من يمتلك القمر؟
قانون ومعاهدات الفضاء الخارجي


لأن الفضاء عبارة عن منطقة بدون حدود واضحة، تُطرح العديد من الأسئلة حول السلطة القانونية على المركبات الفضائية التي تدور حول الأرض والأجرام السماوية الأخرى.

وقد وافقت مجموعة الدول التي ترتاد الفضاء على مجموعة متنوعة من السياسات والمعاهدات التي تهم أنشطة استكشاف الفضاء.

وبمجرد وصول البشر إلى النجوم، وصل البعض لكتب القانون. وفي العام الموالي لإطلاق الاتحاد السوفياتي مركبة سبوتنيك Sputnik سنة 1957، أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة “لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية Committee on the Peaceful Uses of Outer Space (COPUOUS)”.

وفي 1960، تم إنشاء المعهد الدولي لقانون الفضاء “International Institute of Space Law”، وهو منظمة غير حكومية، بهدف تعزيز التعاون الدولي لوضع قوانين الفضاء.

تقدم اليوم، العديد من الجامعات في جميع أنحاء العالم برامج وشهادات في قانون الفضاء.

وتطور مجال قانون الفضاء ليتعامل مع مسائل مثل حقوق الملكية، الأسلحة في الفضاء، حماية رواد الفضاء وغيرها.

ومع ذلك، لا زال تحديد هذا المجال يشكل تحدياً كبيراً. ففي الوقت الذي تم فيه التوقيع على المعاهدات من طرف العديد من الدول، وبسبب التقدم التكنولوجي، بإمكان الشركات الخاصة الآن أن تشارك في عملية استكشاف الفضاء، وقد لا يمكن إدراج هذه الشركات تحت بعض المعاهدات المتفق عليها.

وكذلك، تتغير الأولويات الوطنية بمرور الوقت، وقد لا تنعكس هذه الأولويات في المعاهدات التي تم إنشاؤها منذ عقود.

الأمم المتحدة ومعاهدة الفضاء الخارجي

تأسست لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية COPUOUS سنة 1958، وأصبحت دائمة سنة 1959.

وفي منتصف سنة 2016 كانت تضم 77 عضوا، بما في ذلك الدول الكبرى التي ترتاد الفضاء مثل الولايات المتحدة الأمريكية (ناسا NASA)، روسيا (روسكوسموسRoscosmos)، اليابان، الصين، البرازيل، كندا، أستراليا وأعضاء وكالة الفضاء الأوروبية ESA.

وتصف الأمم المتحدة هذه اللجنة باسم “نقطة محورية”، حيث تتفاوض الكيانات الدولية حول كيفية استخدام الفضاء بشكل سلمي.

ومن واجباتها: تبادل المعلومات حول الفضاء، مراقبة ما تفعله المؤسسات غير الحكومية في الفضاء وتعزيز التعاون الدولي.

كما أنشأت هذه اللجنة سنة 1962 لجنتين فرعيتين من أجل التعامل مع المسائل القانونية والتطورات العلمية والتقنية؛ ويتم تقديم خدمات الأمانة العامة من طرف مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي UNOOSA

لجنة استخدام الفضاء الخارجي هي القوة الكامنة خلف خمس معاهدات وخمسة مبادئ تسيطر على اكتشاف الفضاء.

والمعاهدة الأساسية هي معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي “Treaty on Principles Governing the Activities of States in the Exploration and Use of Outer Space”، بما في ذلك القمر وباقي الأجرام السماوية، أو كما تعرف باسم “معاهدة الفضاء الخارجي Outer Space Treaty”، وقد تمت المصادقة عليها سنة 1967، واعتمدت إلى حد كبير على مجموعة من المبادئ القانونية التي تم قبولها من طرف الجمعية العامة سنة 1962.

وتحتوي المعاهدة على العديد من النقاط الرئيسية، من أهمها:

• لجميع الدول الحرية في اكتشاف الفضاء، ولا يمكن لأي دولة أن تطالب بملكيته. يجب أن تكون أنشطة الفضاء في صالح جميع الأمم (لذلك لا أحد يملك القمر).

• لا يسمح للأسلحة النووية أو أسلحة الدمار الأخرى أن تدور حول الأرض، حول الأجرام السماوية أو في مواقع أخرى في الفضاء ( بعبارة أخرى، السلام هو الاستخدام الوحيد المقبول لمواقع الفضاء الخارجي).

• كل دولة مسؤولة عن أي ضرر تتسبب فيه أجسامها الفضائية (مركبات فضائية، أقمار صناعية…). كل دولة مسؤولة عن كافة الأنشطة الحكومية وغير الحكومية التي يقوم بها مواطنوها. يجب على هذه الدول أيضاً تجنب التلوث الضار بسبب الأنشطة الفضائية.

المعاهدات و المبادئ:

من أجل دعم معاهدة الفضاء الخارجي، تم وضع أربع معاهدات أخرى في ستينات وسبعينات القرن الماضي لدعم استكشاف الفضاء بشكل سلمي، هذه المعاهدات هي:

• (اتفاق الإنقاذ) 1968: تم وضعه لتزويـد الملاحـين الفـضائيين بكـل مـساعدة ممكنـة عنـد حـصول أي هبوط اضطراري أو حالة طارئة. ويجب على الدول أن تتخذ كافة الخطوات الممكنة من أجل إنقاذهم وتقدم لهم كل المساعدات اللازمة.

• (اتفاق المسؤولية) 1972: يأخذ بعين الاعتبار إذا تسبب جسم فضائي في ضرر أو فقدان لحياة الإنسان. وتقول المادة الأولى أنه يجب على الدولة التي تطلق الصواريخ أن تكون مسؤولة عن دفع تعويضات عن الأضرار التي تسببها الأجسام الفضائية التابعة لها على الأرض أو الرحلات الجوية.

• (اتفاقية التسجيل) 1975: وُضِعت لمساعدة الدول على تتبع كل الأجسام التي تم إطلاقها في الفضاء. هذا التسجيل مهم جداً من أجل تجنب الحطام الفضائي (بالنسبة لوكالة ناسا، تعطي القيادة الاستراتيجية الأمريكية تحديثات للوكالة إذا كان الحطام الفضائي يهدد مركبة فضائية أو محطة الفضاء الدولية).

• (اتفاق القمر) 1979: والذي يعطي المزيد من التفاصيل حول معاهدة الفضاء الخارجي لحقوق الملكية واستخدام القمر والأجرام السماوية الأخرى في النظام الشمسي -باستثناء الأجسام التي تدخل بشكل طبيعي للأرض، وهي النيازك -. ورغم ذلك، تم توقيع هذا الاتفاق من طرف 16 دولة فقط، وكلها تلعب دوراً صغيراً في اكتشاف الفضاء.

أنشأت الجمعية العامة خمسة مبادئ لدعم هذه المعاهدات:

• (إعلان المبادئ القانونية) 1963: انطلاقاً منه تم إنشاء معاهدة الفضاء الخارجي سنة 1967، يضع المبادئ التوجيهية، بما في ذلك فكرة أن استكشاف الفضاء، في صالح جميع البشر.

• (مبادئ البث) 1982: وهي المبادئ المنظمة لاستخدام الدول للتوابع الأرضية الاصطناعية في الإرسال التلفزيوني. وتشمل هذه المبادئ فكرة عدم التدخل مع إشارات الدول الأخرى، توفير المعلومات من أجل المساعدة في تبادل المعارف وتعزيز التنمية التعليمية و الاجتماعية (خاصة في الدول النامية).

• (مبادئ الاستشعار عن بعد) 1986: تتعلق باستخدام الموجات الكهرومغناطيسية لجمع البيانات حول الموارد الطبيعية للأرض. ومن المفترض أن تكون أنشطة الاستشعار في صالح جميع الدول، ويجب أن يتم تنفيذها بروح من التعاون الدولي.

• (مبادئ مصادر الطاقة النووية) 1992: تتعلق بكيفية حماية البشر والأنواع الأخرى من الأشعة في حالة انحراف الإطلاق أو حادثة تحطم مركبة على سطح الأرض. ومن الشائع بالنسبة للمركبات التي تستكشف خارج المجموعة الشمسية، أنها تستخدم مصادر الطاقة النووية من أجل توليد الطاقة، لأن الطاقة الشمسية ضعيفة جداً هناك.

• (إعلان المصالح/الفوائد) 1996: ويقول أن استكشاف الفضاء يجب أن يكون من أجل مصلحة جميع الدول. هذا الإعلان تم إنشاؤه قبل عامين من إطلاق مركبة الفضاء الدولية – مجهود قامت به 15 دولة – لأول وحدتين في الفضاء.

من أجل المزيد من التفاصيل والمعلومات بإمكانكم الإطلاع على «معاهدات الأمم المتحدة ومبادئها المتعلقة بالفضاء الخارجي» الصادر عن مكتب شؤون الفضاء الخارجي-الأمم المتحدة، من هنا:

 

والذي يضم جميع المعاهدات والقرارات التي اعتمدتها الجمعية العامة بالإضافة إلى عدة وثائق أخرى.


ترجمة: محمد أمين امكرود
تدقيق: أسمى شعبان

المصدر