كوكب عطارد المنكمش العجيب نشط، يا للمفاجأة !


صغيرٌ، حارٌ وينكمش باستمرارٍ، تقترح دراسةٌ جديدةٌ، مُمولة من ناسا، أنَّ عطارد يستمر بالتقلص حتى يومنا هذا، وبهذا ينضم إلى الأرض بصفته كوكبًا ذا طبقةٍ تكتونيةٍ نشطة.

تُظهِرالصور التي التقطت بواسطة المركبات الفضائية التابعة لناسا منحدراتٍ صدعيةً صغيرةً لم ترصد مسبقًاً يشابه شكل تضاريسها شكل خطوات الدرج. هذه المنحدرات صغيرة الحجم بما يكفي كي يعتقد العلماء أنَّها يافعةٌ جيولوجيًا، والذي بدوره يعني أنَّ كوكب عطارد يستمر بالتقلص، وأنّ الأرض ليست الكوكب الوحيد في المجموعة الشمسية الذي يحتوي على طبقة تكتونية نشطة؛ كما كنا نعتقد سابقًا.

press_photo_4-1

press_photo_5

نُشر الاكتشاف في إصدار شهر أكتوبر من مجلة «Nature Geoscience».

يقول «توم وايترز-Tom Watters»، مؤلفٌ رئيسيٌ للدراسة وكبير العلماء في متحف الطيران والفضاء الوطني في العاصمة واشنطن: «يشير عمر الصدوع الصغير الى أنَّ سطح عطارد ينضم الى سطح الأرض في كون طبقته التكتونية نشطةً، ومن المحتمل أن تتكون صدوعٌ جديدةٌ مع استمرار انخفاض درجة حرارة لب عطارد وتقلصه».

اُكتشفت منحدراتٌ صدعيةٌ كبيرةٌ على سطح عطارد لأول مرة من قبل استطلاعات المركبة «مارينر 10-Mariner 10» في منتصف السبعينيات وأُكدت من قبل المركبة «ماسنجر-MESSENGER»، والتي اكتشفت أن الكوكب الأقرب إلى الشمس يتقلص. تكونت المنحدرات الكبيرة على سطح عطارد أثناء انخفاض درجة حرارة طبقته الداخلية، مما تسبب بتقلص الكوكب وانكسار قشرته واندفاعها نحو الأعلى على طول الصدوع مكونةً جروفًا صخريةً يصل طولها إلى مئات الأميال، ويصل ارتفاعها إلى الميل أو أكثر قليلًا (يساوي الميل كيلومترًا ونصف تقريبًا).

خُفِضَ ارتفاع المركبة ماسنجر في الأشهر الثمانية عشرة الأخيرة من مهمة المركبة، مما سَمَحَ بمشاهدة سطح عطارد بدقةٍ أعلى بكثير. كشفت هذه الصور منخفضة الارتفاع عن منحدراتٍ صدعيةٍ صغيرةٍ، وهي أصغر بعدة رتب عشرية من المنحدرات الصدعية الكبيرة. لا بد للمنحدرات الصغيرة أن تكون حديثةً جدًا- كما يقول الباحثون- لكي تنجو من تساقط النيازك والمذنبات المستمر. يمكن مقارنة هذه المنحدرات بالمنحدرات القمرية الصغيرة الحديثة، والتي تدل على أنَّ القمر ينكمش إيضًا.

يتوافق التّصدع القائم مع الاكتشاف الذي تم التوصل إليه مؤخرًا؛ وهو أنّ حقل عطارد المغناطيسي تواجد منذ مليارات الأعوام، ومع انخفاض درجة حرارة اللب الخارجي الذي لا يزال حارًا. فإن هذا الكوكب الأصغر بين الكواكب الصخرية من المحتمل أن يكون قد تعرض إلى زلازل (عطاردية) يمكن التأكد منها يومًا بواسطة أجهزة قياس الزلازل.

يقول «جيم غرين-Jim Green» مدير قسم علم الكواكب في المقر الرئيسي لوكالة ناسا في واشنطن العاصمة: «لهذا السبب نقوم نحن بالاستكشاف». ويكمل بقوله: «اعتقد العلماء لسنواتٍ أنَّ نشاط طبقة عطارد التكتونية توقف منذ الماضي السحيق، وإنّه لمن المثير أن نفكر أنَّ هذا الكوكب الصغير، والذي ليسَ أكبرَ بكثيرٍ من قمر الأرض، نشطٌ حتى يومنا هذا.


ترجمة: رامي الرضوان
تدقيق: سامي الهلالي
المصدر