جين جديد يوقف انتشار أحد أنواع سرطان الرئة المميتة


تمكّن علماء في معهد “Salk” من تحديد جينٍ مسؤول عن وقف انتشار ورمٍ من الرئتين إلى باقي أنحاء الجسم، متمكنين بذلك من إيجاد طريقةٍ جديدةٍ لمحاربة أحد أخطر سرطانات العالم.

عن طريق تحديد سبب الانتشار (و الذي يحدث عادة بسرعةٍ كبيرة في حالة سرطان الرئة مما يسبب تضاءل عدد الناجين منه)، استطاع علماء “Salk” من تفسير سبب ميل بعض أنواع السرطان إلى الانتشار بسرعة أكبر من الأنواع الأخرى، الطريقة المكتشفة حديثاً ستساعد العلماء في فهم و علاج الميلانوميا (سرطان الخلايا الصبغية) وسرطان عنق الرحم أيضاً.

“سرطان الرئة، حتى وإن تم الكشف عنه مبكراً، قادرٌ على التمدد والانتشار في كل أنحاء الجسم. و السبب وراء كون بعض أنواع السرطان قادرة على الانتشار السريع وأنواع أخرى غير قادرة على ذلك لم يُفهم بشكلٍ جيد بَعدْ. لكن الآن، وبفضل هذا البحث، بدأنا في فهم لماذا بعض أنواع سرطان الرئة سريعة الانتشار بهذا الشكل.” يقول البروفيسور ريوبن شو الأستاذ في معهد “Salk” للبيولوجيا الجزيئية والحيوية.

سرطان الرئة هو أكثر السرطانات تسبباً في الوفاة في الولايات المتحدة الأميركية (تقريباً 160 ألف حالة وفاة مقدرة في سنة 2014) وتنفق الولايات المتحدة على علاجه قرابة 12 مليار دولار بحسب مركز دراسات السرطان الوطني. إضافة لذلك نسبة النجاة من هذا السرطان متدنية جداً، 80% من المصابين يتوفون في غضون الخمس سنين التي تلي تشخيص المرض و غالباً بسبب ميل الورم الشديد إلى الانتشار في كل أنحاء الجسم.

كيف تنتشر الخلايا السرطانية؟

لتصبح قادرةً على التنقل و الحركة، تقوم الخلايا السرطانية بتجاوز وغش آلية خلوية تعمل على إبقاء الخلايا ثابتة في أماكنها. فبشكل ٍ مخادعٍ يستطيع السرطان التلاعب بعمل المراسي الخلوية والبروز من الغشاء الخلوي (تعرف المراسي بمركبات الالتصاق البؤري focal adhesion complexes) محضراً الخلية للانتقال، و هذا يسمح لخلايا السرطان أن تبدأ في الانتشار في الجسم و التمركز في أعضاءٍ جديدة في الجسم مع حركة دوران الدم.

إلى جانب أنواع أخرى من السرطانات التي تستطيع مخادعة المراسي الخلوية , كان من المعروف أن خُمس حالات سرطان الرئة تفتقد إلى جين مضاد للسرطان اسمه LKB1 و يعرف أيضاً باسم STK11. السرطانات التي تفتقد هذا الجين LKB1 تكون عنيفةً و سريعة الانتشار في الجسم.

ما الجديد الذي يقدمه هذا البحث؟
الجديد هو أن هذا الجين “LKB1” و بؤر الالتصاق “focal adhesion” تبيّن أنهم متصلون. اكتشف الفريق البحثيّ مؤخراً هذا الرابط وهو جين صغير يدعى “DIXDC1” كما اكتشف العلماء أن هذا الجين يتلقى تعليماتٍ من الجين “LKB1” ليغير من عدد بؤر الإلتصاق (المراسي الخلوية) و حجمها.

عندما يتم تفعيل الـ”DIXDC1″ فإن حوالي ستة من بؤر الالتصاق هذه تنمو و تكبر و تصبح لزجة مثبتةً الخلايا في مواقعها. وعند تعطيل هذا الجين، تصبح البؤر صغيرة الحجم وكثيرة العدد مما يدفع الخلية إلى التحرك والاندفاع خارجاً، و هذا الميل المتزايد للحركة و الإنتقال يساعد على انتشار خلايا السرطان من الرئتين إلى باقي أعضاء الجسم و الاستقرار فيها بوساطة حركة دوران الدم.

و يضيف البروفيسور وقائد البحث جوناثن جودوين: “إن التواصل بين جينَي “LKB1” و “DIXDC1” مسؤولٌ عن إشارات “تفعيل – تعطيل” في الخلايا، لقد تبيّن أن الجين “DIXDC1″ والذي لم يُعرف عنه الكثير سابقاً معطلٌ عند انتشار السرطان.”

وجد العلماء أن السرطانات تملك طريقتين لتعطيل هذه الإشارات، الأولى بكبح وتعطيل الجين “DIXDC1” مباشرةً، والثانية بحذف الجين “LKB1″ وبالتالي منعه من إرسال الإشارة للـ”DIXDC1” لتثبيت الخلية.

و على ضوء هذه المعلومات تساءل الباحثون فيما إذا كانت إعادة تفعيل جين “DIXDC1” ستوقف انتشار السرطان.

و للإجابة على هذا السؤال، أخذ العلماء خلايا نقيلية* حاوية على مستويات منخفضة من “DIXDC1” و أضافوا كمية من الجين إلى العينة، والنتيجة كانت أنه بالفعل إضافة هذا الجين قلّلت قدرة هذه الخلايا على الانتشار في الجسم و ذلك في تجاربٍ مخبرية و تجارب على أعضاءٍ حيّة.

“إنه من المذهل معرفة حجم تأثير الجين “DIXDC1″، في بداية البحث لم نكن تنوقع أن يكون لهذا الجين أي دور في عملية الانتشار، هناك العديد من البروتينات التي يتحكم بها جين “LKB1″ لكن أن يكون لواحد منها هذا الدور الكبير لم يكن متوقعاً أبداً” يقول البروفيسور جودوين.

تفيد هذه الدراسة في أن المُصابين بالمرض والذي يفتقدون إلى أحد هذين الجينَين يجب أن يخضعوا لعلاجٍ يستهدف انزيمات الالتصاق البؤري (المراسي الخلوية) لمنع انتشار السرطان و هو ما يتم تجربته حالياً في تجارب سريرية أولية.

* خلايا نقيلية metastatic cells خلايا حاملة للسرطان تنتقل من عضو إلى آخر ناشرةً السرطان في جسم المريض.


اعداد: راوان خاشوق


المصدر