هذا البحث الجديد تأكيدٌ لما يعرفه الكثيرون من خلال الخبرة بأنَّ المرأة تفقد رغبتها في ممارسة الجنس مع مرور الوقت، في حين أنَّ الرِّجل لا يخسر هذه الرَّغبة.

ويرى الباحثون أنَّ هذه النَّتيجة من شأنها أن تعطي الأزواج توقعاتٍ واقعيَّةٍ عن حياتهم الجنسيَّة على المدى الطويل، كما تساعدهم على الصُّمود في وجه التَّغيرات في الرَّغبة الجنسيَّة عند حدوثها.

الباحثون في الجنس (سارة موراي-Sarah Murray) مؤلفة الدّراسة الرّئيسيَّة ومرشّحة الدّكتوراه في النّشاط الجنسي البشري و(روبن ميلوسين- Robin Milhausen)، من جامعة جيلف في أونتاريو، كندا طلبوا من 170 رجل وامرأة من الذين كانوا في علاقات جنسيَّة غيريّة خلال مدّةٍ تتراوح بين شهرٍ واحد وتسعة أعوام لدراسة مستوى رضاهم عن العلاقة، من حيث الإشباع الجنسي والرغبة الجنسيَّة، وسجلت الرَّغبة باستخدام نموذج يسمى مؤشِّر الوظيفة الجنسيَّة للأنثى، وتتراوح قيمه بين 1.2-6.0.

وبحسب التَّقرير الذي نُشر في مجلة (الجنس والعلاج العائلي- Sex & Marital Therapy) في 23 يناير فقد أفصح المشاركون عن رضاهم عن علاقاتهم وحياتهم الجنسيَّة، ولكن النِّساء أظهرن مستوياتٍ أقلّ من الرّغبة تبعًا لطول العلاقة بينهن وبين الشريك، فمع كل شهرٍ إضافي تكون فيه المرأة مع شريكها، تنخفض الرَّغبة الجنسيَّة لديها بنسبة 0.02 في مؤشر الوظيفة الجنسيَّة للأنثى، وبالرّغم من أنَّ 0.02 هو انخفاضٌ صغيرٌ في فقد قابله لدى الذَّكور رغبة مستقرّة على مرِّ الزَّمن.

كما أشار الباحثون إلى أنَّ مدّة العلاقة تعدُّ متنبئًا أفضل بالرَّغبة الجنسيَّة لدى النِّساء مقارنة مع العلاقة والإشباع الجنسي.

تطور الرّغبة:

قد اختلف العلماء حول ما يحدث للرّغبة على مدى العلاقة.

تقول موراي: «يميل بعض من الباحثين في هذا المجال إلى الاعتقاد أنَّ الرَّغبة عند كلٍّ من الرِّجال والنٍّساء تقلّ بمرور الوقت حين تتحول العلاقة بينهما من علاقة من حبٍّ عاطفي إلى علاقة توافقية».

كما تفترض النّظريات التّطوريَّة أنَّ رغبة الذّكور ينبغي أن تظلَّ مرتفعةً على الدّوام من أجل دفعهم لإنتاج نسلٍ كبيرٍ، ومن النّاحيَّة التّاريخيَّة الرغبة لدى الإناث يجب أن تنخفض ويتحول انتباههن إلى تربية الأطفال.

وتضيف موراي: «إنَّ البحوث الجديدة تتجه نحو النّظريَّة الأخيرة على الرّغم من وجوب القيام بدراساتٍ إضافية لمدَّةٍ أطول وعلى مجموعاتٍ مختلفةٍ من النَّاس».

الرِّجال يسجلون مستويات من الرَّغبة الجنسيَّة أعلى من النٍّساء.

والاختلافات في مستويات الهرمونات – هرمون التستوستيرون على وجه التّحديد – يفسر جزئيًا على الأقل الفجوة بين الجنسين.

التّغيرات الهرمونيَّة للأزواج الذين في علاقة مع شريك واحد وتستمر تلك العلاقة لمدَّة تتراوح بين ستة أشهر و30 شهرًا، أثناء الانتقال من المرحلة العاطفيَّة المبكرة إلى المراحل اللاحقة يمكن أن تساعد في توسيط معدل التَّغيرات في الرَّغبة على مرِّ الزمن.

أما شركات الأدوية فهي تبحث حاليًا في تأثير التستوستيرون على رغبة المرأة، ولكنها لم تأت حتى الآن بنتائج حاسمة، فالهرمونات هي فقط جزءٌ من تلك القصة، كما قالت موراي للايف ساينس:

«على الرغم من أنَّها جزءٌ واحدٌ من لغز الرّغبة الجنسيَّة، التّركيز بشكلٍ كبيرٍ على الهرمونات يمكن أنَّ يبعد عوامل أساسية تلعب دورًا في الرَّغبة، كرضا أو عدم رضا المرأة عن العلاقة العاطفيّة وعما إذا كان لديها الوقت لتشعر بالرّاحة أو الإحساس بأنَّها مثيرة».

الحفاظ على شعلة الحب:

النّتائج يمكن أن تساعد الباحثين على فهم سبب انخفاض الرَّغبة عند النساء اللواتي يسعين للعلاج الجنسي، إضافة إلى الاختلافات في مستويات الرّغبة بين الزّوجين، المعروفة باسم تناقض الرّغبة فهي قضيَّة تحصل على اهتمام متزايد من قبل للمعالجين.

وقالت موراي: «تم استبدال مفهوم المستوى الطبيعي أو المنخفض للرغبة، فالرغبة الجنسيَّة المنخفضة مرتبطة بمستوى الرغبة عند الشريك»، وعلى الرّغم من أنَّ تفاوت الرَّغبة يؤثر سلبًا على الإشباع الجنسي والرضا عن العلاقة الجنسيّة عمومًا، فنحن نعرف القليل حول هذا الموضوع عما إذا كان يساهم بشكل كبير في الانفصال مثلًا أو في الخيانة الزّوجيَّة.

البحث الجديد يمكن أن يساعد أيضًا الأزواج إدارة علاقاتهم مع مرور الوقت.

حيث وجدت موراي أنّ النِّساء اللواتي قدمن توقعات أكثر واقعيَّة حول حالة الجنس في علاقةٍ طويلة الأجل كانت مستويات الرَّغبة لديهن أعلى من اللواتي أعطين توقعاتٍ أقلَّ واقعيَّة.

وتقول موراي: «أعتقد أنَّ الأفراد الذين يتوقعون الحفاظ على مستوى عال من الإثارة والعاطفة التي غالبًا ما توجد في الأشهر القليلة الأولى من علاقة جديدة تقوم بإعداد توقعات غير واقعيَّة بشأن ما هو آتٍ، مما يدفع لخيبة الأمل عندما تأخذ الرَّغبة والعاطفة شكلًا مختلفًا».

فالوعي لحقيقة أنَّ انخفاض الرّغبة الجنسيَّة مع مرور الوقت أمرٌ طبيعي قد تساعد كلا الجنسين على فهم أنَّ هذا الانخفاض لا يعني بالضرورة أنَّ هناك مشكلة جوهرية في العلاقة بينهما، وربما يساعد الأزواج في وضع المزيد من الجهد في العلاقة الجنسيَّة.

عندما يمارس الفرد الجنس مع شريكه على مدى سنواتٍ عديدٍة، فلا بد من أن يتوفر لديه الإبداع والانفتاح للإبقاء على هذه الأمور حيويَّة ومثيرة، وتقول موراي: «إمضاء الوقت مع الشريك والحفاظ على الحياة الجنسيَّة تعتبر جزءًا هامًا من العلاقة، كما يعتبر الحفاظ على الأشياء ممتعةً ومثيرةً للاهتمام من العناصر الحاسمة أيضًا».

التوجه على المدى الطويل؟

ونوّه الباحثون إلى أن دراسات الرغبة على المدى الطويل التي تشمل كبار السِّن من الأزواج قد تظهر نتائج مختلفة.

حيث تنخفض الرغبة لدى النِّساء الأصغر سنًا بعد التجربة الأولى للعلاقة بعد شهر العسل مثلًا.

فهؤلاء لم يشهدوا ربما بعض فوائد العلاقات طويلة الأمد التي قد تزيد الرَّغبة كفترة الخطوبة أو الذهاب في إجازات رومانسية أو تعلُّم المزيد من الطرق الجنسيَّة التي يحبونها ويشعرون بالرّاحة عندما يقومون بممارستها مع الشَّريك.

أضافت موراي بقولها: «قد تكون طبيعة الدِّراسة سببًا في تحريف النَّتائج، فبعض الرجال لا يعطون معلومات دقيقة عن مستوى الرَّغبة كون ذلك يتعارض مع سمة الرُّجولة بنظرهم، أو ربما لم يكونوا دقيقين تمامًا في وصف مستوى الرَّغبة».

وتستعد موراي لدراسة لمعرفة فيما إذا ما كان الرِّجال يصفون مراحل الرَّغبة لديهم بشكل صحيح.


  • ترجمة: إلهام حاج علي.
  • تدقيق: دعاء عساف.
  • تحرير: يمام اليوسف.
  • المصدر