نبرة صوتك قد تساعد في تشخيص مرضك


من المعروف أنَ من أساسيات التشخيص الصحيح لعِلة أي مريض هو الاستماع والإنصات لما يقوله باهتمام وحذر، ولكن اليوم قد تكون الحاجة للاستماع بشكل أكبر لسبب آخر، هذا السبب هو نفسه ما دفع الأكاديميين ورواد الأعمال لتطوير تكنولوجيا تمكّن الأطباء من تشخيص حالة المريض وتوقُع مرضه على اختلاف أنواع الأمراض، بدءً من نوبات الهوس إلى أمراض القلب وانتهاءً بارتجاجات الدماغ؛ وذلك بالاعتماد على مصدر غير عادي للبيانات: كيف تتكلم.

تقترح الأدلة بأن التغيرات العقلية والجسدية قد تؤثر على نبرة الصوت وطريقة التحدث، فقد يبتلع الشخص ألفاظه أو يطيل من صوته أو يتحدث بنبرة أنفية أو حتى جعل الصوت يرتعش ويهتز كل هذا قد لا تستطيع الأذن البشرية ملاحظته، وبالرغم من عدم وجود ما يؤكد ذلك فإن العمل على تحليل أنماط الحديث قد يوفر تشخيصًا دقيقًا ومفيدًا. فيما يزال السباق مستمرًا لتطبيق ذلك.

اللاعب الأبرز في هذا السباق هو شركة من ولاية بوسطن الأمريكية اسمها ((Sonde Health، فهي تسعى إلى تطوير برنامج للمستهلكين يمكنه الكشف عن الاكتئاب، بما في ذلك التغيّرات التي تطرأ على كلا الجهازين التنفسي والدوران، بحيث تقوم الفكرة على تحليل مقاطع صوتية سُجلت لمرضى طُلب منهم القراءة بصوت مرتفع، مع العمل على تطوير تقنية تسمح باستخراج السمات الصوتية من دون الحاجة إلى تسجيل الكلمات.

ومع تعدد الشركات المنافسة، فإن شركة أخرى تدعى (Cogito) تعمل على تطوير تطبيق يحلل الصوت لاستخدامه في تقييم مزاج الموظفين التابعين لوزارةالخارجية الأميركية لشؤون المحاربين القدامى، إضافة إلى اختباره في مرضى يعانون من الاكتئاب وآخرين يعانون من اضطرابات ثنائي القطب، شركة ثالثة اسمها (Berlin company) تعمل على إمكانية تشخيص اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة (ADHD) باستخدام التسجيلات الصوتية.

ونظرًا للضجة المثارة حول هذا الموضوع، فإن بعض رجال الأعمال يولون اهتمامهم تجاه سوق المستهلكين، مقدمين ادعاءات جريئة بأدلة سريرية قليلة، فقد استطاع فريق واحد جمع أكثر من27,000 $ من خلال موقع التمويل الجماعي (Indiegogo) بوعود قائمة على إطلاق تطبيق يمكنه تحليل أنماط الصوت للمساعدة على الوصول الى صحة مثالية وحيوية هذا الصيف.

لا يخلو الأمر من الصعوبات:

يحذر عالم الحاسوب كريستيان بويلابور (Christian Poellabauer) من جامعة نوتردام وبدراسته للعلامات الحيوية الخاصة بالتغيرات العصبية، بأنَه ليس من السهل أبدًا جعل التشخيص الصوتي مفيدًا سريريًا، حيث يعد معرفة السبب الرئيس وراء التغيرات في أنماط الحديث صعبًا جدًا، إضافة إلى ضرورة جعل التسجيل الصوتي ذا دقة وجودة عالية ليكون مفيدًا، مع الأخذ بعين الاعتبار التكلفة العالية لذلك. ويكمل معقبًا بأن التأكيد على فعَالية وقوَة الارتباطات بين الصوت والمرض بحاجة إلى كمية كبيرة من البيانات.

صعوبة أخرى لا يمكن نسيانها هي قضية الاختلافات الثقافية، ففي أثناء اختبار تحليل الصوت لتشخيص ارتجاجات الدماغ وجد فريق العالم بويلابور بأن العديد من الرياضيين الشباب يترددون أو تتغير نبرة صوتهم بمجرد قول كلمة جحيم “Hell”، وذلك لأسباب قد لا تعود لإصاباتٍ دماغية، وينهي العالم بويلابور بقوله أنَ التحدث هو آلية معقدة جدًا.

ويبقى السؤال عن حجم الفائدة العائدة على المرضى وما إذا سوف يتم تزويد المختصين بالمعدات اللازمة لمساعدتهم في معرفة آلية استخدامها، فمن حيث الفائدة فإنَ الخبير في الأخلاقيات الطبية من جامعة نيويورك آرثر كابلان Arthur Caplan)) يوضح قائلًا: «إذا استخدمت هذا التطبيق وأخبرك بأنك تبتلع ألفاظك وأنك تعاني من سكتة دماغية فإن هذا مفيد جدًا حيث أنك سوف تذهب إلى المستشفى مباشرة، أما إذا استخدمته وأخبرك بأن هناك ما نسبته 38% من احتمالية إصابتك بداء الشقيقة الأسبوع المقبل فأنا غير متيقن من إفادته لك، فربما كنت عرفت على أي حال».

وبدخول النقَاد إلى الساحة فيما يتعلق بالمخاوف المرتبطة بالخصوصية، فإنهم يقترحون بأن تكنولوجيا تحليل الصوت قد تصبح متطورة جدًا إلى حد يسمح بتحديد هوية المريض عن طريق صوته ونبرته حتى لو لم تقرن أسماء المرضى بعينة التسجيل الصوتي.

ختامًا، تعلق شيريل كوركوران ( (Cheryl Corcoranالباحثة في مرض انفصام الشخصية «schizophrenia» من جامعة كولومبيا قائلة: «لا أعتقد أننا نمتلك حاليًا تكنولوجيا تمكننا من معرفة الشخص بناءً على صوته فقط، ولكن هذه التكنولوجيا قد تكون موجودة في المستقبل القريب».


ترجمة : سيرين خضر
تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر