العقل العميق: مشروع جديد من غوغل ينقل الشبكات العصبونية إلى مستوى آخر


يعمل فريقٌ من الباحثين في تكنولوجيا «العقل العميق-DeepMind» ضمن شركة غوغل على توفير وسيلةٍ لزيادة قدرات أجهزة الكمبيوتر من خلال الجمع بين معالجة البيانات والذَّكاء الاصطناعي، وقد توصَّلوا إلى ما يسمى بالـ «الحاسوب العصبوني المتغاير -DNC» بحسب ورقتهم العلميَّة التي نُشرت في مجلَّة «Nature»، والتي وصفوا فيها العمل الذي يقومون به وما سيحققونه في أبحاثهم، ولتسهيل العمل بالنسبة لأعضاء الفرق الأخرى، نشر «ألكسندر غريفز- Alexander Graves» و «غريج واين-Greg Wayne» ورقةً توضيحيَّةً على موقع «DeepMind».

«العقل العميق-DeepMind» مملوك من شركة غوغل التي تقوم بأبحاث في الذَّكاء الاصطناعي، بما في ذلك الشَّبكات العصبونيَّة، ومؤخرًا الشَّبكات العصبونيَّة العميقة، وهي أنظمة حاسوبيَّة تتعلم كيفيَّة القيام بالأشياء من خلال رؤية العديد من الأمثلة.

لكن وكما لاحظ غريفز وواين أنَّ قدرات هذه النُّظم تقتصر عادةً على استخدام الذَّاكرة والتَّعامل معها بطرقٍ مفيدةٍ كونها الأساس الذي تُبنى عليه عملية اتخاذ القرارات.

ويهدف العمل مع «الحواسيب العصبونيَّة المتغايرة -DNC» إلى التَّغلب على هذه المحدودية والسَّماح بإنشاء أنظمة حاسوبية لا تقوم بالتَّعلُّم فقط وإنَّما قادرة على تذكُّر ما تعلَّمته واستخدام هذه المعلومات لاتِّخاذ القرارات عندما تواجه مهمةً جديدةً.

وجاء في البحث: «الشَّبكات العصبونيَّة الاصطناعيَّة بارعةٌ بشكلٍ ملحوظٍ في المعالجة الحسيّة وتسلسل التَّعلم وتعميقه، لكن قدرتها على تمثيل المتغيّرات وبناء المعطيات وتخزينها لفتراتٍ زمنيةٍ طويلةٍ محدودةٌ بسبب الافتقار إلى الذَّاكرة الخارجيَّة، ونحن نقدم نموذجًا لتعلُّم «الحاسوب العصبوني المتغاير -DNC»، والذي يتكوَّن من شبكةٍ عصبيَّةٍ يمكن أن تقرأ أو تكتب في مصفوفة من الذَّاكرة الخارجيَّة المماثلة لـ«ذاكرة الوصول العشوائي-RAM» في جهاز الكمبيوتر التَّقليدي.

حيث يستخدم جهاز الكمبيوتر التَّقليدي الذَّاكرة لتمثيل بُنى المعطيات المعقَّدة والتَّعامل معها، ويمكن للشَّبكة العصبونيَّة أن تتعلَّم فعل ذلك مع البيانات.

وباستطاعتنا تأكيد أنَّه عند تدريب «الحواسيب العصبونيَّة المتغايرة -DNC» ستستطيع الإجابة عن الأسئلة المصممة لمحاكاة مشاكل المنطق والاستدلال في اللّغات الطبيعيَّة».

وسلَّط الباحثون الضَّوء أيضًا على أمثلةٍ تتعلَّق بكيفيَّة تقديم هذه الأنظمة المساعَدة للإنسان، فيمكن لهذه الحواسيب، على سيبل المثال، أن تدرس كيفيَّة الانتقال من نقطةٍ إلى أخرى وتتذكَّر ما تعلَّمته.

الأمر الذي ربما سيسمح بإنشاء نظامٍ يعطي أفضل طريق لمترو الأنفاق أو على نطاقٍ أوسع كاقتراح إضافة شبكات طرقٍ جديدةٍ للمدن.

ويرغب الباحثون أيضًا بإضافة ميزةٍ نحظى بها نحن البشر عند تزويد الشَّبكات العصبونيَّة بالقدرة على الوصول إلى الذَّاكرة، وهي تشكيل روابط وعلاقاتٍ بين الذِّكريات لا سيما تلك المتعلّقة بالوقت.

ومن الأمثلة على ذلك: عندما تمشي بجانب متجرٍ للحلوى فتعود بك رائحة الحلوى مباشرةً إلى فترة طفولتك أو ربما أعياد الميلاد، ويعود لك شعورك أثناء فترات العطل.

والكمبيوترات القادرة على تقديم نفس النَّوع من الاتصالات تستطيع القيام بنقلاتٍ مماثلةٍ، والعودة إلى تسلسل الأحداث المتَّصلة المُتعلَّمة، الأمر الذي سيفيد في تقديم إجابات لمشكلة تتعلق بموضوعٍ معينٍ مثل:

ما الذي قد تسبب في «الكساد الكبير- Great Depression»، أو كيف أصبحت شركة غوغل ناجحةً جدًا؟

والعديد من المشاكل الأخرى كالعثور على أقصر مسارٍ بين نقاطٍ محددةٍ واستنتاج الحلقات المفقودة في الرَّسوم البيانيَّة المولَّدة بشكلٍ عشوائيٍ، وتعميم ذلك على الرسوم البيانية لشبكات النَّقل وشجرة العائلة.

ويمكن لـ«الكمبيوتر العصبي المتغاير -DNC» عندما يتدرَّب باستخدام التَّعلُّم العميق أن يكمل لغز القطع المتحرِّكة الذي تُحَدَّد فيه الأهداف المتغيّرة وفقًا لتسلسل من الرموز.

ولم يكشف فريق البحث بعد عمَّا إذا كان هناك أي خططٍ فعليًّةٍ مستقبلًا لاستخدام هذه النُّظم التي يقومون بتطويرها، ولكن من المرَّجح أن يحصل ذلك بشكلٍ تدريجيِّ كاستخدامها في تحقيق نتائج بحثِ أفضل عند استخدام محرِّك البحث الخاصِّ بغوغل.


ترجمة: دعاء عسَّاف
تدقيق بدر الفراك
المصدر