فتح جديد لتقنية كريسبر (CRISPR-Cas9): علاج أنيميا الدم المنجلية


أحرز فريق من الأطباء والباحثين تقدمًا نحو علاج أنيميا الدم المنجلية «Sickle cell disease» وذلك باستخدام تقنية CRISPR-Cas9 لتعديل الجين الذي حدثت به الطفرة المسببة للمرض وذلك في الخلايا الجذعية السابحة في دم المرضى.

يحدث مرض أنيميا الدم المنجلية نتيجة خلل جيني في الجين المسؤول عن تصنيع بروتين البيتا-جلوبين «Beta-globin» وهو البروتين المسؤول عن تكوين الجزيء الحامل للأكسجين في خلايا الدم الحمراء «الهيموجلوبين Hemoglobin».

يتسبب هذا الخلل الجيني المتنحي – في حال وجود نسختين منه – في التصاق جزيئات الهيموغلوبين ببعضها البعض مشوهًا شكل خلايا الدم الحمراء إلى الشكل المنجلي المميز للمرض.

تحول خلايا الدم الحمراء إلى الشكل المنجلي يجعلها تعلق في الأوعية الدموية الضيقة مسببةً انسدادًا بها، كما يتسبب انخفاض قدرة خلايا الدم الحمراء على تبادل الغازات – بسبب شكلها المشوه – في حدوث أنيميا وقد يصاحبها ألم وفشل في الأعضاء ويتسبب المرض في نقص عمر المريض وموته المبكر.

ينتشر هذا المرض الجيني في جميع أنحاء العالم بما يفوق مئات الآلاف من المرضى، كما ينتشر بشكل متفشٍ بين الأمريكيين-الأفريقيين وبين شعوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.

والآن ولأول مرة، تمكن العلماء من تعديل هذه الطفرة في كمية من الخلايا الجذعية كافية لإحداث نتائج مذهلة في مرضى خلايا الدم المنجلية.

يأمل الباحثون بجامعة كاليفورنيا بيركلي ومعهد أبحاث أوكلاند بمستشفى أطفال بينيوف بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو «UC San Francisco Benioff CHORI» وكلية الطب بجامعة يوتاه أن يستطيعوا تزويد المرضى بالخلايا الجذعية المعدلة بما يكفي لجعل الأعراض تختفي.

يقول المدير العلمي لمبادرة الجينات المبتكرة بجامعة كاليفورنيا بيركلي والمؤلف الكبير بالدراسة جيكوب كورن: «نحن متحمسون للغاية بخصوص هذه التقنية الواعدة، وعلى الرغم من أنه ينبغي علينا إجراء المزيد من العمل عليها قبل أن تستخدم في العيادات، إلا أننا نأمل أن نشق الطريق نحو علاجات جديدة مبتكرة لمرضى خلايا الدم المنجلية».

وكانت التجارب على الفئران واعدة بحق، فقد دامت الخلايا الجذعية المعدلة جينيًا لمدة تصل إلى 4 شهور على الأقل، مبشرة بعلاج دائم.

يقول مارك والترز طبيب أمراض دم الأطفال وأخصائي الأورام الخبيثة والمشارك في الدراسة: «تشكل هذه التجارب تقدمًا مذهلًا، حيث أنه ولأول مرة نرى تغييرًا في الخلايا الجذعية يكفي للعلاج السريري لمرضى خلايا الدم المنجلية».

النتائج الواعدة تم نشرها في الثاني عشر من أكتوبر 2016 في دورية Science Translational Medicine.

يتطلع هذا التعاون الأكاديمي إلى تطوير طرق هندسة جينية لتعديل الطفرات المسببة للمرض في خلايا الدم الجذعية الخاصة بالمريض لضمان خلايا دم حمراء صحية. استعمل فريق الباحثون تقنية CRISPR-Cas9 لتعديل الطفرة في خلايا الدم الجذعية الدموية «Hematopoietic stem cells» – الخلايا الجذعية التي تنضج لتتحول إلى خلايا دم حمراء – المعزولة من دم المرضى، نتج عن ذلك خلايا تنتج هيموجلوبين صحي عجزت الخلايا الأصلية – التالفة – عن إنتاجه.

يؤكد الباحثون أن الدراسات ما قبل السريرية ستتطلب مزيدًا من التعديل وإجراء دراسات واسعة على الفئران بالإضافة إلى تحليل أمان صارم حتى تصير قابلة للاستخدام.

يأمل الباحثون أن يستطيعوا تطبيق هذه التقنية العلاجية لأمراض دم أخرى مثل البيتا ثلاسيميا «β-thalassemia» والعوز المناعي المشترك الحاد «Severe combined immunodeficiency» وداء الورم الحُبيبي المزمن «chronic granulomatous disease» وأمراض نادرة أخرى مثل متلازمة ويسكوت ألدريتش «Wiskot aldrich syndrome» وأنيميا فانكوني «Fanconi’s anemia» وحتى فيروس نقص المناعة البشري «HIV».

انضم كورن وزملاؤه لوالترز خبير التطوير العلاجي وعمليات مثل نقل نخاع العظام والعلاج الجيني لأنيميا الدم المنجلية.

كلٌ من والترز وكورن وزملاؤهما تعاونوا لبدء مرحلة التجارب السريرية المبكرة لاختبار العلاج خلال السنوات الخمس المقبلة.

يقول كورن: «إن مرض أنيميا الدم المنجلية هو واحد من أمراض عديدة تحدث نتيجة خلل جيني، من الممكن جدًا أن يستعمل الباحثون هذا النوع من التعديل الجيني لعلاج هذه الأمراض».

يعد هذا العمل ثمرة مبادرة الجينومكس المبتكرة في تعاون بين جامعة كاليفورنيا بيركلي وجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو والتي تهدف لتصحيح الطفرات التي تسبب الأمراض الجينية باستعمال تكنولوجيا CRISPR-Cas9 الرائدة والتي جعلت التعديل الجيني أسهل وأكثر كفاءة من أي وقت مضى.


ترجمة: محمد صادق
تدقيق: جعفر الجزيري
المصدر