دراسة تشير إلى أن التدخين يجعل النساء أكثر عرضة لنزف الدماغ


في دراسة جديدة نُشرت في مجلة «ستروك-Stroke» وجدت أنَّ المُدخنين -النساء خاصةً- أكثر عُرضةً للإصابة بالنّزف في بطانة الدماغ والذي يُعرف بالنّزف تحت العنكبوتي (subarachnoid hemorrhage)، مقارنة بغير المُدخنين.

والنّزف تحت العنكبوتي هو شكلٌ من السكتة المُميزة بنزف في الحيِّز تحت العنكبوتي من الدماغ (المنطقة الواقعة بين الدماغ والأنسجة المُحيطة به).
وفي حين أنَّ النّزف تحت العنكبوتي نادر، بنسبة 3% تقريبًا من كل السكتات، لكن يُمكن أن يكون له نتائج جديَّة خطيرة تُسبِّب الشلل والغيبوبة والموت.
الأعراض الأولى للنزف تحت العنبكوتي هي صُداع شديد مُفاجئ، ويحدث هذا غالبًا في مؤخرة الرأس. كما تتضمن الأعراض الأخرى القلق وتغيُّرات في المزاج والشخصيَّة واضطراب العين في استجابتها للضوء الساطع.
وهذه الحالة شائعة أكثر بين النساء منها بين الرجال، وأسباب ذلك ليست واضحة.

أمَّا الآن، وفي دراسة أجريت في جامعة «هيلسينكي-Helsinki» في فنلندا، يقول عميدها الدكتور جوني فلاديمار ليندبومDr. Joni Valdemar Lindbohm)) هو وزملاؤه أنَّ نتائجهم تُشير إلى أنَّ التدخين يُمكن أن يزيد من عُرضة النساء للنّزف تحت العنكبوتي.
وللوصول لهذه النتائج، قام الباحثون بتحليل بيانات لـ 65,521 شخصًا راشدًا، ومتوسط أعمارهم 45 سنة. وقد تمّ فحصهم خلال الفحوصات الوطنيَّة الفنلنديَّة، ابتداءً من عام 1972. وكان أكثر من نصف المُشاركين من النّساء.
وفي تلك الفحوصات، يتمّ ملء عدد من الاستبيانات الصحيَّة والتقييمات الفيزيائيَّة. وقد اهتمّ الدكتور ليندبوم وزملاؤه بشكلٍ خاص بالمواضيع المُتعلقة بحالة التدخين وورود نزف تحت عنكبوتي.
كما وتمّت مُتابعة المُشاركين بتلك الفحوصات لمدة 21 عامًا بشكل متوسط، بدءًا من الدراسة الأساسيَّة. وقد بقيت المُتابعة مُستمرة حتى 31نهاية العام 2011 أو حتى أصيب الأشخاص بسكتتهم الأولى أو ماتوا.
الإناث المُدخنات مُعرَّضات للإصابة بالنّزف تحت العنكبوتي أكثر بـ 8 مرَّات مُقارنةً بغير المُدخنين، فقد وجد الباحثون أنَّ المُدخنين كانوا أكثر عُرضةً للإصابة بنزف تحت عنكبوتي. وكُلَّما زاد عدد السجائر اليوميَّة للمُدخنين، زادت نسبة خطر الإصابة، ونسبة الخطر على النّساء أكثر بنحو أسوأ من الرجال.
ومن بين المُدخنين بشكل خفيف -المعروف بأنَّهم يُدخنون بين 1 إلى 10 سجائر يوميًا- الرجال كانوا أكثر عُرضة للإصابة بالنزف بـ 1.93 مرَّة من غير المُدخنين، بينما النساء كانوا أكثر عُرضة بـ 2.95 مرَّة.
أمَّا المُدخنين بحدود 11 إلى 20 سيجارة يوميًا، فكان الرجال عُرضة للإصابة بالنّزف تحت العنكبوتي بـ 2.13 مرَّة أكثر من غير المُدخنين. بينما كان خطر الإصابة لدى النساء أكثر بـ 3.89 مرَّة.
والنساء اللواتي يُدخّنَّ بين 21 إلى 30 سيجارة في اليوم، كُنَّ أكثر عُرضة للإصابة بـ 8.35 مرَّة بالنّزف تحت العنكبوتي من غير المُدخنات، في حين أنَّ الرجال الذين يدخنون بين 21 و30 سيجارة يوميًا كانوا أكثر عُرضة للإصابة بـ 2.76 مرَّة.
وهذه النتائج، كما قال مؤلفو البحث، يُمكن أن تُساعد على شرح لماذا النّزف تحت العنكبوتي أكثر شيوعًا عند النساء من الرجال.
ويقول ليندبوم: «تمّ توصيف الجنس الأنثوي كعامل خطر مُستقل للنّزف تحت العنكبوتي، لكنَّنا وجدنا دليلًا قويًا على أنَّ الخطر المُتزايد للإصابة عند النساء تمَّ فهمه بسرعة التأثُّر بالتدخين. كما وتُشير نتائجنا إلى أنَّ عوامل الخطر هي العمر والجنس ونمط الحياة، وهي تلعب دورًا حرجًا في توقُّع أي من المرضى في خطر النّزف تحت العنكبوتي، وتُؤكِّد أهميَّة الاستراتيجيات الفعَّالة للتوقُّف عن التدخين».

الإقلاع عن التدخين يُمكن أن يُقلِّل من خطر الإصابة بهذا النّزف
لا يقتصر مقالُنا هذا على الأخبار السيئة فقط، فقد وجد الباحثون أنَّ الإقلاع عن التدخين يُمكن أن يكون له أهميَّة في تقليل خطر الإصابة بالنّزف تحت العنكبوتي.
وقد أفادت نتائج التحليل بأنَّ النّساء والرجال الذين أقلعوا عن التدخين لمدة 6 أشهر على الأقل كان لديهم خطر الإصابة بالنّزف تحت العنكبوتي بنفس نسبة الخطر عند غير المُدخنين.
ويقول الدكتور ليندبوم: «ليس هُناك مرحلة أمان للتدخين، فبشكل طبيعي الخيار الأفضل هو عدم البدء. على أية حال، يُمكن للإقلاع عن التدخين أن يُقلِّل من خطر الإصابة بالنّزف تحت العنكبوتي عند كِلا الجنسين».
كما ويعترف مؤلفو البحث بأنَّ هناك بعض التحديدات الأخرى الداخلة في الدراسة، على سبيل المثال، أشاروا إلى أنَّ كمية جُرعات الكحول عند هؤلاء الأشخاص واستخدام أدوية الضغط الدمويّ أو وجود نسبة كوليسترول مُرتفعة، يُمكن أن يؤثروا على النتائج. ولكنَّهم مازالوا واثقين بأنَّ نتائجهم هذه تُلقي الضوء على أهميَّة التوقُّف التام عن التدخين من أجل تقليل الخطر على الحياة بشكلٍ فعلي.


إعداد: مصطفى بجود
تدقيق: هبة فارس
المصدر