يناقش العلماء خلق البشر من الخلايا الجذعية


لم يعد الأمر خيالًا علميًا بعد الآن.

سقطت ورقة بحث في صندوق البريد الخاص بي هذا الأسبوع بفرضية مذهلة: قريبًا، يمكن لخلية جذعية من جلد أو وجنة الإنسان أن تُزرع لتعطي خلايا تناسلية «الحيوانات المنوية والبويضات»، ومن ثم لخلق إنسان.

لكن هذه العملية، والمعروفة باسم (عملية تكوين الأمشاج- (in vitro gametogenesis/IVG، لم تكتمل أبدًا بخلق خلايا من البشر.
وفي الواقع، فقد حالفت الدراسات على البشر والقرود (الرئيسيات) نجاح محدود.

لكن كان هناك فئران حية حقيقية «والمزيد من أجنة الفئران التي لم يُسمح لها بالتطور» خُلِقت خلال هذه العملية.
وكل الدلائل تُشير إلى أن الأجنة البشرية ستكون هي التالية قريبًا.

وفي ورقة بحثية نُشِرت في دورية « Science Translational Medicine»، ناقشت ثلاثة أبحاث بأن الوقت قد حان للنظر في القضايا الثقافية والأخلاقية الجدية حول هذه التقنية.

وقال (إيلي أداشي- Eli Adashi)، وهو أستاذ في العلوم الطبية في جامعة براون ومؤلف الورقة البحثية، «إن الفوائد الطبية من هذه التقنية واضحة».

وأضاف: «تخيل فتاة صغيرة أصيبت بالسرطان، وتعرَّضت للعلاج الكيميائي والإشعاعي، وتعافت.
والآن هي امرأة تفكر بالإنجاب، لكنها عقيمة بسبب علاج السرطان الذي تعرضت له في طفولتها.
إن شخص كهذه المرأة ستحتاج اليوم لبيضة متبرعة بها، وهو أمر ليس بسيط لأن إنتاج أو الحصول على بيضة من امرأة ما أمر ليس سهلًا بقدر الحصول على النطاف من الرجال».

وبوجود تقنية «IVG» لن تكون هناك حاجة لهذه العملية المعقدة والمكلفة لإيجاد بيضة متبرع بها من شخص ثالث.
وبدلًا من ذلك، فإن مسحة من الوجنة وبعض الوقت لتُزرع في مختبر كفيل بإنتاج بيوض بقدر ما قد تحتاجه المرأة.

وبالمثل، قد يستفيد الرجال المصابين باضطرابات العقم الوراثية من العلاجات التي تُعدِّل مورثات نطافهم لكي تجعلها مُخصَّبة.
لكن غالبًا ما يكون من الصعب جمع نطاف كافية من هؤلاء الرجال حتى تنجح العلاجات المحتملة.

ستُمكِّن تقنية «IVG» الأطباء من خلق عدد غير محدود.

وأخيرًا، قد تجعل تقنية «IVG» عملية التخصيب داخل الأنابيب (in vitro fertilization/IVF) أرخص بكثير.
فلن يكون هناك حاجة ليُقاسي الزوجان عملية الاستخراج الصعبة والمعقدة في كثير من الأحيان.
فببضع دقائق فقط وبمسحة من الوجنة ستفي بالغرض.

أولًا، أي تقنية جديدة تتضمن خلق بشر يجب أن تجتاز مجموعة صارمة ودقيقة جدًا من الاختبارات الآمنة.
بالبداية على الرئيسيات غير الشرية ومن ثم على البشر.

وسيحرص المنظمون على أن يكون أي طفل يولد عبر هذه العملية مُراقَــبًا بحذر من أجل التأثيرات الصحية والمشاكل الأخرى.

لكن إذا استطاعت تقنية «IVG» أن تتجاوز هذا العائق، ستستمر في مواجهة بعض الحساسيات الثقافية الجدية حول الأجنة والمراحل الأولى من الحياة.

وقال أداشي: «إذا امتلكت عدد لا ينضب من البيوض والنطاف، فمن المعقول أن البعض أو مجموعة كبيرة منها ستولد أجنة».

وإذا وُلِّد عدد كبير من الأجنة، سواء كان ذلك من أجل خلق أطفال أو فقط من أجل البحث، فمن المحتمل أن يهلك الكثير منها، عمدًا أو بغير قصد.
وهناك أناس يعتقدون أن هلاك جنين يعتبر جريمة.

وهذه قضية ليست جديدة، فالأسئلة الأخلاقية حول الخلايا الجذعية والأجنة البشرية أثَّرت على العلوم الطبية على مدى سنين طويلة، حتى نوقشت هذه المواضيع على مستوى سياسات البلدان.

لكن تقنية «IVG» تُمثل نقطة جدلية جديدة في هذا المجال، مع احتمال كبير لحدوث صراع بين النشطاء الذين قد يمنحون حقوق الإنسان للأجنة والأهل الذين يسعون لعلاجات الإخصاب.

ويقول أداشي: «تمامًا كباقي النقاشات الأخرى، ستكون مستهلِكة للوقت. وتعتمد على مدى براعتنا في القيام بالأمر، فعلينا أن نقوم به ببراعة، لذلك سيكون الأمر صعبًا».

وقد حذر أنه إذا بدأ العلماء هذه المناقشة، ستكون النتائج ذات آثار سيئة على العلم.

وأضاف: «لن يكون من الحكمة أن نخوض هذا النقاش عندما نرى ورقة بحثية تُلخِّص كامل العملية الجارية على الإنسان.
ويجب أن نكون مستعدين لهذا قدر الإمكان».

نُشِرت هذه المقالة في الأساس في مجلة Business Insider


ترجمة: عبدالمنعم نقشو
تدقيق: هبة فارس
المصدر