التعرق الدموي

عندما يتصبب الإنسان دمًا


ملخص:

التعرق الدموي هو حالة نادرة جدًا التي يتعرق بها الشخص المصاب دمًا، وقد تحدث عند أشخاص يعانون من درجات مرتفعة من الضغط العصبي «الإجهاد».

وقد اُقترحت عدة عوامل مسببة لهذه الظاهرة مثل الحيض بالإنابة والجهد الزائد، بالإضافة إلى أسباب نفسية المنشأ وأسباب أخرى غير معروفة.

ويعتبر الخوف والتأمل العقلي الشديد من الأسباب الأكثر شيوعًا.

كما يمكنه أيضًا أن يحدث إثر اضطرابات النزيف.

وفي هذا المقال، سنتناول حالة تعرق دموي من الجبين والوجه والجسم عند فتاة بصحة جيدة تبلغ من العمر 12 عامًا، مع عدم وجود أي اضطرابات للنزيف أو أي سبب آخر رئيسي.

 

وكانت جميع الأبحاث التي أجريت ضمن الحدود العادية، باستثناء نسبة الذكاء المنخفضة وفقدان البصيرة.

مقدمة:

عادةً، يحدث التعرق الدموي في حالات اضطرابات النزيف، كما قد يحدث لدى الأفراد الذين يعانون من مستويات مرتفعة من الإجهاد الضغط العصبي.

هناك شبكة من الأوعية الدموية المتعددة حول الغدة الدرقية، هذه الأوعية تنقبض بفعل الضغط العصبي الشديد.

بعد ذلك، وبعد مرور حالة القلق، يحدث تمزق للأوعية الدموية بفعل تمددها ويجري الدم إلى الغدد العرقية، وبما أن الغدد العرقية تُفرز الكثير من العرق، فهي تدفع الدم إلى السطح، فيخرج عبارة عن قطرات دم مختلطة مع العرق.

وقد أفاد «Duan» وشركاؤه أن التعرق الدموي مرتبط بنقص الصفيحات الأساسي.

في حين وصف «Migliorini» حالة من حالات التعرق الدموي على أنها ثر أذني.

وفي هذا المقال، نُقدِّم تقريرًا حول حالة يكون فيها العرق الدموي على مستوى الجبين والوجه والجسم بصورة عرضية عند فتاة شابة بصحة جيدة والتي لا تعاني من أي من هذه الاضطرابات.

 

تقرير الحالة الطبية:

هي حالة لفتاة تبلغ من العمر 12 سنة، مصابة بالتعرق الدموي على مستوى الجبهة وفروة الرأس والخد والأنف والجذع منذ سنتين.

ويحدث النزيف بشكل دوري مرة أو مرتين في اليوم، وأكثر أحيانًا، خاصة عند الاستيقاظ في الصباح.

علمًا أنها لم تكن تعاني من أي إجهاد أو ضغط عصبي أو إحساس بالوخز.

ويبدأ التعرق بإفراز مائي خفيف يليه مباشرة إفراز باللون الأحمر، لمدة 10 إلى 15 دقيقة.

وجدير بالذكر أن الحالة لم يسبق أن تناولت أي دواء مضاد للتخثر، أو صباغة أية أدوية أخرى.

كما أنها لم يسبق أن عانت من أي مرض ولم تخضع لأية جراحة، ليس هناك أية حالة مماثلة في عائلتها، ودورتها الشهرية منتظمة وطبيعية.

وقد بيَّن الفحص الإجمالي لعينات الدم المفرزة أن الإفراز أحمر اللون، أقل لزوجة من الدم، إلا أنه لم يكن دمًا بالمعنى الدقيق.

ولوحظ تحت المجهر أنه يحتوي على الكثير من الكريات الحمراء.

كما أن اختبار بنزنيدين (وهو اختبار كشف الدم) كان إيجابيًا، في حين كان اختبار الكابتينوريا سلبيًا.

ونتائج الصيغة الدموية الروتينية لديها وتعداد الدم والصفائح الدموية ووقت النزيف وزمن التخثر وزمن الثرموبين الجزئي المنشط وزمن البروترومبين، وكذلك اختبارات وظائف الكِلى والكبد، كلها كانت في الحدود العادية.

أما نتائج اختبار شريحة الدم أظهرت وجود عدد كبير من الكريات الحمراء بالإضافة إلى عدد كبير من البكتيريا إيجابية الغرام والعصيات.

من جهة أخرى، أظهرت نتائج التحليل النفسي أن نسبة الذكاء تراوحت بين 60 و70، إضافة إلى الإصابة بفقدان البصيرة.

ولم يبين فحص الأنسجة أي شذوذ في الأوعية الدموية، كما أن بصيلات الشعر والغدد العرقية والدهنية كلها عادية.

 

وقد أعطى الفريق الطبي الأتروبين عبر الجلد للمريضة، في مواقع معينة، ولوحظ أن هناك تحسن تدريجي على مستوى شدة وتكرار الإفرازات.

وبعد شهر، توقفت الإفرازات بشكل نهائي، كما تابع الفريق الطبي المريضة لمدة شهرين بعد التوقف من إعطائها الأتروبين، وخلال هذه المدة لم تحدث أية إفرازات.

مناقشة:

كما ذكرنا سابقًا، هناك عدة عوامل للتعرق الدموي، من بينها الخوف الشديد، الضغط العصبي الشديد والتأمل العقلي، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل الحيض بالإنابة، إلا أنه في هذه الحالة لم يتم تحديد أي عامل من هذه العوامل.

فالفرضية الوحيدة حول نشوء هذا المرض تفيد أن الضغط العصبي الشديد يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية حول الغدة الدرقية، وبعد مرور حالة التوتر، تتمدد الأوعية إلى أن تتمزق فيترسب الدم إلى داخل الغدة العرقية، حيث يتم فرزه مع العرق على السطح، ويأتي ذلك نتيجة تنشيط الجهاز العصبي الودي كرد فعل على الإجهاد أو الضغط.

 

وعلاج مثل هذه الحالات غير مقنع بشكل كاف، فهناك تقرير واحد حول الاستخدام الناجح للبروبراتول.

وفي حالة هذه الطفلة، اُستخدم الأتروبين مما أدى إلى شفاء كامل.

ويعتقد العلماء أن مزيدًا من المعلومات حول سبب نشوء المرض قد يساعد في تطوير بروتوكول شامل لعلاج مثل هذه الحالات النادرة.


إعداد: زينب الشقيري
تدقيق: هبة فارس

المصدر