يتجادل الكثير من الناس حول العديد من الأمور سواءٌ أكانت آراءً شخصيَّة أو أمورًا علميَّة، ولربما تملَّك الكثير منهم الرأي الصواب، لكن الافتقار لعرض تلك الآراء بصورة قويَّة ومنطقيَّة، يُفقدهم القوَّة في العديد من النقاشات؛ ولذلك هم بحاجة لمعرفة ماهي المُغالطات المنطقيَّة وكيف يتجنبونها؛ حتى لا تُصبح آرائهم ركيكة وضعيفة، بالإضافة للقدرة على تفنيد آراء الآخرين.

ومن هنا سنقوم باستعراض أشهر المُغالطات المنطقيَّة التي قد يقع في فخها الكثيرون.

مُغالطة المُنحدر الزَلق، أو أنف الجمل:
وهي ربط أحد الأمور السلبيَّة، بالعديد من الأحداث التي سبقته، والتي انتهت بدورها بشكلٍ سلبي، وتُستخدم هذه المُغالطة لتشتيت الانتباه عن الحُجة الأصليَّة تجاه بعض الأمور الفرعيَّة الأخرى التي لا فائدة منها.

مثال: إن كان علينا حظر استخدام أحد أنواع السيارات؛ لأنَّها مُضرَّة للبيئة، فستضطر الحكومة لحظر استخدام كل أنواع السيارات وهذا أمرٌ سيء، بالتالي لا يجب علينا أن نحظر النوع الأول من الأساس.

ونجد من هذا المثال، أنَّ المُتحدِّث ساوى بين السيارة الأولى وباقي أنواع السيارات، وهذا غير صحيح، وغير منطقي.

مُغالطة التعميم المُتحيز:

وهي التَوصُّل لأحد الاستنتاجات أو الأحكام بناءً على العديد من المُقدمِات التي لا تتَّسِم بالحياديَّة، وبالتالي تكون المُقدمِات والاستنتاجات مُنحازة لأحد الأطراف دون الآخر.

مثال: إن كان هذا اليوم الأول في العام الدراسي، بالتأكيد سيكون هذا اليوم مملًا.

ونجد في هذا المثال، أنَّ المُتحدِّث قام بتقييم اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، بناءً على الخبرات التي واجهها في الأعوام الدراسيَّة الماضيَّة، دون أن يقوم بالتحقق من أي شيء جديد، سواءٌ الأصدقاء الجدد، أو المناهج الدراسيَّة المختلفة التي سيقوم بدراستها هذا العام، أو آلية الشرح التي سيتَّبعها المعلمون.

مُغالطة السببيَّة:

تُستخدم هذه المُغالطة في ترتيب الأحداث وجعلها مُسبِّبات لبعضها البعض، فإن غاب أحدها انفرط عِقد الأحداث بأكملها، فالحدث (أ) هو من سبَّب الحدث (ب)، والحدث (ب) هو من سبَّب الحدث (جـ)، فلولا وجود (أ) لما تواجد (ب) أو (جـ).

مثال: شعرتُ بوعكة صحيَّة بعد أن تناولت وجبة الغداء، إذن، فالوجبة هي من سبَّبت هذه الوعكة.

ونجد في هذا المثال، أنَّ المُتحدِّث قد ربط أحد الأحداث بحدث آخر سبقه مباشرةً، مُتجاهلًا كل العوامل الأخرى، مثل التعامل مع أدوات غير مُعقَّمة أو التواصل مع أشخاص مرضى بأحد الأمراض المُعدية.

المُغالطة الوراثيَّة:

تعتمد هذه المُغالطة في أساسها على بعض الأمور الوراثيَّة التي ترتبط بالشخص، مثل مكان ولادته والعادات التي نشأ عليها واتجاهاته وميوله الطبيعيَّة.

مثال: هذا الجهاز ليس له فائدة أو أهميَّة؛ لأنَّ مخترعه وُلِد في نفس القرية التي نشأ فيها هتلر.

ونجد هنا أنَّ المُتحدِّث قد ربط بين الاختراع وبين القرية التي نشأ بها مُخترعه، وهذا غير صحيح بالمرَّة، فالقرية لا علاقة لها بالجهاز نهائيًا.

مُغالطة السؤال والمُطالبة:

تُستخدم هذه المُغالطة لإثبات صحة ما يطلبه الفرد، مُدَّعمةً بالأدلة المنطقيَّة؛ لتقوية مطالبه.

مثال: يتقدم أحد المسؤولين بطلب حظر استخدام الفحم.

تقدم المسؤول بأحد الطلبات لحظر استخدام الفحم دون تبرير موقفه أو توضيح الحُجة التي بنى عليها رأيه، وهي أن الفحم يلوث البيئة، وبالتالي يُعتبر الطلب منقوصًا، وغير كامل.

مُغالطة الاستدلال الدائري:

يُكرِّر المُتحدِّث حُجته بشكلٍ مستمر، دون محاولة إثباتها بشكل فعَّال، فهو يقوم فقط بتغيير أسلوب عرضه للحُجة.

مثال: جورج بوش محاورٌ جيد، لأنَّه يتحدَّث بطلاقة.

يستخدم المُحاور في المثال السابق فكرةً واحدة، لكن مع التغيير في عرضها من محاور جيد إلى مُتحدِّث طَلِق، فالجملتان متشابهتان دون توضيح أي سبب آخر يُقوي دعائمهما.

مُغالطة المأزق المُفتعل:

تُستخدم هذه المُغالطة في تحديد خيارات محدودة تُفرض على الآخرين فيكونون بذلك مُجبرين إمَّا باختيار هذا أو ذاك.

مثال: يُمكننا أن نتوقف عن استخدام السيارات أو سترتفع درجة الحرارة بسبب العوادم.

نجد في هذا المثال تحديد اختيارين فقط، إمَّا أن تتوقف عن استخدام السيارات أو سترتفع درجة الحرارة.

وفي واقع الأمر الخياران معناهما واحد، وبالتالي ستكون مُجبرًا على اختيار إحداهما للوصول لنفس النتيجة، وفي هذه المُغالطة تتجاهل ما تبقى من اختيارات مُتاحة، مثل إمكانيَّة استخدام الطاقة النظيفة أو تطوير التكنولوجيا لتنقية الجو من عوادم السيارات.

مُغالطة الشخصنة:

يتعمد مُستخدمو هذه المُغالطة في الهجوم على ذات الشخص، وتجاهل كُل أفكاره وآرائه الشخصيَّة.

مثال: قام أحد الأشخاص باقتراح حل لمشكلة مُجتمعيَّة، وبعد عرض هذا الحل على إحدى الهيئات المُختصة لم يُناقشوا الفكرة من الأساس، بل هاجموا الشخص نفسه باتهامه أنّه سيِّئ التعليم وقليل المعرفة.

مُغالطة الأكثريَّة:

تعتمد هذه المُغالطة على وتر المفاهيم الراسخة للأفراد، سواءٌ أكانت إيجابيَّة مثل: «حب الوطن أو الدين أو الديمقراطيَّة»، أو سلبيَّة مثل: «الإرهاب أو الفاشيَّة».

مثال: إن كنت مواطنًا أمريكيًّا فعلًا فسوف تدعم قرارات الحكومة الجديدة بخصوص السيارات.

وقد تمَّ الاعتماد على القوميَّة الأمريكيَّة؛ لتمرير أحد القوانين دون إبداء الامتيازات أو المساوئ التي قد يُنتجها هذا القانون على المواطن.

مُغالطة الرنجة الحمراء:

تُستخدم هذه المغالطة لتشتيت الانتباه عن الموضوع الأصلي الذي يُناقش، وذلك عن طريق أمور فرعيَّة أخرى، لا علاقة لها بالموضوع الأصلي.

مثال: قد يكون مستوى الزئبق في المأكولات البحريَّة غير آمن، ولكن ماذا يفعل الصيادون لكي يُنفقوا على أسرهم.

نجد هنا أنَّ المُتحدِّث انتقل من مشكلة بيئيَّة تتمثَّــل في مستوى الزئبق بالمأكولات البحريَّة، إلى مشكلة أخرى اقتصاديَّة حول الأجور التي سيتحصل عليها الصيادون، وبالتالي شتَّت انتباه المُستمع عن القضيَّة الرئيسيَّة.

المُغالطة البهلوانيَّة:

يتعمَّد الشخص الذي يستخدم هذا النوع من المُغالطات على تبسيط وتسفيه وجهة نظر الخصم حتى تُصبح حُجة الخصم جوفاء، ثم يبدأ هو في مهاجمتها.

مثال: الأشخاص الذين يُعارضون الحد الأدنى والأقصى للأجور، يكرهون الفقراء.

استخدم المُتحدِّث في هذا المثال أسوء الأمور لتسفيه وجهة الرأي المُعارضة له، وذلك بإثارة الرأي العام ضدَّه، ثم يضمن تمرير رأيه الصحيح فقط.

المُغالطة الأخلاقيَّة:

يقوم المُتحدِّث باستخدام هذه المُغالطة لتجسيم وتعظيم الأخطاء التي يقع بها الخصم، فتُصبح الأخطاء الصغيرة بمثابة أمور وآثام عظيمة.

مثال: الشخص الذي قام بتجاوز إشارة المرور، قام بفعلٍ مُشابه بما قام به هتلر.

نرى هنا مُقارنة غير عادلة وغير مُنصفة بين شخصين، كُلٌّ منهما اقترف ذنبًا يختلف في أسبابه ونتائجه عن الآخر ومع ذلك تمَّ تشبيههما ببعض.


  • إعداد: مازن عماد.
  • تدقيق: هبة فارس.
  • تحرير: ندى ياغي.
  • المصدر