بحث جديد يخص عضلات الرياضيين النخبة: عندما تتغلب النوعية على الكمية


كلنا نعرف الشعور بالتعب العضلي بعد المشي السريع أو ركوب الدراجة أو الركض أو لعب كرة القدم.
طبعًا يعود الفضل بقدرتنا على الانخراط في النشاط البدني لفتراتٍ طويلةٍ من الزمن إلى عملية إنتاج الطاقة بكفاءة من قبل المايتوكوندريا، أي »محطات توليد الطاقة« الصغيرة الموجودة في عضلاتنا.

كلما ازدادت أعداد المايتوكوندريا في أجسامنا، ازدادت كمية الجهد الذي يمكننا بذله. وقد عرفت هذا الصلة لأكثر من أربعين عامًا، أما اليوم فمن المسلم به على نطاق واسع أن التدريب المنتظم المطول يؤدي إلى زيادة أعداد الميتوكوندريا في عضلاتنا, وهذا هو السبب في أن العديد من الرياضيين يملكون أكثر من ضعف هذا العدد من »محطات توليد الطاقة« هذه مقارنًة بغير الرياضيين.

ميزة لم تكن معروفة سابقًا لممارسة التمارين الرياضية

اكتشف فريق البحث الدنماركي-السويدي والذي يعمل على مشروع تقوده جامعة جنوب الدنمارك، أن شدة التحمل العضلي لا تحدد فقط بعدد المايتوكوندريا، ولكن أيضًا بواسطة بنيتها.

” لقد وجدنا أن بناء المايتوكوندريا في أجسام الرياضيين ينتج طاقة أكثر من تلك الناتجة عن المايتوكوندريا في أجسام غير الرياضيين. وفي الواقع، أظهرت لنا قياساتنا أن هذه المايتوكوندريا يمكنها أن تولد حوالي 25% من الطاقة الإضافية. مما يعطي ميزة كبيرة للرياضيين عند ممارسة أنواع الرياضة التي تتطلب جهدًا إضافيا مثل سباق الماراثون والتزلج عبر البلدان، وأيضًا في ألعاب أخرى مثل كرة القدم.”

هذا ما قاله يواكيم نيلسن Joachim Nielsen)) وهو أستاذ مساعد في علم وظائف العضلات في جامعة جنوب الدنمارك.
وكجزءٍ من المشروع، قام يواكيم وزملاؤه بفحص خمسة عشر شخصا من نخبة الرياضيين وقاموا بمقارنة النتائج مع تسعة وعشرين شخصا اخرين لم يمارسوا الرياضة على الإطلاق أو مارسوها بشكل معتدل.

وخضعت جميع العناصر الدراسية إلى خزعة عضلية، وقد تم فحصها لاحقًا تحت المجاهر المتطورة التي يمكنها الكشف عن أدق التغيرات في بنية العضلات.

ربما لا يتم توريث هذه الميزة ؟

ما يزال من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان يتم توريث هذه المايتوكوندريا المعدّلة لدى الرياضيين إلى أبنائهم أو ما إذا كانت نتيجًة لعمليةٍ طويلة الأمد من التدريب.
ومع ذلك، أفاد يواكيم نيلسن (Joachim Nielsen) أن فريق البحث يعمل الآن على الفرضية القائلة بأن التدريب على مدى فتراتٍ زمنيةٍ أطول يمكنه أن يحدث هذه الأنواع من التغييرات في بنية المايتوكوندريا.
و يوضح نيلسن أيضا: “لقد أخذنا قياسات مفصلة (عينات) من كل الألياف العضلية ورأينا أن هذه الألياف التي عادًة ما تكون الأكثر نشاطًا خلال الفترات الطويلة من النشاط البدني هي نفسها تلك التي تمتلك المايتوكوندريا ذات التغيرات الهامة في بنيتها. ونحن نرى في ذلك دلالة واضحة على أن الرياضيين قاموا بإنتاج هذه التغييرات بأنفسهم من خلال تدريبهم.”

علاج أفضل للأمراض

على المدى الطويل، يمكن لهذه المعرفة الجديدة أن تؤدي إلى شيءٍ أكثر بكثيرٍ من مجرد توصيات للرياضيين حول كيفية تدريب.
يقول يواكيم نيلسن:” نحن الآن في مهمة لمعرفة كيف ومتى يمكن ان تحدث هذه التغيرات في المايتوكوندريا نتيجًة لممارسة الرياضة, وهذا يفسح آفاقًا تتعدّى مجالات الرياضة واللياقة البدنية, وبالطبع هنالك عدد من الأمراض التي تؤثر سلبًا على المايتوكوندريا وتؤدي إلى اختلال في وظائف العضلات أو مشاكل في التمثيل الغذائي (الأيض), ويمكن لهذه المعرفة الجديدة أن تسهم في وضع خياراتٍ جديدةٍ من العلاجات لهذه المجموعة من الأمراض.«


إعداد: ديانا نعوس
تدقيق: حسين احمد

المصدر