إنجاز طبي هائل
تحويل أوراق سبانخ لنسيج قلبي نابض


كثيرًا ما شاهدنا أفلام الرسوم المتحركة (باباي) في الطفولة، وهو شخصية خيالية لبحار يكتسب قوة خارقة عندما يتناول السبانخ وكان ينتصر على عدوه اللدود (بلوتو) بفضل وجبة السبانخ.

وقد كتبت الديلي ميل مقالة عن خرافة السبانخ منذ القدم، إذ كان يُعتقد أنه يحتوي على كمية كبيرة من الحديد مما يمنح قوة عالية، ولكن وضحت المقالة أن الكيميائي الألماني الذي حسب نسبة الحديد بالسبانخ قد أخطأ بوضع الفاصلة العشرية.

 

ولكن اليوم يعود العلماء بدراسة جديدة تعيد أهمية السبانخ في حياتنا.

فقد طوّر الباحثون نسخة مصغرة من قلب يعمل باستخدام أوراق النباتات كدعامة.

هذه الدراسة تفتح الآفاق حول تجديد الأنسجة الحية.

الصورة على اليمين تظهر فيها غشاء السبانخ بعد عزله من خلايا ورقة السبانخ قبل إضافة الصبغة لدراسة مقدرته على تصفية ومرور الدم خلاله.

على اليسار صورة ورقة السبانخ بعد أن برهنت إمكانية ضخ أو مرور الصبغة الحمراءمن خلال عروقها، لتحفز الدم، الأكسجين والغذاء الذي يحتاجه نسيج قلب الإنسان للنمو.

 

طوّر العلماء طرقًا لاستخدام أوراق السبانخ لبناء عضلات قلب الإنسان النابض، وهذا الإنجاز من المحتمل أن يحل مشكلة ظلت عائقًا لفترة طويلة أمام الجهود لإصلاح الأعضاء التالفة.

نُشرت الدراسة بمجلة المواد الحيوية- Biomaterial Journal وقد عرضت الدراسة طريقةً جديدةً لنمو النظام الوعائي والذي ظل عائقًا أمام إمكانية تجديد الأنسجة.

طور العلماء مسبقًا نسيجًا بشريًا مختبريًا باستخدام تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد – 3D printing، ولكن من الصعب جدًا أن تنمو الأوعية الدقيقة التي تجعل من النسيج حيًا وصحيًا.

«العائق الرئيسي لعملية تجديد الأنسجة هو فقدان شبكة الأوعية» المؤلف المشترك جوشوا جيرشلاك، طالب دراسات عليا في معهد ورسستر بوليتيك Worcester Polytechnic Institute (WPI)- في ماساشوستس، وصف الدراسة بالفيديو بقوله:

«بدون الأوعية، الكثير من الأنسجة سوف تموت».

واحدة من صفات ورقة السبانخ هي تفرع الشبكة إلى عروق دقيقة تنقل الماء والغذاء إلى الخلايا.

يستخدم العلماء الآن العروق النباتية لمضاعفة الطرق التي ينتقل بها الدم خلال النسيج البشري.

العمل تضمّن تحوير ورقة السبانخ مختبريًا لإزالة الخلايا النباتية تاركة خلفها هيكلًا مصنوعًا من السيليلوز.

«السيليلوز هو متوافق حيويًا واستخدم على مدى واسع في التطبيقات الطبية التجديدية مثل تجديد أنسجة الغضروف، تجديد أنسجة العظام وشفاء الجروح» هذا ماذكره الكاتب في الورقة البحثية المنشورة.

غمر فريق العمل باقي الإطار السيليلوزي لورقة السبانخ بالخلايا البشرية الحية، وبذلك تمكّن النسيج البشري من النمو على هيكل ورقة السبانخ واستغلاله كدعامة، وإحاطة الخلايا بالعروق الدقيقة.

 

وفي حال حُوّلت ورقة السبانخ إلى قلب مصغر، أطلق الفريق السوائل والميكروبيدات (وهي جسيمات بوليمرية منتظمة) خلال العروق ليمكنهم مشاهدة جريان خلايا الدم في هذا النظام.

الهدف النهائي من الدراسة هو أن يتمكن من استبدال الأنسجة التالفة عند المرضى في حالات النوبات القلبية أو من يعانون من خلل بالأنسجة القلبية التي تمنع انقباض عضلة القلب.

ونفس الحال مع الأوعية الدموية، إذ تنقل الأوعية في الورقة المحورة الأكسجين إلى منطقة النسيج المستبدل بصورة كاملة، وهي مهمة في توليد مادة جديدة للقلب.

قال الفريق المشارك بالدراسة أنه بالإمكان استخدام نفس الطرق مع أنواع مختلفة من النباتات لإصلاح أنسجة مختلفة في الجسم.

على سبيل المثال، استبدال خلايا الخشب يمكن أن تساعد في يوم ما على إصلاح عظام الإنسان.

«لدينا الكثير من العمل لنقوم به، لكن حتى الآن، هذا يعد بفتح آفاق جديدة في المستقبل» هذا ما قاله الباحث المشارك كلين كوديت، والباحث في WPI في بيان صحفي:

«تكييف النباتات التي تزرع في الحقل منذ آلاف السنين لتستخدم في تجديد الأنسجة يمكن أن يحل مجموعة من المشاكل التي تعيق التقدّم في مجال تجديد الأنسجة».


ترجمة: آيات اللعيبي
تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر