هل قدرتنا على الإختيار ناشئة عن تذبذبات عشوائية في الدماغ؟

قدراتنا على اتخاذ القرارات قد تكون نابعة من نشاطات تذبذبية عشوائية في الساحات الخلفية من أدمغتنا. هذا هو ما تزعمه دراسة جديدة. هذه الدراسة بينت كيف أن النشاطات الاعتباطية في الدماغ قادرة على التأثير على القرارات الواعية والظاهرة للأفراد.

الدماغ كما نعلم مكون من خلايا عصبية و عصبونات تتصل فيما بينها كهربائياً .وفقاً لدراسة أتمها قسم الدماغ والعقل في جامعة كاليفورنيا ,فان هذه النشطات الكهربائية مليئة بالتشويشات الكهربائية التي من الظاهر أنها السبب فيما يسميه العلماء و الفلاسفة بالإرادة الحرة (free will).

كيف نتصرف بشكل مستقل عن مبدأ “السبب والنتيجة”؟ هو السؤال الذي انطلق منه هذا البحث كما يقول الدكتور جيسي بينجسون (Jesse Bengson) و هو الكاتب الرئيسي لهذا البحث. يقول بيجنسون أن الدماغ يمتلك نشاط تشويشي بمستوى اعتيادي دائماً و هو ناتج عن أنماط التذبذبية الكهربية في الدماغ. الدراسة الجديدة هذه ,بينت امكانية التنبأ بالقرارت الأفراد قبل قيامهم فعلياً باتخاذ هذه القرارت و بفارق زمني ضئيل بناءاً على رصد الأنشطة الدماغية هذه.

برينجسون قام باجلاس المتطوعين للدراسة أمام شاشات حاسوب و طلب منهم تركيز انتباههم على الشاشات و بهذه الاثناء قام بوصل جهاز تخطيط أمواج الدماغ(EEG)* على رأس كل متطوع ليقوم بمتابعة و تسجيل ما في أدمغتهم من أنشطة كهربائية أثناء التجربة. تم توجيه المتطوعين الى اتخاذ القرار بالنظر الى يمين او يسار الشاشة عندما تظهر لهم اشارة على الشاشة تُعلِمهم بالبدء بالنظر أين ما يرغبون , الى اليمين أو اليسار. الاشارة هذه تظهر بشكل عشوائي ولا يمكن للمتطوعين التنبأ باللحظة التي سوف تظهر.
وجد الباحثون ظهور لأنماط أنشطة في الأدمغة قبل ثانية أو ما يقارب قبل ظهور الاشارة على الشاشة, أي قبل ثانية من أن يعلم المتطوعون أنهم على وشك اتخاذ قرار بالنظر الى يمين أو يسار الشاشة.

“وضع الدماغ قبل تقديم الاشارة للمتطوع يحدد القرار الذي سوف يتخذه المتطوع و بشكل اعتباطي للنظر الى اليمين أو اليسار”, على حد تعبير بينجسون.

التجربة هذه مبنية على تجربة تعود للسبعينيات نفذها بنيجامين ليبِت (Benjamin Libet) وهو عالم نفس في جامعة كاليفورنيا,سان فرانسيسكو. و قد كان أن وجد ليبِت أنشطة دماغية عند المتطوعين في تجربة مشابه قبل افصاح المتطوعين عن اتخاذهم لقراراتهم. يقول بينجسون أن تجربة ليبِت اعتمدت على افصاح المتطوعين عن حقيقة أنهم اتخذوا القرارات. بينما في التجربة الحديثة هذه , و كونها مبنية على عشوائية ظهور الاشارة , فان القرارت لا تكون مبنية عند المتطوع مسبقاً , أي انه لا يمتلك الزمن لبناء نية في ذاته على النظر لليمين أو اليسار , بل فور ظهور الاشارة على الشاشة يتصرف عفوياً . العفوية هذه نابعة من الوضع العام للنشاطات الكهربائية المشوشة في دماغ المتطوع في اللحظات التي سبقت ظهور الاشارة.

جدير بالذكر أن تجربة ليبِت تسببت في تسخين الحوارات العلمية و الفلسفية الساخنة حول منابع الارادة الحرة عند الانسان. صاحب التجربة الجديدة يقول بأن تجربته تبين كيف أن “الضجيج الدماغي” للانشطة الكهربية في و بين مئات مليارات الخلايا قد تكون افتتاحية “الارادة الحرة” . و يعقب ” انها تدخل تأثيراً عشوائياً يحررنا من مبدأ البسيط لل”السبب و النتيجة”.

التجربة و البحث الذي دعما من قبل المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة ,كان قد تم نشره في دورية علم الأعصاب الادراكي (Journal of Cognitive Neuroscience).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* جهاز تخطيط أمواج الدماغ ((Electroencephalography,EEG: جهاز بأقطاب عديدة يقوم بتسجيل النشاطات الكهربية على الامتداد الكامل لفروة الرأس ,عن طريق قياس التذبذبات في فرق الجهد الناتجة عن حركة التيار الكهربي داخل الخلايا العصبية.


Story Source

The above post is reprinted from materials provided by University of California – Davis. Note: Materials may be edited for content and length

 Read More