفترض أن لدي الرغبة في أن تدور مركبة فضائية على مسافة (r) من مركز الأرض (والتي يبلغ نصف قطرها R).

القوة الوحيدة المؤثرة على المركبة هي قوة الجاذبية الأرضية والتي تقل كلما زادت المسافة بين المركبة ومركز الأرض.

هذه القوة هي المسؤولة عن حركة الجسم في دائرة نصف قطرها (r) ولتكن لديها عجلة تسارعية أثناء حركتها.

إذًا لدي ( G ثابت الجاذبية الأرضية، ME كتلة الكرة الأرضية):

التغير في الطاقة اللازم لبقاء جسم في مداره هو مجموع التغير في الطاقة الحركية بالإضافة إلى التغير في الطاقة الكامنة الخاصة بالجاذبية (بداية من سطح الأرض إلى المدار).

كلا المقداران يعتمدان على بعد الجسم عن مركز الكوكب.

بالتعويض بقيمة السرعة من المعادلات الأولى:

الشق الأول من المعادلة هو الطاقة الحركية (دالة في نصف قطر المدار) وباقي المعادلة نتيجة التغير في الطاقة الكامنة الخاصة بالجاذبية.

إذا قمنا بالتعويض بقيمة نصف قطر المدار ولتكن 400 كم فإن الطاقة الحركية ستكون نسبتها حوالي 89% من مجموع الطاقة المطلوبة للبقاء في المدار وتبلغ الطاقة الكامنة المطلوبة حوالي 11% فقط.

ولكن ماذا عن باقي المدارات ذات الارتفاعات المختلفة؟ كلما ارتفعت لأعلى، قلت نسبة الطاقة الحركية المطلوبة وزادت نسبة الطاقة الكامنة الخاصة بالجاذبية الأرضية.

ها هو رسم بياني يوضح الطاقة المطلوبة لمدارات مختلفة (بداية من سطح الأرض).

هذا الرسم البياني يتجاهل الطاقة المفقودة نتيجة مقاومة الهواء في الغلاف الجوي كما يتجاهل أيضًا الدفعة التي يُمكنك الحصول عليها من دوران الأرض.

المدار الأرضي المنخفض لا يدوم

حينما تدخل مركبة فضائية في المدار الأرضي المنخفض فإنها لا تبقى هناك للأبد.

في الوقت الذي تدور فيه الأجسام حول الأرض فإنها تتفاعل أيضًا مع الغلاف الجوي.

هناك قوة كابحة صغيرة من الهواء تشبه تلك التي تقاوم الطلقة الخارجة من فوهة مسدس الفارق بينهما هو في حجم قوة الكبح فقط.

تقل كثافة الهواء بشكل كبير في المدار الأرضي المنخفض وبالتالي فهي تؤثر بقوة صغيرة جدًا على الأجسام.

يقل تأثّر الأجسام الكبيرة بقوة الكبح فكلما زادت كتلتها قلّ تأثّرها.

قوة الكبح تتناسب طرديًا مع مساحة مقطع الجسم ولكن الكتلة تتناسب طرديًا مع الحجم.

لذا إذا قمت بمضاعفة أطوال هذا الجسم فإن المساحة ستزيد بمقدار 4 مرات ويزيد الحجم بمقدار 8 مرات مع زيادة كبيرة للكتلة فيقل تأثّر الجسم بقوة الكبح.

كيف يمكنك أن تُبقي مركبة فضائية في المدار الأرضي المنخفض؟ إنها تحتاج مساعدة من صديق آخر.

في حالة محطة الفضاء الدولية فإن المساعدة تأتي لها من مركبة النقل الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية حينما تستخدم محركاتها في دفع محطة الفضاء الدولية.

مازال المدار الأرضي المنخفض أولى الخطوات نحو الفضاء

على الرغم من أن المدار الأرضي المنخفض يفتقر للعديد من الأشياء لكنه يعرض شيئًا مميزًا للغاية.

بمجرد أن تصل للمدار الأرضي المنخفض فلديك الوقت الكافي لتأخذ خطوتك المقبلة.

بالفعل هو ليس دائمًا بالضرورة ولكنه دائمٌ إلى حدٍ ما.

إنه يعتبر نوعًا ما كالدرجة السفلى من السلم الخشبي.

فهي لا تأخذك بعيدًا ولكن لا بد من أن تأخذ الخطوة الأولى.

لكن ما هي الخطوة التالية؟ الدرجة التالية في السلم الخشبي من المحتمل أن تكون الخروج الكامل من مجال الجاذبية الأرضية.

حينما تبدأ من سطح الأرض بسرعة 11كم/ث فإن لديك الطاقة اللازمة لمغادرة الكوكب وعدم العودة أبدًا، هذه السرعة تُدعى سرعة الهروب.

بالطبع عند خروجك من مجال الجاذبية الأرضية فإنك لازلت تتأثر بالشمس مثلك مثل الأرض.

فإذا أردت أن تخرج من النظام الشمسي بأكمله فلا بد من أن تكون سرعتك 42.1كم/ث منذ لحظة انطلاقك من على سطح الأرض.

ما يقودنا إلى آخر الأسئلة، إلى أين يُمكنك الذهاب من هناك؟


  • ترجمة: محمد خالد عبدالرحمن
  • تدقيق: جعفر الجزيري
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر