غربال إيراتوسينس
غربال إيراتوسينس هي طريقة بسيطة للتعرف على الأعداد الأولية. نبدأ بتجاهل الرقم 1 ويكون الرقم 2 هو أول الأعداد الأولية، نقوم بتحديده وتحديد كل الأرقام القابلة للقسمة عليه
(تم تظليلها باللون الأصفر). ثاني الأعداد الأولية هو الرقم 3 ثم يتم تحديد الأعداد القابلة للقسمة عليه (تم تظليلها باللون الأزرق) ومن ثم نجد الرقم 5 ومن بعده 7 بنفس الطريقة. بعدهم يظهر الرقم 11 ولكننا لن نحتاج أن ندخله في حساباتنا هو أو ما يليه لأن حاصل ضرب الرقم 11 في نفسه يساوي 121 وهو خارج نطاق الحسابات هنا والتي تنتهي عند الرقم 100.
في نهاية تلك العملية تتبقى لنا الأعداد الأولية غير مظللة بأي لون.

في القرن الثالث قبل الميلاد، وبينما كان الإسكندر الأكبر في قمة مجد غزواته، كذلك كانت الرياضيات تحقق انتصارات كثيرة على حدود الإمبراطورية الهلنستية الإغريقية.

أصبحت الإسكندرية في مصر مركزًا تعليميًا ضخمًا تحت حكم البطالمة السخي، واكتسبت مكتبتها الشهيرة سمعةً تنافس أكاديمية أثينا.

كما يُعتقد أن علماءها الكبار هم أول من تلقوا رواتب لتفرغهم للأبحاث.

كان من أشهر العلماء المؤثرين والذين تعلموا وعلموا في الإسكندرية: إقليدس (Euclid)، أرخميدس (Archimedes)، إيراتوسينس (Eratosthenes)، هيرو (Heron)، مينلاوس (Menelaus) وديوفانتوس (Diophantus).

كان إقليدس مؤرخًا مهمًا لرياضيات عصره، وذلك في أواخر القرن الرابع وبدايات القرن الثالث قبل الميلاد، كما كان أحد أكثر المعلمين تأثيرًا في التاريخ.

أخترع إقليدس الهندسة الكلاسيكية كما نعرفها الآن باسم (الهندسة الإقليدية).

بينما عاش أرخميدس معظم حياته في سيراقيوز في صقلية، إلا إنه درس في الإسكندرية لفترة.

بالرغم من إنه مشهور لكونه مهندسًا ومخترعًا، ولكن في ضوء الاكتشافات الجديدة، يعتبر الآن من أعظم علماء الرياضيات البحتة في التاريخ.

كان إيراتوسينس السكندري معاصرًا لأرخميدس في القرن الثالث قبل الميلاد.

كان إيراتوسينس عالم رياضيات، وفلكيًا، وجغرافيًا، كما أنه ابتكر أول نظام لخطوط الطول ودوائر العرض، وكذلك قام بحساب محيط الكرة الأرضية بدرجة دقة عالية.

كان (غربال إيراتوسينس) أعظم ما حققه كرياضي، وهي طريقة تستخدم للتعرف على الأعداد الأولية (الأعداد التي لا تقبل القسمة إلا على نفسها وعلى رقم 1).

قدم مينلاوس السكندري مفهوم المثلث الكروي

من غير المعلوم على وجه الدقة متى احترقت مكتبة الإسكندرية، ولكن ظلت الإسكندرية مركزًا حضاريًا وعلميًا لقرون.

كان هيرون (أو هيرو) أحد مخترعي الإسكندرية العظام، يعد مثلث هيروني أشهر اكتشافاته في مجال الرياضيات (وهو المثلث الذي تكون أطوال أضلاعه قيمًا صحيحة كلها وكذلك مساحته تكون رقمًا صحيحًا)، كذلك معادلة هيرو لحساب مساحة المثلث بمعرفة أطوال أضلاعه، كما قدم طريقته لحساب قيمة الجذر التربيعي باستخدام العمليات المتكررة.

كما كان هيرو أول عالم رياضيات يواجه معضلة الجذر التربيعي للرقم السالب (بالرغم من إنه لم تكن لديه أدنى فكرة لكيفية التعامل مع شيء من هذا القبيل، وكان علينا الانتظار حتى القرن السادس عشر حتى قدّم تارتاليا وكاردانو طريقة للتعامل معها).

كان مينلاوس السكندري (والذي عاش في نهايات القرن الأول وبدايات القرن الثاني الميلادي)، أول من يعرف الجيوديسي (geodesics) على الأسطح المنحنية وهو ما يعادل الخطوط المستقيمة على السطوح المستوية (أقصر مسافة بين نقطتين على خط مستوي هي الخط المستقيم بينما أقصر مسافة بين نقطتين على سطح منحني منتظم هو الجيوديسي).

تعامل مينلاوس في كتابه (سفيريكا – Sphaerica) مع هندسة الكرة واستخداماتها في القياسات والحسابات الفلكية، كما قدم فكرة المثلث الكروي (وهو شكل يتكون من ثلاثة أقواس ضخمة وهو ما أطلق عليه أسم ثلاثي الحدود (trilaterals)).

كان ديوفانتوس السكندري أول من عرّف الكسور كأرقام في القرن الثالث الميلادي، كما يعتبر مخترعًا مبكرًا في مجال سيطلق عليه لاحقًا الجبر.

تعرض ديوفانتوس لبعض المعادلات الجبرية المعقدة، بما في ذلك ما يعرف الآن بالتحليل الديوفانتي (نسبة له)، وفيه يحاول الحصول على حلول صحيحة لنوع من المسائل التي تؤدي إلى معادلات متعددة المجاهيل (معادلات ديوفانتية).

يضم كتاب ديوفانتوس (أريثماتيكا – Arithmetica) مجموعة من المعادلات وحلولها الرقمية لكلٍ من المعادلات ذات الحل الواحد أو متعددة الحلول، وكان ذلك الكتاب أهم الكتب في مجال الجبر في كل الرياضيات الإغريقية، كما كانت مسائله تمارين عقلية لأفضل رياضيي العالم لمعظم السنوات الألفين التالية.

●مقاطع أبولونيوس المختلفة للمخروط

لم تكن الإسكندرية وحدها المركز التعليمي في الإمبراطورية الهلنستية.

يجب أن نذكر أيضًا أبولونيوس (Apollonius) من بيرجا (مدينة في جنوب تركيا الحالية) والذي كانت أعماله في أواخر القرن الثالث قبل الميلاد في الهندسة (وخاصة عمله على المخروط والقطع المخروطي) عاملًا مؤثرًا بشدة في أعمال الرياضيين الأوروبيين اللاحقين.

أطلق ابولونيوس على القطع الناقص والقطع المكافئ والقطع الزائد تلك الأسماء والتي نعرفهم بها حتى الآن، كما وضح كيفية الحصول على كل منها من مقاطع مختلفة من المخروط.

ربما كان هيبارخوس (Hipparchus)، وهو أيضًا من هضبة الأناضول الهلنستية وعاش في القرن الثاني قبل الميلاد، أعظم الفلكيين القدماء في التاريخ.

فقد أعاد إحياء استخدام الأساليب الرياضية التي ابتكرها الكلدان والبابليون، كما تنسب له عادة بدايات علم حساب المثلثات.

حسب هيبارخوس بعد القمر عن الأرض (بدقة كبيرة بالنسبة لعصره) حيث قام بقياس الأجزاء المختلفة الظاهرة من القمر في مناطق مختلفة من الأرض ثم حساب المسافة باستخدام خصائص المثلثات.

كما قدم أول جدول للأوتار (أطوال أضلاع المثلث بمعرفة زواياه المقابلة لها).

ولكن في القرن الثاني ميلاديًا في عصر الفلكي السكندري العظيم بطليموس، كانت معرفة الإغريق بالرياضيات تطورت بصورة كبيرة حتى أن بطليموس استطاع أن يُدرج في كتابه (المجسطي – Almagest) جدولًا لحساب المثلثات لقياسات الأوتار لكل ربع درجة بدقة حتى العلامة العشرية الخامسة (بالرغم من أنه عبّر عنها بالأرقام ذات الأساس الستيني كما اعتاد البابليون كتابة أرقامهم).

أحكم الرومان قبضتهم على الإمبراطورية الإغريقية بداية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد وما تلاه.

لم يحتج الرومان للرياضيات البحتة، بل لاستخداماتها العملية، وكذلك كان النظام المسيحي الذي تلاه أقل اهتمامًا منهم بالرياضيات.

تمثلت آخر ضربة لتراث الفترة الهلنستية الرياضي في هيباتيا السكندرية، أول عالمة رياضيات مسجلة في التاريخ، ومعلمة مشهورة، ولها كتابات محترمة للتعليق على أعمال ديوفانتوس وأبولونيوس.

سحلتها جماهير مسيحية ثائرة حتى الموت في عام 415 ميلادية.


ترجمة: جورج فام
تدقيق: جعفر الجزيري
تحرير:عيسى هزيم
المصدر