كيف تؤذي مكملات الكالسيوم قلبك؟


بعد تحليل 10 سنوات من الاختبارات الطبية لأكثر من 2700 شخص، ضمن دراسة عن أمراض القلب ممولة من قبل الحكومة الفدرالية، توصل باحثون في كلية الطب في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins) وبعض الجامعات الأخرى بأن تناول الكالسيوم على هيئة مكملات (حبوب دوائية) يرفع من خطر تشكل اللويحات العصيدية في الشرايين ويساهم في تلف خلايا القلب، على الرغم من أن الحمية المتضمنة واردًا عاليًا من الأطعمة الحاوية على الكالسيوم بشكل طبيعي تساهم في الحماية من أذية القلب والشرايين.

وحذّر الباحثون في تقرير عن البحث الذي نشر في العاشر من شهر أكتوبر في دورية the American Heart Association)) أن عملهم يوثق الترابط بين مكملات الكالسيوم ومرض التصلب العصيدي، لكن لا يثبت السبب أو الأثر الناجم عن تناولها.

لكن يقول الباحثون أن هذه النتائج تضاف إلى القلق الكبير حول إمكانية الأذية الناجمة عن استخدام هذه المكملات، ويحثون على مناقشة الطبيب قبل استخدام مكملات الكالسيوم.

يقدّر عدد المستهلكين لهذه المكملات بحسب مؤسسات الصحة المحلية بنسبة 43%من البالغين رجالًا ونساءً في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وتتضمن هذه المكملات على عدة عناصر منها الكالسيوم.

وتقول الطبيبة إيرين ميكوس (Erin Michos) وهي مديرة مشاركة وأستاذة مساعدة في مركز (Ciccarone Center) للوقاية من أمراض القلب في كلية الطب في جامعة جون هوبكنز: «عندما يتعلق الأمر بالمكملات الحاوية على الفيتامينات والمعادن وتحديدًا الكالسيوم فيما يخص صحة العظام، يظن الأمريكيون أنه كلما تناولوا مكملات أكثر كان ذلك أفضل، ولكن دراستنا تضيف أدلة أن زيادة الوارد من الكالسيوم على هيئة مكملات قد يؤذي الجهاز القلبي الوعائي».

كان الباحثون متحمسين ليعرفوا تأثير الكالسيوم على الجهاز القلبي الوعائي، وبحسب أخصائي التغذية جون اندرسون (John Anderson) الحاصل على الدكتوراه الفخرية بعلم التغذية في جامعة كارولينا الشمالية في تشابل هيل لعلوم الصحة العامة العالمية وهو باحث مشارك في التقرير: «لأن الدراسات قد أظهرت مسبقًا أن الكالسيوم المأخوذ على شكل حبوب دوائية بمسمى المكملات تحديدًا لدى البالغين، لا يصل إلى الهيكل العظمي أو حتى لا يتم تصريفه كليًا عن طريق البول، لذلك لابد وأنه يتراكم في الأنسجة الرخوة في الجسم».

ويعرف الباحثون أنه مع تقدّم عمر الإنسان يميل الكالسيوم للمساهمة في بناء اللويحات العصيدية (منشأ الجلطات المسببة للسكتة القلبية) في الشرايين الرئيسية كالشريان الأبهر وغيره من الشرايين التي تعيق تدفّق الدم وتزيد من خطورة السكتة القلبية.

تعمّق الباحثون في تفاصيل معلومات مأخوذة عن دراسة متعددة الأعراق عن مرض التصلب العصيدي ممولة من قبل معهد القلب والرئة والدم الوطني، وتتضمن أكثر من 6000 شخص تم الاطلاع عليهم في أبحاث لستّ جامعات منها جامعة جونز هوبكنز.

ركّزت الدراسة على 2742 شخصًا أكملوا استبياناتهم وأجروا فحصي طبقي محوري CT)) على مدى 10 سنوات.

كانت أعمار المشاركين في الدراسة تتراوح من 45 إلى 84 سنة، وبلغت نسبة النساء 51% منهم وبلغت نسبة العرق الأبيض 41% أما العرق الأسود فبلغت نسبته 26%، وبلغت نسبة العرق اللاتيني 22% أما 12% فقد كانوا صينيون.

عندما بدأت الدراسة في عام 2000 أجاب المشاركون على استبيانات تحوي 120 سؤالًا عن نظامهم الغذائي، وذلك بهدف تحديد كمية الكالسيوم المتناولة من الأطعمة ذات الأوراق الخضراء والحبوب وباقي الأطعمة الغنية بالكالسيوم.

قام الباحثون بعد ذلك بجرد المكملات الغذائية التي يأخذها المشاركون كل على حدة، واستعمل الباحثون التصوير الطبقي المحوري (CT) لقياس كمية الكالسيوم المتراكمة في الشريان التاجي (أهم الشرايين المغذية للقلب) حيث أن هذه العملية هي مشعر لمدى خطورة الأمراض القلبية خاصة عندما يكون المشعر فوق الصفر.

في البداية، أظهر الفحص أن 1175 مشاركًا لديهم لويحات عصيدية في شرايينهم، ومن ثم أعيد اختبار قياس الكالسيوم في الشريان التاجي بعد 10 سنوات وذلك لتقدير هل تطوّر الأمر إلى الأفضل أم إلى الأسوأ فيما يخص أمراض الشريان التاجي.

ولتحليل النتائج قام الباحثون بتقسيم المشاركين إلى 5 مجموعات بناء على وارد الكالسيوم الكلي، متضمنًا المكملات والكالسيوم الموجود في الطعام.

وبعد ذلك تم ترتيب بياناتهم على أساس العمر والجنس والعرق وممارسة التمارين الرياضية والتدخين والدخل المادي، والدرجة العلمية والوزن وشرب الكحول وضغط الدم وسكر الدم والتاريخ العائلي.

فصل الباحثون 20% من المشاركين الذين يملكون أعلى وارد من الكالسيوم والذي كان أعلى من 1400 مليغرام من الكالسيوم في اليوم، وجد أن هذه المجموعة أقل ميلًا لتطوير أمراض القلب، كما أشار اختبار الكالسيوم في الشريان التاجي بمعدل 27% مقارنة مع الـ 20% من المشاركين الذين يملكون واردًا أقل من الكالسيوم بمعدل 400 مليغرام في اليوم.

ركّز الاختبار التالي على الفرق بين أولئك الذين يأخذون الكالسيوم فقط عن طريق الطعام والذين يأخذونه عن طريق المكملات، وكان 46% من المشاركين في الدراسة يتناولون مكملات الكالسيوم.

أكّد الباحثون أنه لنفس عوامل الخطورة المسببة للأمراض القلبية التي تم تحديدها مسبقًا، وجد أن متعاطي حبوب مكملات الكلس لديهم أرجحية زائدة بمقدار 22% لارتفاع مشعر كالسيوم الشريان التاجي فوق الصفر، مما يشير إلى تطوير أمراض القلب.

يقول أندرسون: «من الواضح أن هناك شيئًا مختلفًا فيما يخص كيفية تعامل الجسم مع المكملات بالمقارنة مع الكالسيوم الوارد عن طريق الغذاء ما يجعل المكملات أكثر خطرًا، من الممكن أن هذه المكملات تحتوي على أملاح الكالسيوم، أو من الممكن أن احتوائها على جرعة كبيرة من الكالسيوم دفعة واحدة تدخل إلى الجسم فلا يعرف الجسم كيفية التعامل معها بشكل صحيح».

أما بين المشاركين الذين يأخذون الكالسيوم بشكل طبيعي ضمن الطعام المتناول (أكثر من 1.022 مليغرام في اليوم) لم يكن هناك أي زيادة في عوامل الخطورة فيما يخص أمراض القلب على مدى الـ10 سنوات التي امتدت خلالها الدراسة.

تضيف ميكوس: «بناءً على الأدلة، يمكننا القول بأن مرضانا لا يتأذون في حال تناولوا طعامًا صحيًا لصحة قلوبهم يتضمن طعامًا غنيًا بالكالسيوم، حتى أن هذه الأطعمة قد تؤثر إيجابًا في ذلك، لكن على المريض أن يناقش مع طبيبه أي خطة لتناول مكملات الكالسيوم وذلك ليشرح الطبيب له الجرعة المناسبة أو حتى يحذره بأنه ليس بحاجة لها أصلًا».

حسب إحصائيات المركز الأمريكي للوقاية والتحكّم بالأمراض، فإن أمراض الشريان التاجي تفتك بأكثر من 370000 شخصًا كل سنة في الولايات المتحدة الامريكية.

أكثر من نصف النساء فوق سنّ 60 عامًا يتناولن مكملات الكالسيوم، والكثير منهن دون أي مراقبة طبية وذلك لاعتقادهن بأنها تقلل من خطورة الإصابة بترقق العظام.


ترجمة: كمال سلامي
تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر