لماذا نعتمد على معلومات غير دقيقة؟


حتّى عندما نُدرك ما هو الأفْضل، إلا أن أدمغتنا تعتمد غالبًا على معلومات غير دقيقة أو مضلّلة لاتّخاذ قرارات مُستقبلية. ولكن، لِماذا نتأثّر بسُهولة بتعابير كاذبةٍ من قبيل: «اللقاحات تسبب مرض التوحد»، أو: «يعيش 30 مليون مهاجر غير شرعي في الولايات المتحدة»؟

في دورية نشرت حديثًا، يوضّح الطّبيب النّفسي بجامعة نورث وسْترن «Northwestern University» ديفيد رابْ «David Rapp» أن النّاس سُرعَان ما يقومون بـ«تحميل» البياناتِ غير الدقيقة إلى ذاكراتهم، لأنّ ذلك أسْهلُ من قِيامهم بنقد وتحليلِ ما سَمعوه.

في وقت لاحقٍ، يقوم الدّماغ بسحب المعلومات غَير الصّحيحة أوّلا؛ لأنّ استردادَ المَعلومات الجديدة يتطلّب جهدًا أقل، وقال راب: «إذا كانًت هذه المعلومات متوفرة، يميل الناسُ للاعتقاد بأنهُ يمكنهم الاعتماد عليها. لكن مجرد أنه بإمكانك تذكّر ما قاله شَخصٌ ما لا يجعلُ مِن ذلك الكَلام صحيحًا».

من الصّعب تجنب الاعتماد على المعلوماتِ الخاطئة عندما يتم خلطُ المعلومات الدقيقة وغير الدقيقة معًا، حسب ما قاله راب، أستاذ تعليم التميز في كلية التربية والتعليم والسياسة الاجتماعية، وأستاذ أيضًا في قسم علم النفس في كلية واينبرغ للفُنون والعلوم.

«يهطل علينا كل يوم وابلٌ من المعلومات بكميّات هائلة؛ إنه لأمرٌ صعبٌ أن نجري تقييمًا نقديًا لها كلّها». يضيفُ راب، الذي ساهم، وشارك بتحرير كتاب «معالجة المعلومات غير الدقيقة – Processing Inaccurate Information».

«غالبًا ما نفترض أن المصادر مَوثوقة. ليس لأنّنا كسالى، على الرغم من أنه يمكن لذلك بالتأكيد أن يساهم في هذه المشكلة. لكن لأن المهمة الذهنية المتعلقة بنقد وتقييم كل شيء، هي فعلا صعبة وشاقة، فنحن نحاول الحفاظ على المصادر إلى أن نحتاجها».

يستطرد راب قائلا: «في المجال السياسي، يقوم العديد من المرشحين بتقديم معلومات خاطئَة بشكل واضح، فَهُم لم يفكروا فيها ولم يبحثوا فيها حتّى. ثم تلج للفيسبوك، فترى أصدقاءك يقومون بنشر تلك المَعلومات الخاطئة».

في مقالته التي نشِرت في دَوريّة «الاتجاهات الحالية في علم النفس»، قام راب بتحديد عدة طرق لتجنب الوقوع في فخ التضليل:

* قم بتقييم نقدي للمعلومات على الفور. قد يساعد ذلك على منع الدّماغ من تخزين المعلومات الخاطئة. يقول راب: «أنت تريد تَجَنّب ترميزَ تلك الذكريات المُثِيرة للشّك».
* تأكد من المصدر. يميل النّاس لاستخدام معلومات غير دقيقة من مصدر موثوق أكثر من استخدام المعلومات من مصدر غير موثوق، هذا بناءً على بحث راب السّابق. «عند هذه النّقطة، من الواضح حتى لأنصار دُونالد تْرامب أن كلامَه لا معنى له غالبًا. ولكن مؤيديه الأقوياء الذين يريدونه أن يكون على حق، لن يجهدوا أنفسهم في تقييم أقواله».
* حذاري من الحقيقة المَليئة بالأكاذيب. يقول راب: «عندما يتم خلط الحقيقة بالبيانات غير الدّقيقة، يقتنع الناسُ وينخدعون ولا يهتمون بالتّقييم، مما يمنعهم من ملاحظة ورفض الأفْكار غير الدّقيقة». على سبيل المِثال، قال د. ترامب أنه في البداية شاهد شريط فيديو يظهر المُقايضات المالية من أجل المُختطفين في إيران؛ لكنّه تراجع لاحقًا عن أقواله. في الوَقت نفسه، أفادت وسائل الإعلام أنه يُوجد فعلًا شريط فيديو.

ويوضح راب قائلًا: «يقول ترامب الكثير من الأشياء، ولكن سرعان ما يتم ترميزها في ذاكرة النّاس؛ فسيصدقونها، أو يستخدمونها، أو يعتمدون عليها. إن فصل الحقيقة عن الأكاذيب عندما يختلطان من مصادر مختلفة يجعلُ التّحدّيَ أصعب».


إعداد: ديانا نعوس
تدقيق: إسماعيل الحسناوي
المصدر