كمية هائلة من غاز ثنائي أكسيد الكربون «CO2» المحبوس في التربة بدأت بالتسرب بالفعل!


إنّ غاز ثاني أكسيد الكربون، أي الغاز الدفيء الرئيسي المسؤول عن ارتفاع درجة حرارة كوكبنا، غير منتشرٍ في الهواء فحسب، بل هو محبوسٌ أيضًا في جوف الأرض.

تجمّعت مخزونات الكربون في التربة على مدى آلاف السنين، وظلت مستوياته مستقرّةً نسبيًا بفضل النشاط البطيء للجراثيم التي تستخدم الكربون للحصول على الطاقة.

وتكهّن العلماء منذ وقتٍ طويل حول ما إذا كانت ظاهرة الاحتباس الحراري يمكن أن تؤثر في هذه العملية. هذا ما أشارت إليه دراسةٌ جديدةٌ من جامعة ييل Yale University.

تنص الورقة البحثية، التي نُشرت هذا الأسبوع في دورية Nature، على أن تغيّر المناخ زاد من نشاط كل هذه البكتيريا، مما يعني بداية انطلاق المزيد من غاز الكربون في الغلاف الجوي.

 

 

هذه أخبارٌ سيئة تخصّ كوكب الأرض، لأنه وكما أظهرت الأبحاث الواسعة، فإنّ زيادة مستويات الغازات الدفيئة يسهم في ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وأظهرت هذه الأبحاث أيضًا أنّ الانبعاثات الإضافية من باطن الأرض قد تكون هائلة – إضافةً إلى الكمية التي سبق وأصدرتها الولايات المتحدة، والتي تعد ثاني أكبر مصدر للغازات الدفيئة على كوكب الأرض.

في الواقع، تنص الورقة البحثية على أنه سيتم إصدار كمية إضافية من هذه الانبعاثات في الغلاف الجوي بحلول عام 2050 أكثر من الكمية المتوقعة من قبل بحوالي 17%.

معظم انبعاثات غاز الكربون الصادرة عن التربة تأتي من أراضي الأماكن الباردة والمرتفعة، بالإضافة إلى الأماكن التي لم يشملها البحث السابق.

 

سبب ذلك هو أن مخازن الكربون تكون أكبر في أماكن مثل القطب الشمالي وشبه القطب الشمالي حيث تكون التربة باردة وغالبًا متجمدة. تكون الميكروبات (كائنات جرثومية دقيقة) أقل نشاطًا في المناخ البارد، فيمكن للكربون أن يتراكم تحت الأرض على مدى عدة قرون.

عندما يسخن الجو، يزداد نشاط الميكروبات، وبالتالي تنبعث كمية زائدة من الكربون.

الأمر المخيف هو أن هذه الأماكن الباردة هي الأماكن التي من المتوقع أن تسخن بشدة بفعل التغير المناخي.

هذا ما قاله توماس كراوثر Thomas Crowther في بيان، وهو زميل ما بعد الدكتوراه في كلية ييل لدراسات الغابات والبيئة، وفي معهد هولندا لعلم البيئة.

هذه النتائج مبنية على تحليل بيانات جمعت على مدى 20 سنة عن الكربون المتراكم في التربة في مختلف الأماكن.

وقد توقع فريق البحث أنه مع ارتفاع كل درجة واحدة مئوية من الحرارة، سيتم انطلاق حوالي 30 بيتاغرام – وتعادل 30,000,000,000,000 كيلوغرام – من الكربون من التربة.

وهذا يعادل حوالي 190,000,000 من وزن الحوت الازرق.

 

 

يهدف اتفاق باريس للمناخ The Paris Climate Agreement إلى عدم السماح بارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر من درجتين مئويتين، ولكن حتى هذه الزيادة البسيطة ستنبعث عقبها كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون.

خسارة الكربون من التربة ليست هي الردّ الوحيد على ظاهرة الاحتباس الحراري.

فالعديد من العمليات البيولوجية الأخرى، مثل تسريع نمو النبات، يمكن أن يكون له تأثيرٌ إيجابي أو سلبي على كمية الكربون المنبعثة.

يعد التعامل مع هذه الأصداء (النتائج) أمرًا ضروريًا إذا أردنا أن نُجري إسقاطات هادفة حول الظروف المناخية المستقبلية.

هذا ما قاله كراوثر – Crowther.

عندها فقط سنتمكن من إحداث أهداف واقعية لانبعاثات الغازات الدفيئة بحيث تكون فعّالة في الحد من تغير المناخ.


إعداد: ديانا نعوس
تدقيق: جعفر الجزيري
المصدر