سلسلة النظرية النسبية: النسبية العامة
إذا لم يكن للضوء كتلة، ولا للفوتونات كتلة، فما الذي يجذبهم نحو الثقب الأسود؟


لا تملك الفوتونات (وهي الجسيمات المكونة للضوء) أية كتلة ساكنة.

لمعرفة كيف للفوتونات السقوط نحو الثقب الأسود، علينا أولا معرفة القليل حول النسبية العامة.

الذي تنص عليه النسبية العامة هو أن كل جسم ذي كتلة ضخمة يحني الزمكان حوله.

نستطيع تخيل هذا الأمر باستعمال هذا التشابه، لنتخيل ورقة من المطاط ممدّدة ومسطحة لتمثيل الزمكان دون كتل، الآن إن وضعنا فوقها كرة ثقيلة فستُحدث عليها انحناءً، هذا هو بالضبط ما يحدث في الفضاء، إلا أنه ثلاثي الأبعاد لا ثنائي مثل ما هو الأمر بالنسبة للورقة.

 

 

علاوة على ذلك، فإن الفوتون يتخذ دومًا الطريق الأسرع بين نقطتين، وبما أن الزمكان قابل للانحناء، سيميل الضوء للانحناء حول الأجرام الضخمة.

في الحقيقة، لا يحدث ذلك نتيجة جذب الجرم للضوء حوله، بل بسبب اتباع الفوتونات للطريق الأسرع داخل الزمكان المنحني.

حول الثقوب السوداء، يبلغ انحناء الزمكان أقصاه، ما يجعل الضوء غير قادر على الإفلات من الثقب الأسود.

 

 

إذا كانت الفوتونات عديمة الكتلة، إذن لماذا نحس بتأثير الجاذبية؟

نعلم جميعًا أن الثقوب السوداء تمارس قوة جاذبة على الأجسام.

فكيف لجسيم عديم الكتلة مثل الفوتون الانجذاب نحو ثقب أسود ثم لا يفلت منه؟

أليست القوة الثقالية مرتبطة بالكتلة؟

فهل هنالك قوة أخرى في الثقب الأسود؟

أم أن للضوء كتلة؟

هذا سؤال جيد

أنت محق في نظر جاذبية نيوتن، القوة الثقالية لجسيم بدون كتلة ستكون معدومة، وبالتالي فلا تأثير للجاذبية على الضوء، لكن في نظر جاذبية نيوتن نفسها، لا وجود للثقوب السوداء.

 

 

من جهة أخرى، نحن نعلم أن جاذبية نيوتن لا تكون صحيحة إلا تحت بعض الظروف، عندما تنتقل الأجسام أبطأ من سرعة الضوء وتكون الجاذبية ضعيفة كفاية، هذا بالتأكيد ليس هذا هو الأمر بالقرب من ثقب أسود!

فعند محاولة فهم ما يحدث حول الثقوب السوداء علينا اتخاذ قوانين أعم بالنسبة للجاذبية، أي قانون النسبية العامة لأينشتاين.

وِفقًا للنسبية العامة، الجاذبية ليست قوة، بل بالعكس، تؤثر الجاذبية فقط على كيفية قياس المسافات، والقول عن أي شكل له «أقصر» مسار انطلاقًا من مكان إلى آخر، جميع الجسيمات تتّبع ذلك المسار الأقصر في حركتها.

لاحظوا أنني لم أذكر حتى الآن إن كانت لتلك الجسيمات كتلة أم لا، هذه القاعدة مطبقة على كل مادة وطاقة، إن كانت لها كتلة أم لم تكن.

اتضح أنه بالقرب من الثقوب السوداء، لا تتقاطع تلك المسارات القصيرة مع الأفق الحاتم (Event horizon) وبالتالي لا الضوء ولا أي شيء دون ذلك يسعه الإفلات من الحقل الجاذبي للثقب الأسود.


إعداد: نرجس دواق
تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر الأول

المصدر الثاني