ما زال العلم يعطي آمالًا جديدة لمرضى فقر الدم المنجلي


يقول العلماء أن هناك تقنية علاج جيني جديد استُخدِمت بنجاح لأول مرة لإبطال مرض فقر الدم المنجلي.

ومع أن هذه الدراسة كانت لحالة واحدة تضمنت مراهقًا فرنسيًا واحدًا، ولكن العلامات المبكرة مشجعة، ويمكن لهذه المعالجة في النهاية أن تقود لعلاج فعَّال لملايين الأشخاص المصابين بهذا المرض المنتشر حول العالم.

ويحدث فقر الدم المنجلي عندما يأخذ واحد من البروتينات التي تُشكِّل نوعًا من الهيموغلوبين الذي نستعمله لإيصال الأوكسجين لأنحاء الجسم شكلًا مختلفًا قليلًا.

ويعد هذا التغير الصغير كاف لجعل الكريات الحمراء تفقد مرونتها، مُحوِّلًا إياها لخلايا منحنية منجلية الشكل، وكتل خطيرة تتراكم أثناء عبورها بصعوبة عبر الأوعية الدموية.

وقد استطاع الباحثون استعادة مرونة الخلايا الدموية للمريض وذلك باستخدام فيروس لإدخال جينات الشكل الصحيح لهذا البروتين إلى داخل نقي عظم المراهق الفرنسي.

وبعد 15 شهرًا من المعالجة، توقف المريض عن استعمال الأدوية، وعلى الرغم من أنه من المبكر جدًا القول أنه قد شُفي وظيفيًا، فهذا النوع من العلاجات الرائدة يعد جيدًا حتى الآن.

وقال واحد من فريق الباحثين للـ «BBC»، وهو (فيليب ليبولش- Philippe Leboulch) من جامعة باريس في فرنسا: «حتى الآن ليس لدى المريض أي أثر للمرض، أو الألم، أو الاستشفاء، ولم يعد يحتاج لنقل الدم وهذا يسرنا جدًا، ولكن بالتأكيد فنحن نحتاج لإجراء نفس هذه المعالجة على العديد من المرضى حتى نستطيع القول بثقة أنه علاج قوي يمكن اقتراحه كعلاج رائد رئيسي».

ويُسبِّب فقر الدم المنجلي حالة تُدعى نقص التروية «الإقفار»، وهي إعاقة لجريان الأوكسجين نحو أجزاء من الجسم مما يؤدي للألم وتضرر الأعضاء وفي بعض الحالات يؤدي إلى الموت.

والعلاج الوحيد المتوفر له على المدى الطويل هو زراعة نقي العظم، وهي عملية صعبة وذات خطورة عالية وليس جميع الأشخاص مؤهلون لإجرائها.

ولكن، ولأن فقر الدم المنجلي يتضمن طفرة في جزء صغير فقط من الشيفرة الوراثية لجسم الإنسان، والتي تؤدي لتشكُّل بروتين بيتا-غلوبين غير طبيعي معروف باسم هيموغلوبين s، فهو مرشح قوي للعلاجات الجينية التي يمكن أن تُعاكس هذه الطفرة.

وبالرغم من استمرار وجود القلق حول إمكانية استخدام تقنيات العلاج الجيني الحديثة هذه بشكل خاطئ، فلدى العلماء الآن دراية بكيفية تصحيح بعض الطفرات الوراثية.

وفي هذه الحالة، أخذ العلماء خلايا جذعية من نقي العظم الموجود في جسم المراهق، وأضافوا لها فيروسًا مصنوعًا بشكل خاص ومصمم لإعادة ترميز الخلايا لإنتاج هيموغلوبين طبيعي. ومن ثم أُعيد نقل الخلايا لداخل المريض.

وقد تضمنت تقارير الأطباء أن نصف كريات الدم الحمراء للمريض هي الآن طبيعية وصحية، ولم يعد يحتاج لنقل للدم منذ 3 أشهر بعد بدء أول معالجة له.

وقد اجتزنا طريقًا طويلًا، فقد اختُبِر هذا النوع من العلاجات على الفئران في 2001، ولكن ما زال هنالك الكثير قبل أن نستطيع القول أننا نملك علاجًا فعَّالًا طويل الأمد لفقر الدم المنجلي.

كما وتجرى الآن تجارب على عدد من أساليب المعالجة الجينية الأخرى، ولكن ليست كلها واعدة كهذا العلاج. ولا يزال العلماء يعدِّلون من أساليبهم لإيجاد علاج يمكن تطبيقه على أغلبية المرضى مع القدرة على تحمل نفقاته.

وقالت (ديبورا غيل- Deborah Gill)، من مجموعة بحث الطب الجيني في جامعة أوكسفورد والتي لم تكن مشاركة في الدراسة، للـ «BBC»: «عَمِلت في العلاج الجيني لمدة طويلة، ونقوم بخطوات صغيرة ونحن نعلم أنه ما زال هنالك الكثير من العمل، وهنا لدينا شخص تلقى العلاج الجيني وحصل على شفاء سريري كامل، فهذه خطوة كبيرة للأمام».


إعداد: عماد دهان
تدقيق: هبة فارس
المصدر