الاصطدام المجري ، وكونٌ يغلي بالتّفاعلات: كيف تشكّلت وتتشكّل المجرّات الضّخمة في فضاء كوننا الفسيح؟

عندما تتسنّى لأعيننا الحالمة فرصة مطالعة صفحة السّماء المرصّعة بالنّجوم في اللّيالي المظلمة، عادة ما ننغرّ بالسّكون والإنتظام الذي يحكم حركة تلك الأجسام الكونيّة. ولكن ما تخفيه السّماء عنّا وأخفت لأكثر من 2000 قرن منذ تواجد الجنس البشري على هذا الكوكب لأعظم ممّا بوسعنا أن نتخيّل!فمع أنّ أرسطو، أناكساغوراس، ديموقريطوس، وأبو الرّيحان البيروني وصفوا مجرّة درب التبّانة على أنّها مجموعة متجاذبة من النّجوم قبل أكثر من 2000 عام، ومع أنّ ويليام هيرشيل وأخته كارولين حاولا رسم خريطة للمجرّة عن طريق رصد وتوثيق أكثر من 800 نجم و2500 سديم كوني في القرن الثّامن عشر، إلاّ أنّ أيًّا منّا لم يكن ليتوقّع أن تحتوي المجرّة على أكثر من 100 مليار نجم، أن تمتدّ لأكثر من 100 ألف سنة ضوئيّة، أو حتّى أن تكون مجرّد مجرّة واحدة في كونٍ مترامي الأطراف ويحتوي على أكثر من 170 مليار مجرّة.ومع أنّ هذه المشاهدات والإكتشافات أذهلت الوعي البشريّ في العقود القليلة الماضية، إلاّ أنّها لا تُقارَن بأثر إكتشافنا أنّ النّجوم، تلك النّقاط الصّغيرة اللّامعة، تولد، بعضها يشعّ لأكثر من 10 مليون عام والبعض الآخر لأكثر من 10 آلاف مليون عام، ومن ثمّ تموت وتنفجر، ناثرةً العناصر الكيميائيّة الضّروريّة لتشكّل الكواكب ولنشأة الحياة في محيطها الكونيّ.

لقد حطّمت مشاهداتنا للدّيناميكيّة، التغيّر، والتبدّل في دورة حياة النّجوم تلك الصّورة الذّهنيّة التي تصوّر السّماء على أنّها ملجأ للسّكون والجمود، واستبدلتها بالرّؤية التي تصوّر الكون على أنّه مرجلٌ يغلي بالتّفاعلات.

أحد صور هذه التّفاعلات التي كشف عنها المقراب الفضائيّ هابل، وغيره من التّيليسكوبات الأرضيّة والفضائيّة، في السّنوات الأخيرة هي تفاعل المجرّات مع بعضها البعض، وحتّى، في بعض الأحيان، إصطدامها المباشر.

الإصطدام المجرّي يحدث بسبب التّفاعل الجذبي بين مجرّتين أو أكثر، ولكن بسبب التوزّع غير الكثيف للمادّة في غالبيّة المجرّات، فإنّ التّصادم لا يكون عنيفًا بقدر ما قد يوحي إستعمالنا البشريّ للكلمة. على العكس، في البعض الحالات، من الممكن أن تمرّ المجرّات عبر بعضها البعض بدون أن تخسر أيًّا منها الكثير من كتلتها الأصليّة. في حالاتٍ أخرى، قد يؤدّي التّصادم إلى اندماج المجرّات المتصادمة إلى مجرّة واحدة هائلة في الضّخامة. الإندماج يحدث عندما لا تملك المجرّات المتصادمة ما يكفي من الزّخم لتستمرّ في الحركة بعد الإصطدام، ممّا يؤدّي إلى انطوائها على بعضها البعض (بسبب التّفاعل الجذبيّ) وتشكّل مجرّة واحدة كبيرة. المجموعة الثّانية من الإصطدامات قد تكون عنيفة وتؤدّي إلى نثر أعداد هائلة من النّجوم إلى الفضاء.

الإصطدام المجرّي يعتبر عاملاً هامًّا في تفسير تطوّر المجرّات منذ نشأة الكون قبل قرابة الـ 13.7 مليار سنة، إذ أنّ الظّاهرة تفسّر الإختلاف والتنوّع في أحجام المجرّات، أشكالها، وتوزّعها. فعلى سبيل المثال، المجرّات الضّخمة، مثل IC1101، تشكّلت نتيجة لإصطدام عدد من المجرّات الصّغيرة المتجاورة. كما أنّ الإصطدام المجرّي يساهم في تحفيز سُحُب الغازات المتواجدة في المجرّات المتصادمة على التكثّف وتشكيل النّجوم.


المصادر (لمزيد من القراءة والمعلومات):
http://en.wikipedia.org/wiki/Interacting_galaxy
http://csep10.phys.utk.edu/astr162/lect/galaxies/colliding.html
http://en.wikipedia.org/wiki/Galaxy_merger
http://en.wikipedia.org/wiki/Milky_Way
http://en.wikipedia.org/wiki/Galaxy
http://en.wikipedia.org/wiki/Star
http://science.nasa.gov/astrophysics/focus-areas/what-are-galaxies/
http://en.wikipedia.org/wiki/IC_1101

مجموعة من الفيديوهات التي تحاكي الإصطدام المجرّي، بناءً على معلومات حقيقيّة ناتجة عن مشاهداتٍ فلكيّة:
http://isc.astro.cornell.edu/~spoon/crashcourse/collisions.html
http://www.youtube.com/watch?v=D-0GaBQ494E
http://www.youtube.com/watch?v=DxYwdgHpbKM
http://www.youtube.com/watch?v=Cd9cBlvfjow
http://www.youtube.com/watch?feature=fvwp&NR=1&v=4aFLXzFg6EU