علاج جديد يعكس تأثير إدمان الكوكايين في الفئران


الإدمان على المخدرات هو حالة شديدة التعقيد، تنجم عن مزيج متداخل من العوامل الفيزيولوجية والنفسية والاجتماعية التي تجعل من الصعب علاجها. وعلى هذا الصعيد، بدأ علماء الأعصاب بالبحث عن سبل لعكس التغيرات البيولوجية الملموسة التي تنتج عن تعاطي المخدرات على المدى الطويل، ونُشرت دراسة في مجلة (Neuroscience) أشارت فيها إلى تقدّم كبير يلوح في الأفق فيها هذا المجال.

مثل العديد من الأدوية، فإن الكوكايين يؤدي إلى زيادة في الدوبامين في الدارة العصبية الدماغية مما يخلق شعورًا كبيرًا بالمتعة، ومع ذلك، يمكن لتكرار هذه الحالة أن يسبب خللًا في بعض مناطق الدماغ التي تشارك في هذه الدارة العصبية، مثل النواة المتكئة. وقد أظهرت أبحاث سابقة أن هذه التغيرات تحدث لأن الكوكايين يسبب ارتفاعًا في مستويات بروتين BDNF)) الذي يساعد في عمليات النمو والتطوّر والتوصيل في الخلايا العصبية، ذلك لأن هذا البروتين يعمل من خلال تفعيل نوع من المستقبلات في المخ تعرف باسم مستقبلات (TrkB). وقد قام العلماء فيما مضى بتثبيط عمل تلك المستقبلات لعلاج إدمان الكوكايين.

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن تثبيط تفعيل مستقبلات (TrkB) في النواة المتكئة للفئران المدمنة على الكوكايين قد عمل بالفعل على تخفيف اعتمادهم عليه، بل وأيضًا أصبحت تلك الفئران تفضّل شرب المياه العادية على المياه التي تحتوي على الكوكايين.

لكن بعد إجراء المزيد من الأبحاث، تبيّن أن لإدمان الكوكايين تأثير معاكس تمامًا في منطقة أخرى من الدماغ تدعى القشرة أمام الجبهية، حيث أنه يسبب تثبيطًا لمستقبلات (TrkB)، وعندما قام العلماء بحقن كمية من بروتينات (BDNF) في هذه المنطقة من الدماغ؛ أظهرت الفئران رغبةً أقل في تعاطي الكوكايين.

ونظرًا للآثار المتناقضة في عمل بروتينات ((BDNF في مناطق مختلفة من الدماغ، فقد تساءل القائمون على الدراسة عما يمكن أن يحدث فيما لو تم تثبيط المستقبلات في جميع أجزاء الدماغ! ولهذا قام العلماء بوضع مادة تعمل على تثبيط مستقبلات TrkB)) وقادرة على عبور الحاجز الدماغي الدموي خلال مرورها عبر مجرى الدم. وقد أظهرت النتائج أن تثبيط هذه المستقبلات قد عمل على تقليل الرغبة في تعاطي الكوكايين لدى الجرذان التي تعاني الإدمان وجعلها تقلل من رغبتها في تعاطي الكوكايين أمام محلول السكر، وقدرة أكبر على ضبط الذات أمام تعاطي المادة.

وأظهرت التحاليل التي أجريت على مناطق مختلفة من الدماغ أن مؤشرات TrkB)) قد انخفضت بشكل كبير في منطقة النواة المتكئة وعادت إلى مستوياتها الطبيعية كما لدى الفئران التي لم تعاني من الإدمان، وهذا ما ظهر كانعكاس للإدمان لدى الفئران، ومن المثير للاهتمام أيضًا أن مستويات ((TrkB عادت إلى وضعها الطبيعي في قشرة الفص أمام الجبهية على الرغم من وجود المادة المثبطة.

وفي بيان قال فيه أحد المشاركين في الدراسة كانديسكونتيت: «تلك المادة المثبطة تؤثر بشكل أساسي في عمل النواة المتكئة، حيث أنها تحول دون تفعيلها من قبل مادة الكوكايين».


ترجمة: علي شعبان
تدقيق: دانه أبو فرحة

المصدر