وفقًا لدراسة قام بها فريق دوليّ من الباحثين فإنّه يمكن تقليل المخاطر الصحيّة الناجمة عن الجلوس لثمان ساعات في اليوم -سواءٌ أكانت في العمل أو في المنزل أو عند السفر لمسافات طويلة-بواسطة ساعة أو أكثر قليلًا من الفعالية الجسدية في اليوم.

وُجد في دراسةٍ أُجريت في عام 1953 أن سائقي الحافلات في لندن أكثر عرضةً للإصابة بأمراض القلب مقارنةً بالجُباة، كما وجد العلماء أدلةً متزايدةً على أنّ قلة الفعاليات الجسدية هي السبب الرئيس والأخطر للعديد من الأمراض. وتعتقد دراسة جديدة بزيادة خمسة ملايين شخصٍ أكثر من كل عام يموتون في العالم نتيجةً لعدم القيام بكمية الفعاليات الجسدية المُوصى بها يوميًا.

وتقترح الدراسات التي أجريت في البلادِ العاليةِ الدخل أنّ البالغينَ يقضون أغلب ساعات عملهم جلوسًا.

فيتضمن الروتين اليومي بالنسبة للكثير من الأشخاص في قيادتهم السيارة إلى العمل أو الجلوس في المكتب أو قيادتهم السيارة إلى المنزل ومشاهدة التلفاز.

النشاط الجسدي الموصى به حاليًا هو قيام البالغ بما مجموعه ساعتان ونصف من الفعاليات الجسدية المتوسطة الصعوبة في الأسبوع.

تساءل فريق من الباحثين الدَّوْليّين، في تحليلٍ نُشِر في مجلة (The Lancet) والذي تناول عددًا من الدراسات الموجودة، فيما إذا كان الفرد نشِطًا بما فيه الكفاية، هل يمكن لذلك أن يقلل أو حتى يجنب الفرد الوفاة المبكرة المرتبطة بالجلوس؟

حلَّل الباحثون ما مجموعه ست عشرة دراسة، تضمنت معلومات عن أكثر من مليون رجل وامرأة.

قسّم الفريقُ الأفرادَ إلى أربع مجموعات اعتمادًا على مستوى الفعاليات الجسدية المتوسطة الصعوبة، تتراوح بين: أقل من خمس دقائق في اليوم في أدناها، وستين دقيقة في أقصاها.

عُرِفت التمارين المتوسطة بأنها تلك التي تعادل -على سبيل المثال-المشي بسرعة 3.5 ميلٍ في الساعة أو قيادة الدراجة بسرعة 10 أميالٍ في الساعة.

وجد الباحثون أنّ ممارسة التمارين المتوسطة الصعوبة لمدة تتراوح بين 65 إلى 70 دقيقة في اليوم كانت كافيةً لتجنّب الخطر المتزايد للوفاة المبكرة المرتبط بالجلوس لأكثر من ثمان ساعات في اليوم، على كلٍّ فشل ثلاثةٌ من كل أربعة أشخاص في الدراسة في الوصول إلى هذا المستوى من الفعالية اليومية.

كان خطر الوفاة المبكرة الأكبر لهؤلاء الذين لم يكونوا يقومون بأيّ نشاطات جسدية، بغض النظر عن الوقت الذي يجلسون فيه -كانوا أكثر عرضةً للموت مبكرًا بنسبة تتراوح بين 28% و59% مقارنةً بأولئك الذين كانوا أكثر نشاطًا- ممّا يشكل خطرًا يشابه خطر التدخين والسمنة.

بمعنى آخر، قلة النشاط الجسدي يشكل خطرًا أكبر من الجلوس لفترات طويلة.

يقول البروفيسور أولف إيكيلوند من وحدة الإحصاء في مجلس البحث الطبي في جامعة كمبردج: «كان هناك الكثير من القلق حول الأخطار الصحية المرتبطة بنظام الحياة اليومي الذي يتميز بقلة أو انعدام الفعالية الجسدية» وتابع: «رسالتنا هي رسالة ايجابية: يمكن تقليل-أو حتى تجنب-هذه الأخطار إذا كانوا نشيطين بما فيه الكفاية، حتى دون الاضطرار إلى القيام بالرياضة أو الذهاب إلى النادي».

ويقول إيكيلوند: «هنالك الكثيرون الذين ينتقلون إلى العمل عن طريق وسائل المواصلات ويمتلكون أعمالًا مكتبية، لذلك فلا مهرب لهم من الجلوس لفترات طويلة.

لهؤلاء الأشخاص تحديدًا، لا نستطيع أن نقلل من أهمية التمارين لهم، سواءً أكانت بأخذ جولةٍ وقت الغداء أو الركض صباحًا أو الذهاب إلى العمل بالدراجة.

ساعةٌ واحدةٌ من الفعالية الجسدية في اليوم مثالية بالنسبة لهؤلاء، ولكن إذا لم يستطيعوا تدبير هذا فإنّ القيامَ ببعضِ التمارينِ كل يومٍ صباحًا يمكن أن يساعدهم في تقليل الخطر».

ويعترف الباحثون أن هناك قيودًا على البيانات التي حُلِلَت، والتي تأتي بصورة رئيسة من مشاركين بعمر خمسةٍ وأربعين عامًا فأكثر، ويعيشون في أورُبّا الغربيّة والولايات المتحدة وأستراليا.

كما يعتقد الباحثون أنّ نقاط القوة في التحليل تفوق هذه القيود.

يبقى الأمر الأكثر أهميةً، أن الباحثين طلبوا من كل الدراسات المشمولة بأن يُعاد تحليلها بصورة أكثر تنسيقًا، الطريقة التي لم تعتمد سابقًا لدراسةٍ بهذا الكمّ ولذا فإنّ هذا أيضًا يعطي تأثيرًا أقوى بكثير مقارنةً بالدراسات السابقة.


  • ترجمة: فاطمة الطريحي
  • تدقيق: عبدالله الصباغ
  • المصدر